مواطنون: شرط زواج الابنة الكبــرى أولاً يزيـد العنوس
فرضت مشكلة ارتفاع نسبة العنوسة في الدولة نفسها على المنتديات الاجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، ودارت نقاشات بين مواطنين ومواطنات حول سبب هذه الظاهرة، إذ ارجعها البعض إلى عادة تمسك أسر بضرورة زواج البنت الكبرى أولاً قبل شقيقاتها، لافتين إلى أن تأخر زواج الابنة الكبرى قد يؤدي إلى عنوسة شقيقتها الصغرى.
فيما أكد خبراء مشورة أسرية في صندوق الزواج أن هذه العادة بدأت في الانحسار، مؤكدين أن شرط «الكبرى أولاً» ظاهره رحمة وباطنه عذاب وفرقة، ويؤدي إلى الحزن والضيق للشقيقة الصغرى، ويخلق الغيرة والحسد بين الاخوات.
الفرحة الأولى على الجانب الآخر أكدت أمهات أن الابنة الكبرى دائماً يكون ارتباط الام بها أكبر، كونها فرحتها الأولى، وتتمنى دائماً أن تراها في «الكوشة»، وأن تنال حظها في الزواج وتكوين أسرة. وقالت (أم حافظ) إن كل الأسر تتمنى تزويج بناتها، لكن إصرار بعض الاسر على الترتيب يكون هدفه الحفاظ على مشاعر الابنة الكبرى، وإبعاد احساس العنوسة عنها، أو الشعور بأنها غير مرغوبة. وأضافت أن الإصرار على الترتيب في زواج الشقيقات، خصوصاً عندما يكون النسب قائماً على أساس التكافؤ الاسري والعلاقات بين العائلات، فيتولى خاطب الصغرى أو أهله بترشيح الكبرى لاحد أقاربهم، ويتم زواج الشقيقتين معاً، لتكتمل فرحة الاسرة. وذكرت (أم أحمد) أن تمسك الاسرة بزواج الكبرى يكون بهدف الحفاظ على مشاعرها، لكن عندما يتضح أن نصيبها لم يأت بعد، تتراجع الاسرة عن هذا التقليد وتقبل بتزويج الابنة الصغرى، لافتة إلى أن 99٪ من هذه الحالات تعترض فيها الشقيقة الكبرى، وتطالب بإتمام زواج شقيقتها الصغرى، وعدم ربط الأمر بها. |
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» نقاشات بين مواطنين ومواطنات على منتديات اجتماعية على الإنترنت، حول إصرار بعض الأسر على تزويج البنت الكبرى قبل شقيقاتها.
وأكد البعض أن «تزويج الفتاة الكبرى أولاً»، شعار يرفعه بعض الآباء، ويتمسك به عدد من الأسر كنوع من التقليد يحرصون على المحافظة عليه مهما تأخر سن زواج الابنة الكبرى، ومهما تقدم من عرسان للابنة الصغرى، ما ينتج عنه مشكلات اجتماعية، وارتفاع نسب العنوسة في الدولة.
فيما يرى البعض ان التمسك بهذا التقليد يحافظ على مشاعر الشقيقة الكبرى، ويدفع عدداً من الشباب إلى ترشيحها إلى أقاربهم لتتم زيجة الاثنتين، واختلف الفريقان حول هذا التقليد، إن كان يزيد نسب العنوسة، أم يساعد على زيادة عدد الزيجات.
الكبرى مظلومة
وقالت ماجدة محمد، إن الشقيقة الكبرى دائماً مظلومة، فهي كثيراً ما تتحمل مسؤولية البيت لتكون بمثابة الأم البديلة، والمسؤولة عن بقية اشقائها، خصوصاً البنات، متابعة أن من الظلم النظر إليها على انها عائق يحول دون تحقيق حلم شقيقاتها بالزواج، بسبب بعض التقاليد التي تجعل الأسرة ترفض زواج الصغرى قبل الكبرى.
وأكدت أنه لا دخل للشقيقة الكبرى في تعطيل زواج أختها الصغرى، موضحة أن موضوع رفض زواج الفتاة الصغرى قبل زواج الابنة الكبرى مشكلة مرتبطة بالثقافة التقليدية، ورب الاسرة غالباً يتمسك بها، وفي معظم الاحيان تطالب الشقيقة الكبرى بإتمام زيجة شقيقتها الصغرى وعدم ربطها بزواجها، إلا أن تقاليد الاسرة هي التي تكون عائقاً.
فيما أفادت فتاة تدعى بنت العين، بأن هذه المشكلة تتكرر في العديد من الأسر والعائلات بصورة قد تعيق زواج الصغرى أو تعطله، وربما ينتهي الأمر إلى عنوسة الأختين، لافتة إلى أن مشكلة رفض زواج الابنة الصغرى قبل زواج الكبرى مشكلة مرتبطة بالثقافة التقليدية التي بدأت في الانحسار بعض الشيء.
