وسيط طلب 150 درهماً مقابل عرض استوديو. تصوير: إريك أرازاس

وسطاء عقاريون يطالبون مستأجرين بـ « بدل مشاهدة »

شكا مستأجرون مواطنون ومقيمون لـ«الإمارات اليوم» تحصيل شركات إدارة عقارات وسماسرة رسوما مالية نظير تسويق وحدات سكنية مختلفة داخل مدينة أبوظبي، والمدن الخارجية القريبة منها، وأشاروا إلى أن هذه الرسوم تعد دون مقابل، ويتم تحصيلها مقدما تحت مسمى «بدل مشاهدة».

وفيما اعتبر وسيط عقاري الحصول على هذه المبالغ حقا له، مقابل الوقت الذي يقضيه مع المستأجر في البحث عن الشقة المناسبة، أكد مستشار قانوني أن الاتفاق بين طرفي العلاقة يحدد مدى قانونية الإجراء، مشددا على حق المستأجر في استعادة المبلغ المدفوع إذا كان هناك اختلاف بين مواصفات الشقة المعلن عنها والشقة التي عرضت عليه.

وتفصيلا، قال أحمد عبدالله، وهو موظف في مؤسسة إعلامية إنه قرأ إعلانا في إحدى الصحف الأسبوعية حول توافر شقق للإيجار بأسعار مناسبة داخل مدينة أبوظبي وخارجها، فاتصل بالأرقام المدونة في الإعلان، فطلب منه صاحب الرقم الذهاب إلى مقر شركة إدارة العقارات للخروج مع مندوب الشركة لمشاهدة بعض النماذج السكنية المتوافرة. وعندما وصل إلى هناك أخبره المندوب بضرورة تسديد مبلغ 200 درهم بدل مشاهدة، وقال إنه سيحصل مقابلها على إيصال لإثبات حقه، ثم ذهب معه إلى شقتين، كانت إحداهما في منطقة المناصير والأخرى في الخالدية، وتبين أنهما لا تصلحان لإقامة أسرة، ويبدو أنهما خاليتان منذ فترة طويلة نظرا لوجود أعمال إنشائية في مداخل البنايات، إضافة إلى ارتفاع قيمة الإيجار، على العكس مما هو منشور في الإعلان وعندما طالبت برد قيمة بدل المشاهدة رفضوا.

وأكد إبراهيم غنيم، مستأجر، أن أحد سماسرة العقارات نشر إعلانا يتضمن شقة للإيجار في منطقة راقية خلف «الوحدة مول» بإيجار سنوي 60 ألف درهم شهريا، وهو ما اعتبره فرصة جيدة إذا كانت المواصفات حقيقية. لكن بعد دفع بدل المشاهدة والذهاب إلى مقر الشقة اكتشف أنها خدعة لمجرد الحصول على بدل المشاهدة، إذ لم تكن الشقة أكثر من استوديو صغير يقسمه حائط من «الجيبس بورد» في بناية قديمة، وعندما هدد باللجوء للشرطة في حال عدم رد قيمة بدل المشاهدة أقنعوه بأنهم ملتزمون بموجب بدل المشاهدة الذي حصلوا عليه بتوفير شقة بالمواصفات المناسبة خلال 15 يوما دون أن يدفع اي رسوم إضافية، إلا أن الشركة لم تتصل به مرة أخرى كما ظلت تنشر الإعلان نفسه أسبوعيا.

وأكّدت أسماء وصفي، وهي موظفة بمعهد تعليمي، أنها لجأت إلى أحد مكاتب إدارة العقارات من أجل تأجير استوديو لها ولصديقتها. وحصلت منها صاحبة المكتب على 150 درهما مقابل الذهاب معها إلى الاستديو علما بأنها التزمت بتوصيلها بسيارتها الخاصة في الذهاب والعودة، بعد أن أقنعتها صاحبة المكتب بأن هذا المبلغ سيخصم من العمولة التي سيحصل عليها المكتب بعد توقيع عقد الإيجار، وبعد تأكيدها ان هذا المبلغ الرمزي هو مجرد إثبات للجدية، إذ يقوم كثير من العملاء بتعطيل أصحاب المكاتب دون أن يكون لديهم الرغبة الحقيقية في التعاقد، وهو ما تم فعلا بعد استئجار الاستديو.

