النوخذة والديزل والمناخ.. تحـــديات تواجه «صيد الأسماك»
يواجه صيادو أسماك في أبوظبي كثيرا من التحديات التي لاتزال تعوق مهنتهم، ومن أبرز هذه التحديات، وفق ما قالوه لـ«الإمارات اليوم» شرط وجود مواطن مع كل رحلة صيد، وارتفاع كلفة التشغيل.
وأكدت جمعية أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك صعوبة تنفيذ شرط وجود مواطن مع كل رحلة صيد «بسبب قلة عدد المواطنين المتفرغين للعمل في هذه المهنة، خصوصا أن كثيرا من أصحاب مراكب الصيد لديهم أعمال أخرى»، مطالبة بآلية جديدة على المستوى الاتحادي لضبط مهنة الصيد.
وقالت إن القوانين والتشريعات تسببت في عزوف المواطنين عن هذه المهنة، بسبب إلزامهم بشرط الوجود أثناء الرحلة، لافتة إلى أن هذه التشريعات وضعت بناء على دراسات سابقة، تتعارض مع الظرف الحالي، ومستوى الرفاهية التي يعيشها المواطن، خصوصا أن دور المواطن في الرحلة لا يزيد على الإشراف فقط.
وتفصيلا، قال المواطن علي سالم، صاحب مركب صيد في أبوظبي، إن شرط عدم خروج أيّ قارب صيد من مرساه من دون وجود نوخذة مواطن على سطحه، سواء كان صاحب المركب، أم أيّ مواطن آخر ينوب عنه طوال الرحلة، يدفع كثيرا من المواطنين لترك هذه المهنة إلى الأبد، بسبب صعوبة خروج المواطن لثلاثة أيام، أو أربعة، هي المدة التي تستغرقها رحلة الصيد، خصوصا إذا كان موظفا.
وأضاف أن لجوءه إلى مواطن آخر، لينوب عنه في الرحلة، سيكلفه مبلغا لا يقلّ عن 600 درهم يوميا، أي نحو 2400 درهم للرحلة الواحدة.
مزارع سمكية كشف عضو مجلس الإدارة المنتدب لجمعية أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك، المستشار علي محمد المنصوري لـ«الإمارات اليوم»، عن نية الجمعية عمل مزارع سمكية للمساعدة في توفير الأمن الغذائي، وقال إن الجمعية في انتظار تخصيص الارض التي ستقام عليها هذه المزارع، لافتاً إلى أنها ستكون شراكة بين الجمعية ومستثمرين كبار، لتكون مشروعا ذا جدوى اقتصادية كبيرة. وانتقد المنصوري، المطالب بمنع صيد أنواع معينة من الأسماك، ودعوة المستهلكين لعدم شرائها، قائلاً إنه بدلاً من منع صيدها، يجب العمل على توفير بيئة صحية ومستدامة للأسماك، ووسائل بديلة تساعد على تكاثرها. واضاف أن هناك من يحمّل الصياد مسؤولية تدهور أوضاع البيئة البحرية، في حين أن الصياد لا يستهلك أكثر من 2٪ من الثروة السمكية، والنسبة المتبقية تتحمل مسؤوليتها القوارب الشخصية، ومخلفات السفن، وشركات الجرف، والأمراض البيئية. |
وتابع سالم أن هناك تحديات أخرى تواجه مهنة الصيد، منها ارتفاع الكلفة التشغيلية للعمالة الأجنبية، وأدوات الصيد، وأسعار الديزل، إلى جانب العوامل الطبيعية التي لا يمكن التأثير فيها، مثل قصر مدة موسم الصيد (يمتدّ من أكتوبر إلى أبريل)، والاضطرابات الجوية التي قد تؤدي إلى توقّف المركب اضطراريا، في أيّ جزيرة بعيدة أياما عدة، ما يتسبب في تلف الأسماك.
وقال المواطن (بوعبدالله)، إن مراكب الصيد تخرج نحو ثلاث مرات شهريا، وتستغرق المرة من ثلاثة إلى أربعة أيام، نظرا لتراجع أعداد الأسماك مقارنة بالسابق، بسبب كثرة «لنشات» وقوارب الصيد، وزيادة حجمها، وتطورها.
وشرح أن مراكب الصيد كانت تصطاد بواسطة القراقير، وهي شباك معدنية دائرية الشكل، لها فتحات ضيقة تسمح بدخول الأسماك إليها ولا تسمح بخروجها منها، وكان كل قارب صيد يستخدم 200 قرقور حدا أقصى، فيما يبلغ عدد القراقير التي يستخدمها المركب حاليا من 1000 إلى 1500 قرقور، وتاليا، امتلأت المياه بالقراقير، فأصبح مردودها ضعيفا.
وتابع أن هذه القراقير تترك في المياه في الأماكن المتوقع وفود الأسماك إليها، لمدة تصل إلى 15 يوما، ثم ترفع، وقد تكون مملوءة بالأسماك، أو خالية تماما، وتستخدم هذه الوسيلة لاصطياد أسماك القوع، أي التي تعيش في قاع البحر، مثل الهامور والشعري والجش والزبيدي والسيكل وغيرها، فيما تعيش بقية الأنواع في مستويات المياه المختلفة، مثل سمك الكنعد والخباط، ويستخدم الخيط والليخ في اصطيادها.
