3 ٪ نسبة الممرضات المواطنات في مستشفيــــات الدولة
قالت ممرضات مواطنات إنهن يعانين نظرة المجتمع إلى مهنتهن، لأن شرائح كثيرة في المجتمع لاتزال تساوي ما بين عملهن ومهامّ شغالات المنازل، وأكدن أن هذه النظرة كانت سبباً في عزوف كثير من الشبان عن الارتباط بهن.
وتشير إحصاءات إلى أن عدد الممرضين في الدولة يتجاوز 23 ألفاً، لا يزيد عدد المواطنين منهم على 800 ممرض.
وحمّلت ممرضات مسؤولية نظرة المجتمع السلبية لمهنة التمريض، ورفض كثير من الأسر المواطنة التحاق بناتها بهذه المهنة، لـ«الدراما التلفزيونية السطحية»، مؤكدات أن «أبرز المشكلات التي تواجه كليات التمريض بشكل عام، هي عزوف الطلبة المواطنين عنها، بسبب ما تصدره وسائل الإعلام من صور سلبية عن الممرض عموماً، والممرضة خصوصاً، إذ يظهر الممرض أو الممرضة كأنهما الحلقة الأضعف في الخدمة الطبية كلها، أو كما لو كانت مهمتهما هي مجرد أداء أعمال جانبية قليلة الأهمية».
ونوهت ممرضات بالقيمة الإنسانية الرفيعة لمهنتهن «مع أن البعض مازال ينظر إليها من زاوية ضيقة، معتبراً أنها خدمية، لا تليق إلا بفئات من طبقة اجتماعية فقيرة، أو نساء غير ملتزمات بعادات وتقاليد مجتمعهن الرافضة للاختلاط، والعمل في ساعات الليل، أو حتى المبيت خارج المنزل».
دور أساسي لفت الدكتور أحمد عاصم(جراح عام)، إلى أن الممرض هو ذراع الطبيب، مضيفاً أنه لا يمكن للمنظومة الصحية أن تستقيم من دونه. وتابع أن الممرضين يلعبون دوراً كبيراً جداً في شفاء المريض، ومتابعة حالته الصحية أولاً بأول، ويتحملون عبئاً كبيراً جداً دون انتظار شكر أو مكافأة. وأكدت عميدة كلية التمريض في جامعة جورج واشنطن، جين جونز، خلال حضورها مـؤتمرا طبياً في ابوظبي أخيرا، أن التمريض عالمياً مهنة بالغة الأهمية للصحة العالمية، وقادرة على إحداث الفارق في جميع أنحاء العالم، مشيرة الى أنّ الممرضين والممرضات غالباً ما يكونون أبطالاً مجهولين في الرعاية الصحية، فهم العناصر الأكثر أهمية في رعاية صحة السكان. وأشارت جونز إلى التحديات التي تواجه الممرضين عند عملهم في بيئات معقدة، تتأثر بالعوامل السياسية والاقتصادية والثقافية، إضافة للتحديات المستقبلية التي ستواجه الممرضين ضمن قضايا العولمة، والأمراض المعدية، والفقر وسوء التغذية، داعية إلى تغذية المناهج الدراسية بمعلومات تعيد إلى هذه المهنة ما تستحقه من اعتبار. |
بدورها، كشفت مديرة قسم التمريض في وزارة الصحة، الدكتورة فاطمة الرفاعي، أن نسبة توطين مهنة التمريض في الدولة لا تتعدى الـ3٪، مؤكدة ضرورة تغيير النظرة السلبية إلى مهنة التمريض، وتعريف المجتمع عامة بأهمية هذه المهنة السامية، ودورها في نشر الثقافة الصحية، وضرورة تشجيع الفتيات على التخصّص فيها، إضافة إلى أهمية تأهيل كادر تمريضي مواطن، قادر على النهوض بأعباء هذه المهنة.
وتفصيلاً، أكدت الممرضة عبير عاطف، أن مهنة الممرضة من المهن التي اعتاد المجتمع الإماراتي أن يرى ممارساتها من غير المواطنات، ولم تقتحم الإماراتيات هذا المجال إلا في الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من تحقيق بعض الإنجازات فيها، إلا أن نظرة المجتمع السلبية في مجملها لمهنة التمريض قد تعود بتلك الإنجازات إلى المربع الأول، حيث لايزال كثير من المواطنين يرى أن عمل المرأة ممرضةً يتعارض مع الدين والعادات والتقاليد، بسبب الاختلاط، وأن الممرضة في نظر البعض ليست إلا «خادمة»، وهو ما لا يليق بالمواطنات، الأمر الذي أسهم في تعميق النظرة السلبية للمهنة.
وقالت الممرضة المواطنة (ف.م)، إن نظرة المجتمع للممرضة هي أنها مجرد موظفة، أو مساعدة للطبيب. وأضافت: «أنا حاصلة على مؤهل عال في التمريض، واخترت هذا التخصص بسبب حبي لتقديم المساعدة للمرضى والعناية بهم، وشددت على الأهمية القصوى لهذه المهنة، والدور الذي يجب أن تلعبه الممرضات المواطنات في رفع مكانة التمريض». وأشارت إلى أن «ساعات عمل الممرضة تبلغ أحياناً 36 ساعة متصلة، وهو ما يدفع عائلات إلى رفض التحاق بناتهم بهذه المهنة، ولكن ما يهوّن عليهم هذه المعاناة هو إدراكهم أنها تؤدي دوراً إنسانياً لمساعدة مريض على الشفاء».
