قراء يتبنون حملة تبرعـــات لإعادة «ريم» إلى «البلوشي»
تفاعل الآلاف من قراء «الإمارات اليوم» مع القصة التي نشرتها «الإمارت اليوم» أول من أمس، عن عثور المواطن محمد سرور البلوشي، (65 عاماً)، على طفلة رضيعة بالقرب من حاوية قمامة في حديقة القصيص، منذ عامين ونصف العام «30 شهراً»، وأطلق عليها اسم «ريم» ورباها مع أبنائه الخمسة، وتعلقت بها الأسرة، ومنذ نحو أسبوعين فوجئ بقرار النيابة العامة، إيداع الطفلة مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال لأسباب منها عدم ملاءمة المسكن وكبر سن البلوشي، وعدم جاهزية الأسرة مالياً واجتماعياً لتبني الفتاة.
وقال البلوشي لـ «الإمارات اليوم» «أنا رجل طاعن في السن وحرماني هذه الطفلة أثر في صحياً وتمكن المرض مني حتى صرت لا أستطيع المشي، كما أصيبت يداي برعشة دائمة منذ فراق ريم».
وأشار إلى أنه كان يعمل في إحدى الدوائر الحكومية في الدولة لمدة 35 عاما ويتقاضى راتباً تقاعدياً 12 ألف درهم، ولديه متجر صيانة، فضلاً عن أنه يعمل مندوباً لدى إحدى الشركات، معرباً عن أمله في مراجعة القرار وإعادة الطفلة إلى الأسرة التي باتت تعتبرها جزءاً منها.
حملة تبرعات
وأعرب معظم القراء عن تعاطفهم مع «البلوشي» واقترح بعضهم إطلاق حملة لجمع تبرعات لمساعدة أسرة البلوشي على توفير حياة كريمة للطفلة في حالة موافقة الجهات المعنية على إعادتها إليها، وعرض عدد من القراء تقديم إسهامات مالية شهرية ومساعدة الأسرة على بناء ملحق في المنزل للطفلة ريم، وأبدى القارئ بوفهد رغبته في التبرع بمبلغ 50 ألف درهم لمصلحة الطفلة.
وفي إطار التفاعل الكبير من جانب القراء مع حالة أسرة البلوشي، قال القارئ أبوعلي إنه إذا كانت المشكلة التي تمنع إعادة الطفلة إلى البلوشي مالية، فإنه مستعد لدفع 5000 درهم نفقة شهرية للطفلة وبناء غرفة لها بمرافقها في منزل الأسرة وطلب التواصل مع الجريدة حال موافقة الجهات المعنية على طلبه.
فيما زاد المواطن «أبوريم الإماراتي» على ذلك، عارضاً بناء ملحق كامل على نفقته الخاصة وتخصيص مبلغ 8000 درهم شهرياً للطفلة، مؤكداً أنه يرى أن البلوشي كان أكثر رفقاً على الطفلة من أبويها الأصليين.
وطالب بضرورة التدخل في هذه الواقعة الإنسانية، مشيراً إلى أن الرجل تصرف بوازع أخلاقي وربى الطفلة حتى تعلق قلبه بها وأحبتها أسرته.
وتعاطف عدد كبير من القراء كذلك مع قارئ أطلق على نفسه «الرقي أسلوب»، قال إنه محروم من الإنجاب وأضاع خمس سنوات من عمره في محاولات للعلاج من دون جدوى وعرض تخصيص 1000 درهم شهرياً لتلبية احتياجات ريم ويرفع المبلغ إلى 1500 شهرياً حين تبلغ السادسة لمساعدتها في مصروفات الدراسة.
شعور بالحنان
وقالت قارئة أطلقت على نفسها اسم «المنصورية» إنها مستعدة للمساهمة بمبلغ 2000 درهم شهرياً للطفلة ريم، معربة عن أملها في أن يبادر كل من لديه قدرة على المساهمة في إعالة الطفلة في حالة إعادتها إلى أسرة البلوشي، مؤكدة أن عودتها إلى الأسرة أرحم لها من إيداعها مؤسسة إيواء، خصوصاً بعدما شعرت الطفلة بالحنان بين أفراد الأسرة.
فيما عرضت القارئة «مها» مبلغاً مماثلاً شهرياً مؤكدة أن القصة آلمتها للغاية وتمنت إعادة الطفلة إلى الأسرة في أسرع وقت حتى لا تتضرر نفسياً من فراقها للأشخاص الذين ترعرعت بينهم، وتتجرع مرارة اليتم بقية حياتها.
وذكر قارئ شارك تحت اسم «محمد مصري مقيم في الإمارات» إن «البلوشي وأسرته يستحقون كل التقدير والاحترام وجزاهم الله الخير، مبدياً استعداده للتبرع بجزء من راتبه شهرياً لريم حتى لو غادر الدولة حتى تستعيد الأسرة الطفلة ثانية»، مناشداً الجريدة الحصول على عنوان الأسرة للتواصل معها وزيارتها.
وفي ظل إقبال عدد كبير من القراء على التبرع لأسرة البلوشي حتى يمكنها رعاية ريم اقترح القارئ «بوسهيل» تنظيم حملة لجمع التبرعات لمصلحة الطفلة ريم إذا وافقت الجهات المعنية على ذلك، مشيراً إلى أن التعاطف الكبير مع الوضع الإنساني للأب والطفلة يجذب عدداً كبيراً من المساهمين.
