بسبب الإصرار على الطلبات المبالغ فيها.. ومقارنتها بزوجة الأخ وابنة العمّ
شباب وفتيات: الأمهات وراء ظاهرة العنوسة
حمّل شباب وفتيات مواطنون كثيرا من الأمهات المسؤولية عن تأخر سن زواج بناتهن، ووصولهن إلى مرحلة العنوسة، بسبب إصرارهن على توافر شروط مادية صعبة في العريس، وتمسكهن بمظاهر وعادات شكلية، مقابل عدم الاهتمام بالمضمون الجوهري للشاب، وما ينتظره من مستقبل.
وأبدت المشاركات في النقاش، على واجهات مواقع إنترنت اجتماعية، انتقادات شديدة لطريقة تفكير الأهل، والاهتمام بنظرة المجتمع على حساب مستقبل الفتاة، وحقها في الزواج وتكوين أسرة. وأشرن إلى أن الفتيات في كثير من الاحيان يكنّ على استعداد للقبول بأبسط الأشياء، وبدء حياة زوجية سعيدة، يتشارك خلالها الطرفان بناء مستقبلها سوياً.
وتفصيلاً، حظيت المنتديات الاجتماعية على شبكة الإنترنت، والصفحات المتخصصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بنقاشات حادة بين الشباب والفتيات، انتقدوا خلالها تمسك الأسر بمطالب مغالى فيها، لقبول زواج ابنتهم بشاب في بداية حياته العملية.
وأكد سلطان الساعدي، أن أول سؤال عند التقدم لفتاة هو «أنت من أي عائلة؟»، والذي يهدف لمعرفة وضعه المالي، ويليه سؤال: «هل أنت قادر على فتح بيت، وتحمّل مصروفات الزواج؟ وهل ستتحملها بمفردك أم أن الأهل سيساعدونك؟»، ويتناسى هؤلاء أن المجتمع الإماراتي لا يقتصر على الاغنياء فقط، بل يتكون من شرائح وطبقات مختلفة، حاله حال أي مجتمع آخر، فيقدمون المطالب المادية على مميزات الخلق والتدين والعلم، والمستقبل المهني.
وقال أحمد مبارك إن «الأهل يريدون 200 ألف مهرا، و50 ألف درهم ذهبا، وصالة زواج في فندق 5 نجوم بـ150 الفا، وفيلا وسيارة على الأقل، بجانب الشغالة، فكيف لشاب لم يتعد الـ30 عاما من عمره أن يوفر كل هذه الطلبات؟». ويضيف: «عندما يحاول الشاب إفهامهم أنه في بداية حياته، يقولون له أخوها تزوج بأكثر من ذلك، ويدخلونه في دائرة مقارنة مع الأهل والأقارب، ما يشعره بالفقر والضآلة».
وأكد عبدالرحمن الجاسم أن العادات والتقاليد هي السبب الأساسي في عنوسة البنات، «فهي تفرض على الآباء والشباب أن يطلبوا أشياء ليس لها أول ولا آخر، وللأسف كثيرون منهم لا يقدرون ظروف الشاب المتقدم لخطبة ابنتهم، ويصرون على طلباتهم التي لا يستطيع الوفاء بها».
ورأى يونس عفيفي، أن مغالاة الأهالي في الطلبات والتكاليف تؤدي إلى خراب كثير من الزيجات، وتسبب كثيرا من حالات الطلاق في المجتمع، إذ يشعر الزوج بأنه سيظل طوال عمره يسدد ديون زواجه.
ولفت الشاب (أبوحمد) إلى أنه تقدم إلى فتاة من عائلته، لكن أمها أصرت على الرفض، لأن أمه من جنسية آسيوية، مشيراً إلى أنه سافر إلى بلد أمه وتزوج ببنت خاله الحاصلة على بكالوريوس الطب، وأنجب منها، وهو يحيا حياة زوجية سعيدة، فيما لاتزال قريبته عزباء.
وشدد (أبوحمد) على أن «كثيرا من الأمهات يتسببن في عنوسة بناتهن، بسبب رغبتهن في التباهي والتفاخر، على حساب مستقبل بناتهن»، واصفا ذلك بـ«الأنانية والجهل في التفكير، والنظر للأمور نظرة غير عقلانية، أو سليمة».
