جلسة حوارية تطالب بتعديل قانون العقوبات الخاص بالأحداث وتحذّر من أفلام العنف
مشروع قانون لتنظيــم تداول الأسلحة البيضاء قريباً
تعتزم وزارة الداخلية إعداد مشروع قانون تنظيم دخول وتداول الأسلحة البيضاء في المجتمع، وتشكيل لجنة تضم مختلف الهيئات والمؤسسات ذات الصلة، وذلك إثر تداول الأسلحة البيضاء بين الشباب والمراهقين، وانتشار قضايا الاعتداء بواسطة أسلحة بيضاء، راح ضحيتها الطفل علي محمد، في جريمة قتل «فتى الراشدية» العام الماضي، وعلى خلفية شجار سابق اعتدى عليه مراهقون ووجهوا إليه 11 طعنة بسكين، وكذلك الشرطي سعود راشد، الذي فارق الحياة متأثراً بجروحه، إثر تعرضه لطعنات من عصابة بسلاح أبيض.
جاء ذلك في جلسة حوارية عقدت أمس بعنوان «الشباب والسلاح الأبيض، عادة دخيلة وجريمة محتملة»، وتوصلت الجلسة إلى ضرورة تشكيل فريق عمل لتخطيط حمل السلاح الأبيض، وطالب الحضور بتعديل قانون العقوبات الخاص بالأحداث، وتوعية أفراد المجتمع بعدم حمل السلاح في الأماكن العامة.
7 يعتدون على شاب
استعرضت امرأة عراقية تدعي (أ.س.) معاناة تعرض أحد أبنائها (18 عاما)، لاعتداء سبقه تهديد صريح بواسطة الأسلحة البيضاء، من قبل مجموعة من الشباب الملثمين يبلغ عددهم سبعة أشخاص، عندما كان خارجا من محل سوبر ماركت مقابل لمنزله الواقع في أحد الأحياء السكنية في دبي، وفضلت عدم الافصاح عن أي معلومات يمكن أن تستفز المعتدين الذين لم تتعرف إليهم، وتعرض حياة أبنائها للخطر مجدداً. وقالت لـ«الإمارات اليوم» إن «ابنها الأكبر اعتاد كل يوم، بعد أن ينتهي من مراجعة دروسه، التجول مع أصدقائه في الحي، والوقوف لتناول المثلجات والعصائر، والعودة مجدداً للمنزل قبل الساعة التاسعة مساء، وفي أحد الأيام عاد للمنزل برفقة إمام أحد المساجد القريب من منزلنا، بعد أن تعرض لتهديد من قبل مجموعة ملثمة من الشباب كانوا يحملون أسلحة بيضاء وعصياً وسيوفاً، ويقودون دراجات نارية رباعية، اعترضوا طريقه واتهموه بأنه غلط في حقهم وعليه تحمل ما سيجري له، ولكن إمام المسجد تمكن من حمايته وإعادته للمنزل». وتابعت «بعد يومين من التهديد، وأثناء وجود ابني في سوبر ماركت، اعترضت مجموعة أخرى طريقه وضربوه بواسطة عصا غليظة، تسببت له في كسر بالأنف ونقل على إثرها للمستشفى». وأكدت الأم أنها خشت تكرار الاعتداء على أبنائها، لذلك لم تبلغ الشرطة على الرغم من أن لديها تقريراً طبياً يؤكد وجود كسر في الأنف، مطالبة خلال جلسة «الشباب والسلاح الأبيض»، باستحداث نظام لحماية الضحايا، الذين يبلغون عن تعرضهم للاعتداء، وضمان عدم ثأر المعتدين منهم. |
وتفصيلاً، قال عضو فريق مشروع إعداد قانون الأسلحة البيضاء في وزارة الداخلية، المقدم عيسى سعيد الشامسي، لـ«الإمارات اليوم»، إن الوزارة شكلت لجنة من مختلف الهيئات، لإعداد مشروع متكامل عبارة عن قانون لتنظيم دخول وتداول الأسلحة البيضاء في المجتمع، مؤكداً أن القانون سيركز على أنواع الأسلحة. وتابع أن «القانون الجاري العمل على استحداثه، يصنف الأسلحة بحسب خطورتها وطبيعتها، منها الأسلحة الخطرة جداً والتي يمنع دخولها البلد أصلاً، والأسلحة التي يمكن تداولها وفق شروط محددة، ولكن يجرم القانون تداولها في الأماكن العامة، مثل الملاعب الرياضية ومراكز التسوق وغيرها».
من جانبه، أفاد مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، العميد خليل إبراهيم المنصوري، بأن القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، شكل بعد حادث طفل الراشدية، لجنة مكونة من مجموعة من الضباط والمختصين في الشرطة، لتنفيذ جولات ميدانية في الأحياء السكنية والبحث والتواصل مع أسر الأطفال الذين تورطوا في أوقات سابقة في اعتداءات وجرائم بواسطة السلاح الأبيض، وذلك لضمان توعية الأسر والحد من جرائم السلاح الأبيض، مؤكداً أن «رجال الشرطة بالمرصاد لكل من تسول له نفسه تهديد حياة الأبرياء، أو الاخلال بالأمن العام».
