أمّهات يطالبن بحل مشكلة تأخر زواج بناتهن
أثار التقرير الرسمي الصادر عن مركز البحوث والإحصاء، الخاص بوصول نسبة زواج المواطنين بأجنبيات إلى 20٪ من إجمالي عدد زيجات عام ،2010 ردود فعل واسعة بين الأمهات والفتيات والشباب، على منتديات الإنترنت والمجموعات النسائية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وأكد المشاركون في النقاشات أنها ظاهرة خطرة ظهرت منذ فترة طويلة، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى أي حل لها، وطالبت أمهات بحل مشكلة تأخر زواج بناتهن.
وشكت العديد من الأمهات تأخر سن الزواج بين بناتهن، ووصل العديد منهن الى مرحلة «العنوسة»، فيما أبدت الفتيات المشاركات في النقاش انتقادات شديدة لطريقة تفكير الشباب وتمسكهم باختيار شريكة حياة ذات مواصفات خارجية تتعارض مع المواصفات الإماراتية، والابتعاد عن المضمون الجوهري للفتاة، واصفين ذلك بالسطحية والامبالاة.
في المقابل، شارك شباب عدة في النقاشات والتعليق على الموضوع، عازين مشكلة الزواج بالاجنبيات، او العزوف عن فكرة الزواج نفسها الى تعنت ذوي الفتيات وتمسكهم بشروط صعبة تفوق قدرة شباب في مقتبل الحياة على تنفيذها.
وأكدت فتاة، في مجموعة «الزوج الصالح»، أن المشكلة لم تعد تقتصر على الزواج بأجنبيات فقط، لأن العديد من الشباب أصبح قادراً على إقامة علاقات مفتوحة مع فتيات أجنبيات تتفاوت في عمقها وطبيعتها، فشعروا بعدم الحاجة الملحة إلى الزواج، وتالياً أرجأوا فكرة الزواج قدر استطاعتهم، لأنهم يعلمون أن المجتمع يقبل أن يتزوج الرجل مهما كانت سنه بفتاة صغيرة حينما يشاء، في حين ينظر بتوجس لفتاة يتأخر زواجها، أو تتزوج بمن هو أصغر منها.
وعلى مجموعة «يا ناس أريد أن أتزوج»، الذي أكدت القائمة عليه ضرورة مشاركة الفتيات به بأسماء مستعارة للحفاظ على سمعتهن، أجمعت العديد من الفتيات المشاركات في المجموعة على أن عزوف الشباب عن الزواج يعود إلى أسباب عدة أولها الانفتاح على العالم بصورة واسعة ومحاولة تقليد النموذج الغربي، إضافة إلى أن الكثير من الفتيات يرفضن الزواج عقب إتمام الدراسة مباشرة رغبة منهن في إثبات تفوقهن العلمي أو العملي، سواء باستكمال الدراسات العليا، أو العمل في مواقع مرموقة في الدولة، فيما أكدت مشاركة في مجموعة «مواطنات شامخات»، أنها لا تريد الزواج لأنها لم تعثر بعد على شريك حياتها المناسب، مشيرة الى أن الزواج بمفهومه السلطوي موجود بكثرة، لكنها تبحث عن شريك حياة يقدر اهتماماتها ويفهمها، وهذا ما لم تعثر عليه بعد، وقالت أخرى، «أن أعيش وحيدة خير من العيش مع زوج سيئ، أو غير متفاهم».
وفي مجموعة «مرآة المجتمع» طالبت العديد من الفتيات بتغيير نظرة المجتمع للفتاة التي لم تتزوج، وحذف لفظ العنوسة من القاموس اللغوي، لما يمثله من إهانة بالغة لهن، ويشرحن في تعليقات كثيرة كيف يؤثر هذا اللفظ في نفسياتهن ويجعلهن محاصرات بالهم والقلق، ليس لعدم الزواج، ولكن لنظرة المجتمع وقسوته عليهن.
