العثور على آلاف الأسماك النافقــة في مياه دبي
تحقق الأجهزة المعنية بدبي في واقعة نفوق كميات كبيرة من أسماك التونة المعروفة محلياً باسم «الصده» في منطقة يبلغ قطرها نحو نصف ميل بحري غربي «بوية زهراء» دبي، فيما اشتبهت الجهات المعنية بالإمارة في استخدام قوارب صيد «التحويطة الجديدة»، ما أدى إلى نفوقها.
وقال رئيس جمعية الصيادين في دبي، اللواء محمد سعيد المري لـ«الإمارات اليوم» إن معلومات وردت إليه من خفر السواحل تفيد بالعثور على كميات كبيرة تقدر بآلاف الأسماك نافقة على سطح المياه في منطقة يبلغ قطرها نحو نصف ميل بحري غربي «بوية زهراء» دبي، كما أبلغ صيادون الجمعية برؤية تلك الأسماك والتقطوا لها مقاطع فيديو تعكس حجم المشكلة، وتنفرد «الإمارات اليوم» ببثها عبر موقعها الإلكتروني.
وأضاف المري أن «الأسماك النافقة تعد من أرقى الأسماك التي يحتمل أن تكون تعرضت لنوع من الصيد الجائر، ما أدى إلى نفوقها ورميها بهذه الطريقة في المياه، لافتاً إلى أن وزارة البيئة تحقق حالياً بالتعاون مع بلدية دبي التي حصلت على عينة لفحصها وإعداد تقرير حول كيفية نفوقها بهذه الطريقة».
وأشار إلى أن التحقيقات الجارية حالياً ستحسم أسباب الواقعة، لكن من المرجح أن تكون تلك الأسماك تعرضت لنوع من الصيد الجائر بطريقة غير تقليدية في الدولة تعرف باسم «التحويطة الجديدة»، وتستلزم خبرات وتدريبات خاصة لا يتمتع بها سوى نحو ستة قوارب في دبي وقاربين في إمارة الشارقة.
وأوضح أن «من المتوقع أن الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجريمة لا يتمتعون بالخبرة الكافية في الصيد واستخدموا هذا الأسلوب بطريقة خاطئة أدت إلى صيدهم كميات هائلة من الأسماك تفوق طاقة استيعاب قواربهم، ما أدى إلى نفوق بقية الأسماك التي اصطادوها، وطفوها على سطح المياه بهذه الطريقة».
وتابع المري أن «الرياح الشديدة والتيارات البحرية القوية حالتا دون تفاقم المشكلة، إذ جرفت الأسماك النافقة خارج الخليج العربي لتتفتت وتختفي آثارها خلال يومين أو ثلاثة»، لافتاً إلى أن «الرياح والتيارات القوية حالتا دون اتجاه الأسماك النافقة إلى شواطئ دبي لتسبب مشكلة بيئية وإزعاجاً كبيرين لسكان الإمارة».
وأكد أنه لا يمكن توجيه اللوم إلى صياد أو جهة بعينها قبل انتهاء التحقيقات، مشيراً إلى أن «أي شخص رمى سمكة نافقة في المياه يتحمل مسؤوليتها»، معتبراً أن «ما حدث جريمة خطرة لأن قتل 1000 سمكة حالياً بمثابة قتل مليونين أو ثلاثة، لأن الأسماك تحمل البيض في هذا التوقيت من العام»، لافتاً إلى أن خطأ صياد واحد يضر بمئات الصيادين، وكذلك المجتمع الذي فقد جزءاً من ثروته.
وتابع المري أن «طريقة التحويطة العادية يقرها القانون، لكن تعتمد على الصيد بطريقة محددة لا تؤدي إلى قتل الأسماك، لكن يختلف الوضع مع طريقة (التحويطة الجديدة)، التي تحتاج إلى احترافية، خصوصاً في التعامل مع أسماك الصدا أو التونة، لأنها تموت خلال دقيقتين فقط إذا توقفت حركتها في الماء».
وقال رئيس جمعية الصيادين إن في حالة التأكد من تحمل أحد الصيادين مسؤولية هذه الجريمة فمن السهل التوصل إليه في ظل قيام خفر السواحل بتحديد المناطق التي تتجه إليها القوارب والطرادات، مؤكداً أن «الجمعية لا يمكن أن تتهاون في أمر مثل هذا إذا ثبت تورط أحد الصيادين فيها»، مشيراً إلى أن «هناك احتمالاً آخر بأن يكون هناك سبب بيئي وراء نفوق تلك الأسماك»، مشيراً إلى أن فحص العينة والتقرير النهائي سيحسما هذه المسألة.
