دراسة لـ «الشؤون» تكشف مشكلات تواجه المعاقين سمعياً في بيئة العمل

الأداء المهني للإناث الصمّ أعلى مــن الذكور

التكيّف مع المحيط الوظيفي أبرز صعوبات المعاق سمعياً في مكان العمل. تصوير: ساتيش كومار

كشفت دراسة ميدانية أعدتها إدارة رعاية وتأهيل المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية في دبي، أن مستوى الأداء المهني العام للموظفات الإناث، ذوات الإعاقة السمعية، أعلى من أداء نظرائهن الذكور، الأمر الذي يثبت أن لدى المصابات بالصمم القدرة على التفوق في مجالات عملهن والتغلب على الإعاقة، على الرغم من المعوقات والقيود الاجتماعية التي تفرضها معظم الأسر الإماراتية.

وأظهرت الدراسة التي بحثت مستوى أداء الموظفين من ذوي الاعاقات السمعية العاملين في القطاعين الحكومي والخاص في الدولة، والبالغ عددهم 75 معاقا (عينة البحث) عن وجود مشكلات تواجههم في بيئة العمل، منها صعوبات التواصل مع الزملاء والمراجعين وتدني الرواتب وقلة الترقيات والحوافز بسبب تدني مستواهم التعليمي، إضافة إلى عدم إخضاعهم لبرامج التطوير المهني.

وقال الباحث والاخصائي النفسي في إدارة رعاية وتأهيل المعاقين في الوزارة روحي عبدات، إن الدراسة سعت إلى معرفة مستوى أداء الموظفين ذوي الإعاقة السمعية في أماكن عملهم، ومعرفة تأثير المتغيرات المرتبطة بجنس المعاق، وقطاع عمله، وطبيعة العمل، وسنوات الخبرة، والإمارة التي يعمل فيها على مستوى أدائه الوظيفي.

كما حرصت على تقييم الموظفين ذوي الإعاقة السمعية في مجالات الأداء المهني والمجال الشخصي، من خلال طريقة تعاملهم مع الآخرين، والتواصل مع المراجعين، والتكيف مع بيئة العمل، والالتزام بالأنظمة والتعليمات.

وتابع عبدات أن الدراسة طبقت على الصم الذين وظفوا عن طريق المؤسسات والمراكز العاملة في مجال توظيف المعاقين في الدولة، ويعمل34 موظفا منهم في دبي و24 في أبوظبي، وتسعة في رأس الخيمة وثمانية في الشارقة.

وهم موزعون على الجنسين، إذ يبلغ عدد الذكور 49 والإناث و،26 ومعظم عينة البحث يعملون في وظائف حكومية، ويؤدون أعمالا إدارية مساعدة، ولا تتجاوز سنوات الخبرة من سنة إلى خمس سنوات.

وأكد عبدات أن مستوى الأداء المهني للموظفين الصم مرتفع بشكل عام، بحسب نتائج الدراسة، التي تعزو ذلك إلى أن الموظفين الصم وضعاف السمع قادرون على المنافسة في سوق العمل، إذا توافر لهم التدريب والإعداد المناسب، وسمح لهم بتنفيذ الواجبات والمهام ذاتها التي ينفذها زملاؤهم، كما أن مستوى الأداء المهني العام للموظفات الإناث من ذوات الإعاقة السمعية يعد الأعلى مقارنة بالموظفين الذكور، مضيفا أن سنوات خبرة الموظف الأصم تسهم في تحسين مستوى أدائه المهني، أما في بدايات عمله، فيواجه معوقات تتطلب منه المتابعة والتأقلم مع بيئة العمل، لمواجهتها ورفع مستوى تكيفه معها وتحسين الكفاءة الإنتاجية له، من خلال تراكم الخبرات المهنية.

وأظهرت الدراسة أن مستوى الأداء المهني للموظفين العاملين في القطاع الحكومي أعلى من أداء العاملين في القطاع الخاص، بسبب قلة أعداد الموظفين الصم الملتحقين بالقطاع الخاص، جراء إقبال المؤسسات الحكومية على توظيف ودمج المعاقين، كما أن أداء الصم في المهن الإدارية المساعدة أعلى من المهن التقليدية، خصوصاً أن عدد الذين يزاولون الأعمال التقليدية من الصم محدود، لاسيما أن الأصم يعد مواكبا لمتطلبات سوق العمل، وما تفرضه على الموظف من ضرورة توافر مهارات التقنية الحديثة والقيام بالأعمال الإدارية المساعدة كالطباعة وإدخال البيانات والأرشفة والسكرتارية، وهي مهن لا تتطلب التواصل المباشر مع الجمهور، ولا تعتمد بشكل كبير على استخدام اللغة الشفهية أثناء العمل. وأوضح عبدات أن «نتائج تقييم أداء الموظفين الصم بحسب الأبعاد الفرعية، بينت أن الأصم أكثر التزاما بالأنظمة والتعليمات، وذلك لرغبته في إثبات ذاته أمام الآخرين، وحرصه على ترك انطباعات جيدة عند مسؤوليه وزملائه والمراجعين، كما أنه يمتلك قدرات مهنية من شأنها تحسين أدائه المهني، وتفعيل قدرته على الإنتاج والقيام بالأعمال مقارنة بزملائه، لافتاً إلى أن الموظف الأصم يفتقد التواصل مع الآخرين في بيئة العمل، خصوصاً أن آليات التواصل والتفاهم التي يستخدمها الأصم، كلغة الاشارة وقراءة الشفاه، لا يتقنها الآخرون من زملائه والمشرفين، إلا أن الأصم يمتلك سمات إيجابية من شأنها الإسهام في تحقيق التواصل، منها التأقلم مع بيئة العمل، والقدرة على استيعاب التعليمات بسهولة، إضافة إلى تحمل ضغوط العمل.

وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات، منها الإعداد والتأهيل المهني للأصم قبل توظيفه بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل والتطورات الحاصلة عليها، وإلحاق الموظفين الصم بدورات الحاسب الآلي واللغة الانجليزية، والسعي من أجل تطويرهم مهنياً، وتنظيم دورات للكادر الوظيفي في التعامل مع الصم وأساسيات لغة الإشارة. وأوصت بفتح المجال أمام الصم من الاناث للالتحاق بالوظائف المناسبة، وتوعية الآباء بقدراتهن وإمكاناتهن، والتعامل مع توظيف الصم على أنه حق مشروع، وتطبيق لحق المساواة في العمل.

تويتر