وأبدت قارئة تحمل اسم «بنت حواء» استعدادها لسداد مبلغ شهري لأسرة البلوشي تقديراً على كرمها وعطفها على «ريم» منذ اليوم الأول للعثور عليها، معربة عن تعاطفها الكبير مع الأب الذي مرض منذ فارقته الطفلة، وعرض القارئ «أنس» التبرع بمبلغ 250 درهماً شهرياً لكفالة ريم في حالة تنظيم حملة لرعايتها.
الموقف الصعب
وذكرت القارئة «أمل الهاشمي» أن أسرتها مرت بهذا الموقف الصعب سابقاً، لكن لم تبق الطفلة معها غير أسبوع واحد فقط، وعلى الرغم من ذلك تعلقت بها أسرتها للغاية وبكى الجميع حين فراقها، مؤكدة أنها تقدر المأساة الإنسانية التي يمر بها البلوشي إذا كانت الطفلة قضت معهم عامين ونصف العام.
وكان المواطن محمد سرور البلوشي، سمع صوتاً ضعيفاً صادراً بالقرب من حاوية قمامة في حديقة القصيص، أثناء تنزهه مع زوجته وأسرته في الحديقة، ودفعه الفضول إلى معرفة مصدر الصوت، وفوجئ بأن صاحبة الصوت رضيعة لا يتجاوز عمرها يومين، قرر أهلها التخلص منها بهذا الشكل.
وقال «البلوشي» إنه بدافع الأبوة قرر تبني الطفلة وأطلق عليها اسم «ريم» وضمها إلى أولاده الخمسة، متابعاً «أبلغت مركز الشرطة في ذلك الوقت، وتم تسجيل بياناتنا، وبعد مرور شهرين ونصف تم استدعاؤنا لأخذ أقوالنا، ثم بعد ستة أشهر تم طلبنا مرة ثالثة، وتكرر الأمر بعد سنة من احتضانها».
التعلق بـ «ريم»
وأكد أنه «لم يدخر جهداً في العناية بالطفلة واعتبرها هو وزوجته مثل أبنائهما وفحصها طبياً وعالجها حتى تعافت تماماً وصارت تعتبره أباها وزوجته أمها وأبناءه أشقاءها الذين كانوا يعاملونها بالمثل وتعلقت الأسرة بالطفلة، وبعد عامين ونصف العام (30 شهراً) فوجئنا بقرار النيابة العامة بإيداع الطفلة مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، بسبب عدم ملاءمة مسكني».
وقال البلوشي «حاولت مراجعة القرار وعرضت تمليك الطفلة نصف منزلي حتى توافق الجهات المعنية على بقائها معنا، وقوبل طلبي بالرفض».
لافتاً إلى أن منزله بسيط يتكون من أربع غرف في منطقة البرشاء، وريم كانت تنام مع زوجته.
فيما صرّح النائب العام لإمارة دبي، المستشار عصام عيسى الحميدان، لـ«الإمارات اليوم»، بأنه تم دراسة حالة الأسرة الحاضنة من قبل جهتين حكوميتين توصلتا إلى أنه لا يجوز مواصلة احتضان الطفلة، بسبب أن البيئة غير ملائمة لاحتضان الطفلة.
وقال إن «الحاضن تجاهل إبلاغ السلطات وقت العثور على الطفلة، ولو فعل ذلك لما وصل إلى النتيجة الحالية بصعوبة فراقها»، مؤكداً أن «النيابة تفهماً للوضع قررت وقف اتخاذ أي إجراء قانوني أو قضائي ضدّه، وحلّ المسألة بشكل ودّي».
تطبيق القانون
وعلق القارئ أحمد محمد راشد قائلاً «لا يمكن أن أفتي في القضية طالما أكد النائب العام المستشار عصام الحميدان أن هناك ملابسات أخرى في القضية، لأنه أعلم بجميع الظروف التي دفعت النيابة إلى رفض بقاء (ريم) مع أسرة البلوشي، لأنه إنسان وفي قلبه رحمة ومن المؤكد أنه يطبق القانون».
وتبنى القارئ «مامادو» موقفاً قريباً إذ ذكر أنه على الرغم من قسوة الموقف ووضع البلوشي المحزن إلا أن مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال محقة في موقفها، لأنه يجب التفكير في وضع ريم بعد خمس أو 10 سنوات لأن الأب مسن، ومن الضروري أن يفكر الجميع في مستقبل الطفلة بطريقة عقلانية مع السماح للبلوشي وأسرته بزيارتها ومتابعة أخبارها.
وتساءل قراء عن وجود نوع من التناقض بين رواية الأسرة حول قيام الأب بإبلاغ الشرطة عقب عثوره على الطفلة وتأكيدات الجهات المعنية أنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة وخالف القانون لعدم قيامه بالإبلاغ؟
من جانبها، تتابع «الإمارات اليوم» هذه الزاوية وستنشر ما يوضح موقف جميع الأطراف من مسألة البلاغ الذي قدمه البلوشي، وما إذا كانت الأسرة التزمت بالقانون أو خالفته.