وأضاف أن «تورط صيادين في هذه الجريمة يحملهم خطأين فادحين، الأول التسبب في نفوق كمية كبيرة من الأسماك، والثاني عدم إبلاغ الجمعية والجهات المختصة في الوقت المناسب حتى يمكن تفادي مشكلة بيئية كادت أن تتحقق لولا تقلبات الطقس وشدة سرعة الرياح وقوة التيارات المائية».
تشريعات وقوانين
طالب المري بضرورة إنشاء هيئة أو لجنة تشرف على قطاع الصيد والمحميات والبيئة في دبي، على غرار هيئتي أبوظبي والشارقة وذلك لسرعة التدخل في حل المشكلات الكبرى، مقترحاً إصدار تشريعات وقوانين تخدم هذا القطاع سواء في مجال الصيد والبيع والتصدير، أو في المجالات الأخرى المتعلقة بحماية البيئة. وأفاد بأن «هناك تطوراً كبيراً في عملية التنسيق بين بلدية دبي وجمعية الصيادين في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن البلدية تبذل جهوداً كبيرة في تنظيم عمليات البيع في سوق السمك، لكن يستلزم الأمر تنسيقاً أكبر على مستوى جميع الجهات المشتركة في هذا القطاع مثل شركة نخيل وموانئ دبي العالمية وجمارك دبي، وذلك من خلال الهيئة المقترحة التي يمكنها تنظيم العمل في هذا القطاع من خلال جميع الجهات المعنية.
وكان رئيس جمعية الصيادين في دبي اللواء محمد سعيد المري ذكر أن هناك «عوامل واضحة تؤدي إلى إهدار الثروة السمكية في البلاد منها عدم وجود ضوابط تحكم عمليات الصيد التي تنفذها قوارب النزهة التي يزيد عددها في دبي فقط على 5000 قارب، مقارنة بـ 620 قارب صيد فقط تخضع لقوانين وضوابط مشددة». وأشار إلى أن «من أسباب الإهدار كذلك تصدير الأسماك الإماراتية من دون رقابة واضحة، وعلى الرغم من حاجة السوق المحلية إليها، كما أن عمليات التصدير لا تدر أرباحاً كبيرة على البلاد أو حتى على الصيادين في الداخل، إذ لا تعود الفائدة إلا على المصدر فقط».
صيد غير منظم
كشف رئيس جمعية الصيادين اللواء محمد سعيد المري، أن عملية صيد هذا النوع من أسماك التونة المعروفة محلياً باسم «الصده» غير منظمة على الإطلاق، إذ يتم صيدها بكميات كبيرة من دون رقابة تحميها من خطر الانقراض أو الشح، معتبراً أن رميها بهذه الطريقة يعكس سلوك الصيد الجائر الذي ينتهجه البعض.
وقال المري إن «عملية الصيد عموماً تحتاج إلى كثير من التنظيم حتى يمكن الحد من هذه السلوكيات السيئة التي ترتكب بسبب الطمع وسعي بعض الصيادين إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب، من دون مراعاة عواقب تصرفه الذي يهدد الثروة السمكية في دبي خصوصاً والدولة بشكل عام».
وأوضح أن «الجمعية تمثل شريحة كبرى من الصيادين الذين يحرصون على الالتزام بالقانون ويتضررون للغاية من تصرفات هذه الفئة التي تنعكس بالسلب عليهم وتهدد أرزاقهم»، مشيراً إلى أن هناك اتفاقاً عاماً على ضرورة محاسبة المسؤول عن عملية إبادة الأسماك.
ولفت إلى أن «الصيادين أنفسهم انزعجوا من منظر الأسماك النافقة، وأكدوا ضرورة الضرب بيد من حديد على مرتكب هذه الجريمة، لأنهم رأوا ثروة كبيرة مهدرة على سطح المياه، كان من الممكن أن تكون من نصيب أحدهم، كما أنها من حق المجتمع الذي يتضرر بشدة من هذه التصرفات غير الأخلاقية».
وتابع المري أن «مجلس الإدارة الحالي لجمعية الصيادين يسعى خلال دورته الحالية التي تستمر ثلاث سنوات إلى حل كثير من المشكلات التي تواجه عملية الصيد، منها تعديل نحو 16 مادة من القانون الحالي لتنظيم شؤون الصيد بشكل توافقي، وذلك بعد عقد اجتماعات عدة مع جمعيات الصيادين في إمارات مختلفة»، مؤكداً أن من الضروري أن يتضاعف دور المواطنين في هذه المهنة العريقة التي ورثوها عن آبائهم.