عن قريب
يوسف فولاذ في مواجهة «ضد مجهول»
عندما صدح صوته مكبراً «الله أكبر.. الله أكبر» في أرجاء قاعة محكمة الجنايات في دبي، تأثر الحضور واغرورقت أعين آخرين بالدموع من شدة وجهورية حنجرته، راغباً في إقناع هيئة المحكمة بتوقيع عقوبة الإعدام بحق قاتل «طفل العيد» الذي أزهق روح موسى، بالتزامن مع نفرة الحجيج وبزوغ يوم عيد الأضحى.
هو رئيس نيابة ديرة في دبي المستشار يوسف فولاذ، الذي تسلم القضية من بدايتها في نوفمبر عام ،2009 وحتى تحقيقه وفريقه فيها نتيجة نجاح بنسبة 100٪، وهي «إعدام القاتل» الذي تحقق قبل نحو أسبوعين، في قضية لم تتجاوز مدة تحقيقات النيابة فيها أسبوعاً واحداً، أُحيل بعدها المتهم إلى القضاء لمحاكمته.
وكأول رئيس نيابة يتم تكريمه من قبل قاضٍ، كان ذلك تثميناً لمرافعته تلك، إذ سلمه القاضي فهمي منير ـ رئيس الجلسة ـ شهادة التكريم. يحرص فولاذ على تشجيع أعضاء النيابة التي يترأسها، ويبث فيهم روح الحماس، ويلتقيهم قبل أو بعد نهاية الدوام الرسمي لفتح باب النقاشات والحوار في ما بينهم، فمبدأه في العمل هو الاستفادة الدائمة من رأي ومشورة أي موظف، وإن كان يصغره سناً. وفي المقابل لا يبخل عليهم بسنوات خبرته الطويلة في العمل النيابي.
لفولاذ أسلوب خاص في التحقيق، وفق رأي كل من حضر تحقيقاته من أعضاء النيابة، علاوة على الحدس الذي لابد أن يتمتع به أي محقق يستشعر الصدق والخطر وغيرهما.
انتقل فولاذ إلى مسارح جريمة عدة في مسيرته المهنية التي تجاوزت الـ17 عاماً، بدأها وكيل نيابة، إذ حضر مختلف أنواع القضايا من جنح وجنايات كبرى، كالقتل والسرقات والاعتداءات والاغتصابات.
ومع شدّة تحمله يجد نفسه ضعيفاً أمام الضحايا من الأطفال، فيطالب بإيقاع أقصى عقوبة بحق منتهكي طفولتهم، كقضية «طفل العيد»، وقضية استدراج سائق لطفلين إلى مقر عمله والاعتداء عليهما جنسياً، إذ طالبت نيابته بإعدام المتهمين، إضافة إلى قضايا عدة.
وأكثر ما يؤرقه ويقضّ مضجعه أن تقيّد قضية ما ضدّ مجهول، فلا يهنأ له بال، إذ يبحث فيها ويفتح أبواباً مغلقة علّه يجد مرتكب الجُرم.
يولي فولاذ اهتماماً خاصاً بطلبة القانون، الذين يفدون إلى النيابة العامة للتدريب، أو الاطلاع على آلية العمل، واكتساب الخبرة من أعضاء نيابة دبي، فيمنحهم الوقت الكافي، ولا يبخل عليهم بمعلومات قانونية، ونتاج خبرته النيابية في التحقيق، لأنه يتذكر كيف كان يشغف بالتعلم ممن هم أكبر منه خبرة في السلطة القضائية، عندما كان طالباً على مقاعد الدراسة.
«النيابة خصم للمتهم، ولكنها خصم حيادي» جملة يرددها فولاذ، ليسكت من يشكك في حيادية النيابة، ويظن أنها تقف في الاتجاه المعاكس للمتهم، ويرى أن المحقق يقف بجانب المتهم ويمنحه كل حقوقه، وإن وجد مخرجاً له فلا يتأخر في إخلاء سبيله، وحفظ القضية لأسباب ما أوردها المشرّع الإماراتي.
سرية التحقيقات من شروط عمله، فهو لا يبوح بها لأي أحد، طالما لاتزال في النيابة العامة، وبعد إحالة القضية يصرّح بما فيها من فائدة تعم على أفراد المجتمع، كقضية اللحوم الفاسدة، والمتاجرة بالمنشطات الحيوانية في كمال الأجسام.
تم تكريم فولاذ في مناسبات عدة في النيابة العامة، منها جائزة قائد الفريق المتميز العام الماضي، وآخرها شهادة ترؤسه الفريق المتميز الأربعاء الماضي في حفل النيابة السنوي «رواد التميّز».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news