شيكات «الضمان» تؤدي إلى جرائم مالية
أفاد قانونيون ومصرفيون بأن الشيكات المصرفية التي تحرّر على سبيل «الضمان» تعدّ أداة دين تعرّض أصحابها للمُساءلة القانونية والعقاب، في حال عدم وجود وفاء نقدي لها، لافتين إلى أن متعاملين «دينوا في قضايا مالية، أخيراً، بسببها، إذ لا تعتد المحاكم بالقصد الحسن من وراء تحرير الشيك، ولا تعد صرفه من حامله خيانة أمانة، وإنما تعتبره أداة وفاء».
وقال مدانون في حيثيات قضايا «شيكات الضمان» إن «القصد من وراء تحريرهم شيكات ليس تقديمها للبنوك وصرفها، لأنها حُرّرت على سبيل الضمان، لكن المستفيدين خانوا الأمانة، وأعيدت الشيكات لعدم وجود رصيد يغطي قيمتها، وقدمت إلى المحكمة، على الرغم من عدم توافر أركان الجريمة». في المقابل أكد مستفيدون أنهم «استعملوا حقهم في استخدام هذه الشيكات لاسترجاع حقوقهم المتفق عليها، حينما أخل الطرف الآخر ببنود الاتفاق المبرم بينهم».
وأوضحت المحكمة الاتحادية العليا أن «الغرض من تحرير الشيك لا يؤثر في المسؤولية الجنائية التي تقع على محرّره في حال عدم وجود وفاء له، إذ إن التبرير بتحرير الشيك لأجل الضمان لا يسقط المسؤولية الجنائية».
وتفصيلاً، ذكر المستشار المالي والخبير القانوني، صلاح الحليان، أن «العُرف السائد في المعاملات المالية دأب على اعتماد الشيك أداة ضمان، على الرغم من أن القانون ينفي عنه هذه الصفة، كونه أداة وفاء فقط»، موضحاً أن «البنوك وجهات أخرى تشترط على المستفيد تحرير شيكات على سبيل الأمانة نوعاً من ضمان التزام صاحب العلاقة، وهي بذلك تخالف القانون، كون قيمة هذه الشيكات غير موجودة على أرض الواقع، بمعنى أن من يكتب شيك أمانة مقابل قرض بـ100 ألف درهم، مثلاً، هو في واقع الحال لا يمتلك هذا المبلغ في رصيده، لذا فإن وجود شرط يفرض كتابة شيكات (الضمان) يعد احتيالاً من الطرف الأقوى في علاقة التعاقد».
من جانبه، قال مسؤول في المصرف المركزي إن «الشيكات لا يحكمها قانون المصرف المركزي، بل قانون المعاملات التجارية، ولا يمكن التفريق بين شيك للضمان أو للأمانة أو أية مسميات أخرى دأب العُرف بين المتعاملين على استخدامها».
وحذر المحامي سعيد خوري، من المسؤولية القانونية المترتبة على إعطاء شيك من دون رصيد، وأكد أنه «لا يوجد في القانون ما يسمى بـ(شيك ضمان)، وإنما يعد الشيك أداة وفاء مادام تم تحريره للغير ويستحق الصرف».
إلى ذلك، أكد مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب وزير الداخلية، المقدم الدكتور صلاح عبيد الغول، أن «الأصل القانوني يقوم على اعتبار الشيك أداة وفاء تقوم مقام النقود في المعاملات بين الأفراد، وذلك لسداد قيمة المبلغ الذي حرّر به الشيك بمجرد تقديمه للصرف لدى البنك المسحوب عليه، وليس لأي غرض آخر كضمان السداد وغيره»، وقال: «لذلك فقد منح القانون حماية جزائية للشيك، وقرر عقوبة الحبس والغرامة لمن يحرّر بسوء نية شيكاً ليس له رصيد كافٍ قائم وقابل للسحب، أو استرد بعد إعطائه الشيك كل المقابل، أو بعضه بحيث لا تفي البقية بقيمة الشيك، أو أمر البنك المسحوب عليه بعدم صرفه، أو تعمد تحريره أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه، لذا فإن تحرير أي شيك وتسليمه إلى آخر لغير غرض الوفاء والسداد، كضمان سداد قرض بنكي أو تقسيط دفعات إيجارية، أمر يخالف الطبيعة المفترضة للشيك كأداة وفاء، وليس ائتماناً أو ضماناً». وأضاف: «نظراً إلى ما تلعبه الشيكات من دور بارز في ضمان الائتمان في الإمارات، إذ مازالت هي الوسيلة السائدة لضمان سداد القروض بجميع أنواعها، إلى جانب تأجير العقارات وغيرها من المعاملات التجارية، فقد اتجه القضاء الإماراتي إلى اعتبار أن جريمة إعطاء شيك من دون رصيد تتحقق بتوافر القصد الجنائي العام».
وأظهرت إحصاءات المصرف المركزي أن القيمة الإجمالية للشيكات المرتجعة عام 2010 بلغت 56.1 مليار درهم، تعادل نحو 5.46٪ من إجمالي قيمة الشيكات التي تمت مقاصتها العام الماضي، البالغة قيمتها 1.03 تريليون درهم.