مواطنات يُطالبن بضوابط تحدّ مــن زواج المواطنين بأجنبيات
رصدت «الإمارات اليوم» ردود فعل فتيات مواطنات وشبان في المنتديات الاجتماعية وشبكتي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، على القضية التي أثارها عضو المجلس الوطني الاتحادي، مصبح سعيد الكتبي، الثلاثاء الماضي، حول وجود 175 الف مواطنة فاتتهن سن الزواج، وارتفاع نسب العنوسة في المجتمع الإماراتي لتصل إلى ما بين 60 و68٪ من إجمالي عدد المواطنات، إذ طالبت الفتيات بفرض قيود على الزواج بأجنبيات، تشمل وقف ترقياتهم في العمل، وحرمانهم من المميزات التي تعطى للمواطنين المتزوجين حديثا بمواطنات، مع وضع محفزات أكثر لتشجيع الزواج بالمواطنات، او التعامل بالمثل، وتسهيل زواج المواطنات بمقيمين.
من جانبهم، رفض الشباب فكرة زواج المواطنة بمقيم، مشيرين إلى أن الحافز وراء هذه الزيجات سيكون الطمع في العروس وأسرتها، والحصول على إقامة دائمة في الدولة.
وأكدت هيئة تنمية المجتمع أن ارتفاع عدد المواطنات غير المتزوجات، أصبح «مقلقا» ويحتاج إلى تضافر الجهود كافة، على المستويين الحكومي والخاص، لمواجهة هذه المشكلة وانعكاساتها على التركيبة السكانية، والهوية الوطنية.
وتفصيلاً، طالبت مواطنات بوضع حل لمشكلة زيادة عدد المواطنات غير المتزوجات، وعدم حصر المشكلة في ارتفاع تكاليف الزواج والمهر وتكاليف إقامة حفلات الزفاف، خصوصا أن معظم الأسر الإماراتية أصبحت تتساهل في هذه الأمور، وتنظر لها على أنها شكليات غير ضرورية، ما دام كان العريس ذا خلق ودين، ومن أسرة طيبة.
وطالبت وجدان أحمد، وسعيدة منصور، وعلياء حمد، بمعاملة المواطن المتزوج بمواطنة بأفضلية عن المتزوج بأجنبية، خصوصا في العمل والترقيات والبدلات، وأحقية الحصول على وظيفة، أو أي مميزات أخرى، مثل الحصول على أرض أو سكن.
وقالت مشاركات في هذا النقاش إن منحة الزواج بمواطنة، التي يقدمها صندوق الزواج، غير كافية، خصوصا أن المستفيد منها شريحة صغيرة من المجتمع ممن يقل دخلهم الشهري عن 19 الف درهم، في حين أن معظم الشباب المتزوجين بأجنبيات، هم من أصحاب الدخل المرتفع، لأن معظم الاجنبيات ينظرن إلى زواجهن بمواطن على أنه فرصة للثراء وتحقيق أحلامهن، هن وذويهن، مشددات على ضرورة حرمان الزوج جميع الامتيازات عند زواجه بأجنبية.
ونادت المشاركات محاسن سعيد، وأم خالد، وريم صالح، بضرورة السماح للمواطنة بالزواج بمقيم، أسوة بالرجل المواطن، وتغيير نظرة المجتمع والرفض الاجتماعي الذي تواجهه مثل هذه الزيجات، أو منع المواطن من الزواج بمقيمة عبر ضوابط وشروط معينة يضعها المشرع لضمان أن تؤتي تلك الحلول ثمارها ضمن إجراءات متعددة للحد من ظاهرة العنوسة التي باتت إحدى معضلات المجتمع التي لم يعد لها حلول.
وأكدت فاطمة أحمد أن معيار الزواج الدين والأخلاق وليس شيئا آخر، ومن غير المعقول تعميم فكرة أن كل المقيمين الراغبين في الزواج بمواطنة هدفهم الأول والأوحد هو المال، خصوصا أن منهم أغنياء ، أو يشغلون مهنا عليا، ورواتبهم مرتفعة، ويستطيعون من خلالها الوفاء بالتزامتهم الأسرية.
وقالت إن أساس الحياة الزوجية هو الحب والتفاهم، والفيصل هو الدين والاخلاق ومعظم الدول العربية لها العادات والتقاليد نفسها، مع اختلافات بسيطة، لكونها مجتمعات إسلامية.
وأشارت هند محمد، إلى أن خطر حصول ابن المواطنة على جواز السفر، بالنسبة للهوية الوطنية، والانتماء والتركيبة السكانية، أقل بكثير من حصول المواطن من أم أجنبية عليه، لأن الأم تقضي معظم الوقت مع أبنائها، خصوصا في الأعوام الـ10 الأولى من حياتهم، التي تتكون خلالها شخصياتهم، وانتماءاتهم وطرق تفكيرهم، وبالتالي سيكون ابن المواطنة إماراتيا قلباً وقالباً، لأنها ستزرع فيه حبها وإخلاصها لبلدها.