واشتكت العديد من الامهات على منتدى «سيدات الإمارات» تأخر سن زواج بناتهن وأن العديد من البيوت أصبح بها اكثر من فتاة تقدم بها العمر ولم تتزوج حتى الآن، ما يفاقم المشكلة، وأشار بعضهن الى أنهن لا يجدن طريقة يفصحن بها عن هذه المشكلة التي تؤرق الكثير من البيوت، لأن المجتمع ينظر للحديث عن هذا الموضوع نظرة سلبية تتعلق بالشكل الاجتماعي، وأنها أسرار بيوت لا يجب الحديث فيها.
فيما أكدت العديد من الامهات أنهن يقدمن بناتهن للمجتمع المحيط بهن بطرق سلمية مثل الظهور في المناسبات الاجتماعية سواء كانت أفراحاً أو حتى مأتم، لأن هذه المناسبات هي المنافذ الشرعية الوحيدة المتاحة للتعارف بين الأهل والمحيط المجتمعي، مطالبين الدولة بضرورة توفير حلول لمشكلة «عنوسة» بناتهن.
وكشفت بعض مداخلات الفتيات على منتدى «دموع الإمارات» أن العديد منهن يرفضن الزواج لأنهن مسؤولات عن أسرهن ويعتبرن العائل الاساسي لها، ويقف خوفهن على مستقبل اخواتهن عائقاً امام قبولهن الزواج، خوفاً من انقطاع العائد المالي لأشغالهن الذي يعتبر الدخل الأساسي لأسرهن.
من جانبه، علق الشاب راشد القايدي، قائلاً إن ارتفاع قيمة المهور هو ما أشعل كلفة الزواج في الدولة، خصوصاً أن تنافس العائلات في رفع قيمة المهر دليل على مكانة العائلة في المجتمع، والنتيجة ارتفاع نسبة غير المتزوجين من الشباب والفتيات الذين تجاوزت أعمارهم الـ35 بنسبة كبيرة، ولجوء بعض الشباب للزواج بأجنبيات.
فيما أكد تميم المازم أن المهور ليست المشكلة ولكن تكاليف الحياة الباهظة والسعي وراء امتلاك جميع وسائل الرفاهية، وكماليات الحياة جعلا العديد من الشباب الاماراتي يلجأ إلى تأجيل الزواج حتى يتمكن من العمل وتدبير تكاليف الزواج، وهو ما ترتب عليه ارتفاع سن الزواج وانتشار العنوسة، لأن الشاب عندما يبدأ التفكير الجدي في الزواج يبحث عن عروس لا يزيد عمرها عن 20 عاماً. ويقول الطالب مطر الحيسي، اهتمام الفتاة بالتعليم الجامعي والعمل، واحتكاكها بالمجتمع ورؤيتها لأنماط مختلفة من الشباب، جعلها مترددة في الاختيار، ما أدى إلى عدم الإقدام على الزواج بشكل جدي، خصوصاً بعد أن ظن معظم الفتيات أنهن يستطعن الحصول على عريس حسب المواصفات التي رسمنها في عقولهن تماما، ما يؤدي في النهاية إلى ضياع الوقت وتجاوز الفتاة سن الزواج.
من جانبها، أكدت الخبيرة الأسرية، المحاضرة في صندوق الزواج، اعتدال الشامسي، وجود خلل في طريقة تفكير الشباب يؤدي إلى استمرار هذه الظاهرة وزيادتها، مطالبة بضرورة وجود دورات تنشيطية، بين الشباب في المراحل التعليمية الثانوية والجامعية، تعتمد على الدراسات النفسية والاجتماعية والدينية للتوعية بأهمية الزواج بالمواطنات لما يمثله من حفظ للأعراق، ولمستقبل الدولة.
وقالت: يتعين البدء فوراً في تنظيم محاضرات مكثفة لتوعية الشباب بضرورة الارتباط بمواطنات، وان تشمل المناهج الدراسية دروساً عن هذا الموضوع، بجانب طرحه للنقاش والمعالجة بصورة واسعة في وسائل إعلام الدولة، وان تتبنى الدولة مشروعاً يسعى الى ترسيخ ثقافة أهمية زواج المواطنين ببعضهم.