وأكدت (م.ع) الطالبة في كلية العلوم الصحية (تخصص التمريض) في جامعة الشارقة، أن الثقافة السائدة في المجتمع الإماراتي لاتزال ضدّ عمل المرأة المواطنة في هذا المجال، لافتة إلى أن هذه النظرة لم تعد مقبولة في ظل التقدم الذي تشهده الدولة في المجالات كافة، ما يستدعي إعداد برامج توعوية لحثّ المواطنين على ولوج المهن كافة، لتغذيتها بالعنصر المواطن، وتكوين كوادر وطنية للمستقبل.
ورأت أن «الممرض في كثير من الأحيان يكون أهم للمريض من الطبيب، لأنه يلازمه طوال الوقت»، مشيرة إلى أنها تخوفت من اختيارها، في البداية، لكنها تأكدت من خلال الدراسة والتدريب، أنه كان الاختيار السليم والأفضل.
وقالت: «اخترت هذا التخصص بإرادتي، وأحلم بتكوين كادر إماراتي قادر على النهوض بهذه المهنة، والارتقاء بها» لافتة إلى المشكلات الكثيرة التي تواجهها الممرضة، أهمّها التعامل مع الأشخاص في أكثر حالاتهم ضعفاً، لذلك يجب على الممرضة أن تتحلى بروح المودة والمساعدة، لأنه جزء أساسيّ من عملها، خصوصاً أن المريض بالنسبة إليها حالة متكاملة تساعده خلالها على تعلم الاعتماد على نفسه».
وكشفت عن أن دفعتها في الكلية لا تضم سوى ست طالبات مواطنات، والمتبقيات وافدات، مشيرة إلى قلة أعداد الممرضات المواطنات في الدولة، وداعية الطالبات المواطنات للالتحاق بكليات التمريض، لما لها من مستقبل مهنيّ مضمون، إضافة إلى العمل الإنساني الذي تقوم به الطالبة عقب تخرجها، ومشاركتها في مساعدة المجتمع من خلال الاعتناء بالمرضى.
أما الممرضة سوزان راشد، فشددت على أن «المهنة بحاجة إلى حملة توعية لتصحيح الصورة السلبية التي تهدد مستقبلنا المهني والاجتماعي»، وقالت إن «كثيرا من الشباب يظن أننا عند الزواج لن نستطيع التوفيق بين متطلبات عملنا وأسرنا»، مطالبة الإعلام بتسليط الضوء على هذه الأمور.
وأشارت سوزان إلى وجود تغيير واضح في نظرة المجتمع للممرضة، «وهو ما تمثل في دخول المواطنات المهنة، على الرغم من قلة عددهن حتى الآن»، لافتة إلى ثقتها بزيادة العدد مستقبلاً «بسبب تفضيل الإناث العمل في مجالات التعليم والخدمة الاجتماعية، ومن ضمنها التمريض، على العمل في المجالات الأخرى».
وأيدتها زميلتها شيماء بشير، التي رأت أن النظرة السلبية للمهنة تغيرت بعض الشيء، آملة أن تتغير كلياً في المستقبل القريب، بعد تسليط الضوء من وسائل الإعلام على مقدار حاجة المجتمع للممرضة، والاطلاع على دورها الإنساني والعلمي المتحضر، وعلى طبيعة عملها، ومدى الالتزام الأخلاقي والاجتماعي بالقيم والتقاليد الأصيلة.
وأعربت مها خلف، الطالبة في كلية فاطمة للعلوم الصحية، عن أملها في أن يسهم تخرجهن وانخراطهن في العمل بالمؤسسات الصحية في العام المقبل في تغيير الصورة السلبية عن الممرضات، مشيرة إلى أن نسبة الطلبة في كليات التمريض ستظل غير كافية لسد حاجة المؤسسات الصحية.
وأكدت الممرضة ريما سعادة، أن النظرة السلبية للمهنة نقلها وافدون، من عرب وأجانب، بسبب سوء ظروف المهنة في بلدانهم، ما دفعهم للتعامل بالأسلوب نفسه مع الممرضات.
وقالت: «لايزال البعض ينظر إلى الممرضة على أنها فتاة غير جيدة، على الرغم من أن عمل التمريض لا يتعارض مع العادات والدين».
وأضافت: «يمكن تشجيع المواطنين والمقيمين على الالتحاق بكليات التمريض، عن طريق تحديد ساعات العمل، وترك المناوبة النهارية للممرضات والمناوبة الليلية للرجال، وتوعية المرأة من الناحية الدينية والاجتماعية بأهمية مهنة الممرضة، وتوعية المجتمع بالدور المهم الذي تؤديه الممرضة لخدمة المرضى».
وذكرت الممرضة رغدة إبراهيم أنها قدمت للعمل في الإمارات بعدما عملت في مهنة التمريض، في بلدها، خمس سنوات، مشيرة إلى عزوف أغلبية الشباب العرب عن الزواج بممرضات.
وتابعت: «صدمت بأنني لا أستطيع الاقتراب من المؤسسة الزوجية ما دمت أعمل في هذا المجال، بسبب عزوف العرسان عن الارتباط بممرضة».
وقالت إن «الزواج ومهنة التمريض خياران يرى المجتمع أنه يصعب الجمع بينهما».