في المقابل، رفض كثير من الشباب الإماراتي، فكرة زواج المواطنة بمقيم، في ظل مناقشة هذا الحل بدافع خفض نسب العنوسة في المجتمع، معتبرين أن الحافز المادي سيكون وراء هذه الزيجات طمعا في العروس وأسرتها، لتحقيق مصالح اقتصادية، والحصول على إقامة دائمة في الدولة. وقال حمدان سعيد إن مثل هذا الزواج محكوم عليه بالفشل مسبقا، انطلاقا من كونه يأتي على الأغلب لتحقيق مصالح اقتصادية من قبل الزوج، مشيراً إلى أن هذا الزواج غالبا ما يفشل كونه يفتقد التوازن المالي بين الرجل والمرأة وأسرتها، وهو ما يعتبر أساسا بارزا لاستقرار أي زواج، إضافة إلى ما يسببه من تعميق الخلل في التركيبة السكانية لكون ابن المواطنة يظل 18 عاما من عمره غير إماراتي، وتاليا سيكون مزدوج الانتماء.
وأكد يوسف البلوشي أن الحلّ الأمثل للحد من مشكلة العنوسة، ليس التوسع في زواج المواطنات بأجانب، لكن الحل هو تشجيع الزواج بثانية بين المواطنين من خلال منح الزوجة الثانية امتيازات تشجيعية، منها أن يحصل الزوج على منحة صندوق الزواج، ومنزل حكومي، على أن يسجل باسم الزوجة الثانية لضمان حقوقها، مطالباً المواطنات بتقبل فكرة الزوجة الثانية كأحد الحلول الجذرية لمشكلة العنوسة والتركيبة السكانية.
وأكد سالم الصافي أن زواج المواطنة بمقيم يحمل سلبيات أكثر من الايجابيات لأن معظم المقيمين يستغلون الفتاة الإماراتية، ويكون هدف الزواج عندهم مصلحة ذاتية، أكثر من الرغبة في الاستقرار، لافتاً إلى أن مشكلة العنوسة التي تقدم كمبرر لمثل هذا الزواج غير المتكافئ قد ضمن حلها الشرع، إذ يستطيع الرجل أن يتزوج بأربع، ما يسهم في تعديل التركيبة السكانية، ويقضي على العنوسة، على أن تنظم الدولة مثل هذه الزيجات، وتضع شروطا تضمن حقوق الزوجة المواطنة.
من جانبها، أكدت المستشارة الأسرية في هيئة تنمية المجتمع، وداد لوتاه، أن ارتفاع عدد المواطنات غير المتزوجات، أصبح أمرا مقلقا، مقترحة عمل حوافز تشجيعية للمواطن المتزوج بمواطنة، مثل زيادة الراتب، وبدل السكن، وبدل الاولاد، وأن يحرم كل هذا من يتزوج بأجنبية، إضافة إلى تقليل ساعات عمل الزوجة المواطنة، لمساعدتها على رعاية أسرتها والاهتمام بشؤونها، وتعويض ذلك الوقت بتوظيف مواطنات غير متزوجات ممن هن فوق الـ30 عاما للعمل ظهراً، لتقليل نسب البطالة بينهن، ودمجهن في المجتمع، لتتاح لهن فرصة الزواج.
واشترطت لوتاه في مسألة السماح للمواطنة بالزواج بمقيم أن تكون قد تعدت الـ35 من عمرها، وأن يكون لائقا اجتماعياً، وخلوقا، ويعمل في وظيفة محترمة، ليستطيع القيام بواجباته، مشيرة إلى أن «فرص الفتاة التي تتعدى سن الـ35 في الزواج بمواطن تقلّ كثيراً، لذلك لا مانع من السماح لها بالزواج من مسلم ملتزم، يعرف حقوق ربه وزوجته».
وأكدت الخبيرة الأسرية، المحاضرة في صندوق الزواج، اعتدال الشامسي، وجود خلل في طريقة تفكير الشباب يؤدي إلى استمرار هذه الظاهرة وزيادتها، مطالبة بضرورة وجود دورات تنشيطية، بين الشباب في المراحل التعليمية الثانوية والجامعية، تعتمد على الدراسات النفسية والاجتماعية والدينية للتوعية بأهمية الزواج بالمواطنات، لما يمثله ذلك من حفظ للأعراق، ولمستقبل الدولة.
وقالت إنه يتعين البدء فوراً في تنظيم محاضرات مكثفة لتوعية الشباب بضرورة الارتباط بمواطنات، وأن تشمل المناهج الدراسية دروساً عن هذا الموضوع، بجانب طرحه للنقاش والمعالجة بصورة واسعة في وسائل إعلام الدولة، وأن تتبنى الدولة مشروعاً يسعى إلى ترسيخ ثقافة أهمية زواج المواطنين ببعضهم.