واعتبر المنصوري انتشار الأسلحة البيضاء بين فئة الشباب والمراهقين بـ«الظاهرة» التي طفت على السطح قبل سبع سنوات، وتحديداً بين ما وصفهم بـ«الصيع»، الذين تشبعوا بما شاهدوه من أفلام العنف والضرب، وصاروا يقلدونها في أحيائهم السكنية، فتجد المراهقين يتنقلون بين المناطق وهم يحملون سيوفاً وسكاكين، تحسباً لدخول تحديات ومبارزات قد تنتهي بجرائم.
واقترح المنصوري في الجلسة استحداث لجنة مصغرة لدراسة وضع الأسر التي يتورط أبناؤها في اعتداءات وتوعيتهم، لاسيما أن معظم المتورطين ينتمون إلى فئات معينة (فضل عدم التطرق لها)، لافتاً إلى «أهمية التوصل إلى اجراءات قبل تنفيذ العقوبات، وعزل تلك الفئات، لما قد يتركه من أثر سلبي في المذنب، الذي سيكرر اعتداءاته بعد الانتهاء من معاقبته».
من جهتها، انتقدت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة دبي للتعليم المؤسسي، في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، فاطمة غانم المري، عدم وجود المعلم القدوة في المدارس الحالية والاخصائي الاجتماعي المتمرس، لاسيما مع وقف تعيين اخصائيين منذ نحو خمس سنوات، ما يجعل الاخصائي الحالي يحمل أفكاراً وعقلية قديمتين لا تتناسبان مع الجيل الحديث.
ولفتت المري إلى وجود شرخ في الحوار بين الأسرة والطالب وإدارة المدرسة، الأمر الذي يؤدي إلى استخدام العنف وحمل السلاح بين المراهقين وطلاب المدارس.
وحذرت المري من انتشار ألعاب العنف والقتال بين الشباب والمراهقين، مطالبة الجهات المعنية بحجب مواقع الألعاب الالكترونية على شبكة الانترنت، التي تروج للعنف، وتحرض على القتال وحمل الأسلحة، مشيرة إلى أن الآثار السلبية التي تخلفها المواقع الاباحية لا تقل خطراً عن مواقع ألعاب القتال التي تضر بعقول الشباب.
وقال مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، خالد الكمدة إن التوصيات التي سيحددها المشاركون في الجلسة الحوارية، لن تكون حبراً على ورق، إنما ستدخل حيز التطبيق بمجرد وضعها ومناقشة فاعليتها، وذلك للحد من انتشار الأسلحة البيضاء، وتفاقم الجرائم التي غالبا ما يتورط فيها أطفال ومراهقون. وذكر أن استخدام السلاح الأبيض ظاهرة دخيلة على مجتمع الإمارات، مشيراً إلى انتشارها في الآونة الأخيرة، إذ أن الاختلاف في وجهات النظر قد يتحول إلى جريمة، خصوصاً أن معظم المراهقين يمتلكون أسلحة بيضاء، ويستخدمونها في التعبير عن رأيهم بعنف.
وأشار إلى أن «اللوم يلقى على جميع فئات المجتمع، بما فيها المؤسسات والجهات ذات الصلة، وللخروج من هذه المشكلة على الجميع تكثيف الجهود، والمشاركة في الحد من توسيع مدى انتشار الأسلحة بين الشباب». إلى ذلك اعتبر مدير عام جمارك دبي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، أحمد بطي، أن انتشار السيوف والأسلحة البيضاء بين الشباب «مصيبة يجب اصلاحها بأقل خسائر»، موضحاً أن هناك طلباً متزايداً على أنواع محددة من الأسلحة البيضاء من فئة الشباب.
وتشير الاحصاءات إلى أن جمارك دبي أحبطت محاولة ادخال نحو 900 قطعة من السلاح الأبيض عبر منافذها الحدودية، العام الماضي، ووقوع نحو 15 جريمة بواسطة السلام الأبيض في رأس الخيمة، في ،2009 تورط فيها مراهقون تراوح أعمارهم بين 14 و19 سنة.
ولفت بطي إلى أن «غياب الرقابة والتفكك الأسري وتنوع الثقافات الدخيلة على المجتمع كان له الأثر الأكبر في انتشار ظاهرة الأسلحة البيضاء بين الشباب، خصوصاً مع غياب دور المعلم والمدارس وتشجيع انتشار العنف والقتال بين الشباب، من خلال المواد المعروضة على التلفزيون والأفلام، إضافة إلى ألعاب القتال، التي تعطي تدريباً افتراضياً للقتال وحمل السلاح».
إلى ذلك، استعرض رئيس تحرير صحيفة «البيان» الزميل ظاعن شاهين توصيات جلسة حوارية بعنوان «الشباب والسلاح الأبيض، عادة دخيلة وجريمة محتملة»، قائلاً «توصلت الجلسة إلى ضرورة تشكيل فريق عمل لتخطيط حمل السلاح الأبيض، والمطالبة بتعديل قانون العقوبات الخاص بالأحداث، وتوعية أفراد المجتمع بعدم حمل السلاح في الأماكن العامة وتشديد الرقابة على المدارس ووضع استراتيجية إعلامية للتوعية بأخطار السلاح الأبيض، والمطالبة بتعيين اخصائيين اجتماعيين في المدارس وتنظيم حملات اعلانية في الصحف و(الإنترنت) والتلفزيون، وعمل مسوحات ميدانية شاملة تتولى تنفيذها هيئة تنمية المجتمع للأسر والمدارس، والمطالبة بإيقاف استيراد الأفلام والألعاب التي تولد العنف لدى الأطفال والمراهقين».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news