وأشار إلى أن أدوات الصيد بشكل عام زادت أسعارها، فقد بلغ سعر القرقور الواحد 110 دراهم، وهو ما يزيد الكلفة التشغيلية ويرفع إجمالي تكاليف الرحلة، التي تشمل 1400 درهم سعر الديزل الذي يستهلكه المركب خلال ثلاثة أيام، وهو ما ينعكس على أسعار الأسماك التي يتحملها المستهلك، وأكد المواطن (حمد) أن عدد قوارب الصيد العاملة فعلا، والإسهام في الإنتاج، قليل، مقارنة بإجمالي القوارب الموجودة، بسبب عدم تفرغ الصيادين المواطنين لمهنة الصيد، في ظل التطور الاقتصادي الذي شهدته الإمارات.
وأضاف أن إيجاد بيئة مناسبة للصيادين من شأنه أن يسهم في اكتفاء الدولة ذاتيا من هذه المنتجات الحيوية، لافتا إلى أن أماكن الصيد داخل الدولة لا تبتعد كثيرا عن الجزر، وهو ما يقلل نسبة الخطورة عند وقوع اضطرابات في الطقس، إذ يلجأ المركب إلى إحدى الجزر حتى عودة الهدوء، مثل جزر زاركو، داس، صير بونعير، وطويلة.
وقال (أبوعلي)، إنه يملك طرادين ومركب صيد، وتعد مشكلة النوخذة المواطن هي المشكلة الرئيسة التي تواجهه، لافتا إلى أنه كثيرا ما تتعرض مراكبه للتوقف نتيجة عدم وجود مواطن يرافقها في رحلات الصيد، وحكى أن أحد المواطنين بعد أن اتفق معه على مصاحبة المركب، وأعطاه نصف المبلغ المتفق عليه، طلب بعد يوم واحد ترك المركب، فتوقفت الرحلة.
ولفت إلى أن هناك تكاليف أخرى تضاف للتكاليف التشغيلية، وتؤثر سلبا في الربح مثل الصيانة، وإصلاح ماكينات الطرادات.
من جانبه، أفاد عضو مجلس الإدارة المنتدب لجمعية أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك، المستشار علي محمد المنصوري، بأن أهم أهداف الجمعية بحسب قانونها ونظامها الخاص هو حماية حقوق الصيادين، وضبط أسعار السوق، مشيراً إلى أن عدد الصيادين أعضاء الجمعية يبلغ نحو 1100 صياد، فيما يبلغ عدد الصيادين الممارسين للمهنة بفاعلية نحو 500 صياد فقط، أي أقلّ من 50٪.
وتزيد أعداد مراكب الصيد الموجودة في أبوظبي، بما يقرب من 40٪ على عدد الصيادين. وقال إن كثيرا من هذه المراكب متوقف بسبب شرط خروج مواطن على رأس كل رحلة صيد.
وأوضح المنصوري أن الجمعية تقدم للصيادين كثيرا من خدمات الرعاية، منها تصنيف أسماكهم عقب الوصول للشاطئ مباشرة لتسهيل عملية بيعها، وتولي عملية البيع لمن يرغب في ذلك، وشراء جزء من الأسماك بأعلى سعر، كما أكّد أن الجمعية وقفت في كثير من المرّات أمام تكتلات تجار الأسماك لعدم رفع الأسعار وخفضها، وتحديد السعر العادل، حتى لا يضيع حق الصيادين.
وقال إن الجمعية توفر مواقف بحرية مجانية للمراكب، ورفعا للجداف، وغرف سكن للبحارة بأسعار رمزية، إضافة إلى حلّ مشكلاتهم سواء مع هيئة البيئة، أم في إدارة العمل .
وأضاف أن الجمعية تبيع الأسماك في الأسواق الخاصة بها، بهامش ربح بسيط، لتساعد على ضبط الأسعار، ومنع تلاعب بعض التجار بالأسعار، لمضاعفة أرباحهم على حساب المستهلكين. وفي نهاية العام توزع الأرباح الناتجة عن بيع الأسماك على الصيادين، وفق حجم تعاملاتهم مع الجمعية، لافتا إلى أن أرباح بعض الصيادين تصل إلى 300 ألف درهم سنوياً، فيما لا تتجاوز 500 درهم للبعض الآخر.
ولفت إلى أن الجمعية تبحث أيضاً عن مصادر أخرى لدعم الصيادين في أوقات الكساد، وتوقف الصيد، ورخص الاسعار، شارحا أن رحلة الصيد الواحدة تتكلف من 4000 إلى 5000 درهم، في مدة تراوح بين يوم وثلاثة أيام، وقد لا تؤتي ثمارها، بسبب كثير من العوامل، منها التغيرات المناخية التي قد تكلف الصياد، إضافة الى كلفة الرحلة، ومعداته، وماكينة المركب.
وأكد المنصوري صعوبة تنفيذ شرط وجود مواطن مع كل رحلة صيد، بسبب قلة عدد المواطنين المتفرغين للعمل في هذه المهنة، خصوصا أن كثيرا من أصحاب مراكب الصيد لديهم أعمال أخرى، مطالباً بوضع آلية على المستوى الاتحادي لضبط مهنة الصيد.
وقال إن القوانين والتشريعات تسببت في عزوف المواطنين عن مهنة الصيد، بسبب إلزامهم بشرط الوجود أثناء الرحلة، لافتاً إلى أن هذه التشريعات وضعت بناء على دراسات سابقة، أصبحت تتعارض مع الوقت الحالي، ومستوى الرفاهية التي يعيشها المواطن، خصوصا أن دور المواطن في الرحلة لا يزيد على الإشراف فقط.