فيما أكدت زميلة لها في المعهد أنها رفضت أن تترك ما دفعته للوسيط العقاري بدل مشاهدة بعدما تبينت عدم مطابقته لمحتوى الإعلان، وهددت بافتعال مشكلة أكبر إذا لم يردوا لها مبلغ بدل المشاهدة. وقالت إن عمولة مكاتب الوساطة تدفع كثيرين إلى العزوف عن البحث عن شقق خالية عن طريق المكاتب والشركات، واللجوء إلى الشقق التي تؤجر من المالك مباشرة.

من جانبها، أكدت نهال عباس، التي تعمل وسيط عقارات في شركة «راوند وورلد» أن المكاتب الكبيرة وشركات إدارة العقارات المعروفة لا تلجأ إلى أسلوب تحصيل المبالغ المالية من الباحثين عن شقق للإيجار، وإنما تلجأ إليه الشركات الصغيرة والسماسرة الذين يعملون منفردين تحت مظلة إحدى هذه الشركات.

وأفادت بأن لجوء معظم الملاك إلى شركات إدارة وصيانة عقارات معروفة، جعل الشركات الصغيرة والسماسرة يمارسون بعض الأعمال التي تهدف إلى تغطية التكاليف التشغيلية لمنشآتهم.

واعتبرت بدل المشاهدة «منطقيا، لأن كثيرا من العملاء الذين يتصلون بشركات العقارات لا تكون لديهم رغبة حقيقية في الاستئجار، وإنما يفعلون ذلك بهدف التجربة، أو محاولة العثور على فرصة سكن أفضل، وبالتالي فإن موظفي الشركة لا يحصلون على مقابل لعدم وجود عمولة، وفي حال قام العميل باستئجار الشقة يتم رد مبلغ بدل المشاهدة».

وأفاد رئيس مجلس إدارة شركة السلام نبيل شرف الدين بأن السوق لاتزال تعاني سلبيات يجب أن يتناولها قانون الإيجارات، لتحديد المبالغ المالية التي يتحصل عليها الوسيط العقاري والخدمات التي يحصل عليها العميل. وأشار إلى أن ارتفاع الإيجارات بشكل مبالغ فيه تم نتيجة ممارسات الوسطاء السلبية منذ نحو خمس سنوات حتى الآن.

وتوقع شرف الدين أن تنخفض إيجارات المساكن في أبوظبي مع نهاية العام الجاري نتيجة الانتهاء من مشروعات سكنية جديدة، الأمر الذي سيكون له أثر مباشر في القضاء على هذا النوع من المظاهر قضاء تاما.

وفي المقابل، قال المستشار القانوني شفيق السويدي إن الاتفاق الذي يبرم بين طرفي العلاقة، وهما مكتب العقارات والعميل المستأجر، هو الذي يحدد مدى قانونية هذه الرسوم من عدمه، فإذا اشترط الاتفاق أن تكون الشقة المعلن عنها لها المواصفات نفسها الواردة في الإعلان، واكتشف بعد مشاهدة الشقة أنها مختلفة، يحق له المطالبة باسترداد المبلغ المدفوع.

أما إذا كانت المواصفات هي نفسها المعلن عنها، وتراجع العميل عن التعاقد لأسباب خاصة به، فيحق للمكتب خصم المبلغ، بدل إضاعة وقت مع العميل، لأن أي منشأة لديها موظفون وعمال ولا يمكن أن يضيع وقت موظفيها دون مقابل.

وضرب السويدي مثالا بمكتب المحاماة الذي يضطر إلى بحث قضية جنائية ويتلقى الأموال نظير بحثها في حال رفض العميل توكيل المكتب في القضية. وطالب السويدي العملاء بالحصول على اتفاق مكتوب مع مكتب العقارات، لضمان حقوق الطرفين.

الأكثر مشاركة