وطالب كثير من الفتيات بتغيير نظرة المجتمع للفتاة التي لم تتزوج، وحذف لفظ العنوسة من القاموس اللغوي، لما يمثله من إهانة بالغة لهنّ. وشرحن في تعليقات كثيرة كيف يؤثر هذا اللفظ في نفسياتهن، ويجعلهن محاصرات بالهمّ والقلق، ليس لعدم الزواج، ولكن لنظرة المجتمع وقسوته عليهن. وأكدن إصرار الأهل على عدم تزويجهن بتكاليف أقلّ من أخواتهن أو زوجات إخوانهن أو أقاربهن، مشيرات إلى أن المقارنة دائما ما تكون عاملا حاسما في القبول أو الرفض.
وأكدت (فاطمة.ح) أن العادات والتقاليد لم تنصف الفتاة الإماراتية، لأنها أطلقت يد الرجل في الزواج بأجنبيات، فيما قيدت الأسر حرية بناتها، ما زاد من نسبة العنوسة بين المواطنات، مشددة على ضرورة أن يعي المشرع الإماراتي حجم المشكلة بالنسبة للفتاة، ويضع لها قوانين تنصفها.
ولفتت (سناء.ع) إلى أن كثيرا من الأسر تبحث عن زوج صاحب منصب كبير لابنتها، بحجة تأمين مستقبلها، في حين أن التوافق لا يعتمد على المنصب، بل على الخلق، مضيفة أن بعض الأسر تتساهل في المهر، لكنها تغالي جدا في الشبكة، والفرح، وتشترط إقامته في فندق خمس نجوم وبمواصفات باهظة التكليف، لا تقلّ عن 500 ألف درهم، ما يدفع الشباب إلى الزواج بأجنبيات، وتصبح الفتاة المواطنة ضحية أهلها.
من جانبها، طالبت المستشارة الاسرية في مؤسسة صندوق الزواج، عائشة الحويدي، الأمهات والآباء بضرورة التيسير على الشباب، ومساعدتهم على الزواج، وعدم التمسك بطلبات صعبة، لتسهيل زواج بناتهن، ما دام لا يوجد في العريس ما يعيبه، سواء في دينه أم خلقه.
وأكدت الحويدي أن صندوق الزواج نظم كثيرا من الحملات الهادفة إلى تقليل تكاليف الزواج، وقد تأثرت بعض الفئات بهذه الحملات وحدثت استجابة، ونتائج طيبة، لكنها ليست كبيرة، مشددة على أهمية استمرار حملات التوعية بهذا الموضوع.
وقالت: «ليست أم العروس فقط من يغالي في الطلبات، ولكن كثيرا من أمهات العرسان أيضا يبالغن في ما سيقدمه أبناؤهن للعروس، بغرض التباهي والمفاخرة، وينتج عنه تراجع الشاب عن فكرة الزواج، لعدم استطاعته الوفاء بما وعدت به أمه».
وشددت الحويدي على ضرورة إحياء مشروع «توافق»، الذي بدأ في صندوق الزواج منذ فترة، ويهدف إلى ترشيح المواطنين للمواطنات، للتشجيع على الزواج، مطالبة بأن يشارك فيه هذه المرة كل الجهات والمؤسسات المعنية، وعمل قاعدة بيانات بعدد الشباب والفتيات الذين وصلوا إلى سن الزواج، وتشكيل لجنة تتميز بالسّرية للحفاظ على بيانات المتقدمين، وعمل تسهيلات وأشياء تحفيزية لتشجيع زواج المواطنين بمواطنات.
يذكر أن إحصاءات في الدولة كشفت، أخيرا، عن وجود أكثر من 175 ألف فتاة إماراتية لم تتزوج.
وتشير أرقام تقرير رسمي صادر عن مركز البحوث والإحصاء، إلى أن نسبة زواج المواطنين بأجنبيات وصلت إلى 20٪، من إجمالي عدد الزيجات عام ،2010 فيما بلغت نسبة العنوسة 30٪.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news