وقالت إن موضوع زواج الأخت الصغرى شديد الحساسية، وقد ينتج عنه نوع من الغيرة بين الشقيقات، خصوصاً في فترة الخطوبة، وانشغال الشقيقة الصغرى بالإعداد للزواج وشراء مستلزماتها، وما يصاحبه من سعادة واضحة، قد تولد في نفس الشقيقة الكبرى بعض الغيرة، أو الحزن على سوء حظها وتأخر زواجها.
نمط خاطئ
فيما أكدت فتاة أخرى، تدعى مريم، أن الاستمرار في التمسك ببعض العادات والتقاليد، مثل الاصرار على زواج الكبرى أولاً نمط خاطئ من الناحية العملية والنظرية، لأن الزواج ليس فيه ترتيب، لكن من المفروض أن من يأتيه النصيب يتزوج.
وأضافت أن مثل هذه العادات وغيرها، مثل التمسك بالمهر الكبير، والشبكة الغالية، وغيرها من الشروط التعجيزية، سبب رئيس في ارتفاع نسب العنوسة بين الفتيات المواطنات، واتجاه الشباب المواطنين إلى الزواج بأجنبيات.
من جانبه، قال أحد المشاركين في النقاش، إن هذا التقليد لايزال موجوداً وقائماً بين الاسر البدوية، متابعاً أن أهله رشحوا له عروساً من قبيلة أخرى كانت أصغر أخواتها، وعندما ذهبوا لخطبتها فوجئوا برفض الاب طلبهم، وأخبرهم بأنه يوافق على خطبتهم الابنة الكبرى، أما الصغيرة فلا يمكنه الموافقة على تزويجها قبل شقيقتها.
عادات وتقاليد
من جانبه، قال أحد المفتين في المحكمة الشرعية، طلب عدم ذكر اسمه، انه لا أصل في الشرع في ترتيب الزواج، وطالما كان المتقدم ذا خلق ودين، ومناسباً، فلا مانع من زواج الشقيقة الصغرى قبل الكبرى، مشيراً إلى أن هذا الامر مرتبط في الاساس بعادات وتقاليد المجتمع.
إلى ذلك، أكد خبراء مشورة أسرية في صندوق الزواج أن هذه العادات بدأت في التراجع بشكل ملحوظ، خصوصاً في المجتمعات التي انفتحت على الثقافات المتعددة.
وقالت الخبيرة الأسرية، وداد لوتاه، إن الاصرار على الترتيب لم يعد من الاسباب الرئيسة لارتفاع نسب العنوسة، خصوصاً بعد تراجع هذه العادات بشكل كبير بين الاسر، ولم تعد موجودة إلا في المناطق النائية، والقرى البعيدة.
وأضافت أن التعليم والانفتاح غيرا نظرة المجتمع إلى مسألة زواج الابنة الكبرى أولاً، وساعد في ذلك الإعلام وتسليطه الضوء على مثل هذه العادات التي من شأنها الاضرار بالمجتمع، مشيرة إلى أن انتشار التعليم الاجنبي والمختلط منذ الصغر، ساعد على التقليل من هذه الظاهرة، وأصبحت وسائل الزواج والتعارف متعددة، ولم تعد مقصورة على النسب بين الاسر والاقارب فقط، كما كانت من قبل.
ترتيب الزواج
فيما أكدت خبيرة المشورة الأسرية في صندوق الزواج، عائشة الحويدي، أن هذه العادة كانت سابقاً عرفاً من أعراف العائلات، ولا يمكن التنازل عنه، موضحة أن الامر تغير كثيراً حالياً، وأصبح الجميع يعرف أن موضوع الزواج نصيب، ومن يأتي إليها نصيبها تتزوج من دون ترتيب.
وأشارت إلى أن العديد من الاسر حالياً تقبل فكرة تزويج الابنة الصغرى قبل الكبرى، من دون وجود حرج من الموضوع كما كان من قبل، وتتم معالجة المسألة النفسية للشقيقة الكبرى، عن طريق استئذانها، قبل الموافقة، واسترضائها، وتهوين الموضوع حتى لا يتسبب هذا الامر في خلق نوع من الغيرة بين الاخوات، قد تكون له عواقب مستقبلية، وغالباً ما تتقبل الشقيقة الكبرى الامر برضى واعتراف بأن الزواج نصيب.
فيما قال المدرب والمستشار الاسري، عبدالقادر محمد عجال، إن اشتراط بعض الاسر تزويج الكبرى قبل الصغرى، ظاهره رحمة وباطنه عذاب وفرقة، وتترتب عليه عواقب كثيرة، مثل الحزن والضيق للشقيقة الصغرى، ونشوب غيرةأ وحسد بين الاخوات، والايحاء النفسي للكبرى بأنها غير مطلوبة، وتقف عائقاً امام مستقبل شقيقاتها الاصغر منها، مشيراً إلى أن منع زواج الصغرى قبل الكبرى عادة سيئة، يجب على المجتمع التخلص منها.