اعتبرت أن القانون المقترح يمثل كبحاً لسلطة الأبوين وتقوية له على والديه
أسر مواطنـة تتخـوّف مـن توسيـــع حريات الطفل
عبرت أسر إماراتية عن مخاوفها من الاحتمالات السلبية الممكن أن تنتج عن إقرار قانون حقوق الطفل الجاري مناقشته حالياً، مبينين أن التوسع في حريات وحقوق الطفل وخلو القانون المقترح من تحديد واجباته من شأنه تقويته على والديه، ويمثل كبحاً لسلطة وولاية الأبوين على أبنائهم، بما ينذر بتعذر تربية الجيل المقبل تربية سوية، وذلك نتيجة طبيعية لآثار الحد من سيطرة الأبوين. فيما أكد المستشار في وزارة العدل عضو اللجنة العليا لحماية الطفل في وزارة الداخلية، محمد أحمد الحمادي، أن «القانون المقترح يضمن المحافظة على الحقوق الأساسية للطفل بما لا يتعارض مع عادات وتقاليد ودستور الإمارات»، مضيفاً أن وقائع انتهاك حقوق الطفل غير الخطرة سيتم حلها من قبل أخصائيين اجتماعيين بعيداً عن أجهزة الشرطة.
وتعكف اللجنة الفنية للتشريعات في وزارة العدل حالياً على مناقشة مشروع قانون حقوق الطفل، إذ ناقشت عدداً من مواد مشروع القانون، بحسب رئيس اللجنة وكيل وزارة العدل المساعد للفتوى والتشريع وقضايا الدولة، المستشار سلطان راشد المطروشي.
وتشير تقديرات إلى أن الأطفال يشكلون نحو 14٪ من نسبة إجمالي سكان الدولة، وعلى مستوى إمارة دبي بلغ عدد الأطفال المواطنين 72 ألفاً و606 أطفال عام 2010 وعدد الأطفال غير المواطنين 185 ألفاً و738 طفلاً، وتشير إحصاءات مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال في ،2010 إلى أنها تعاملت مع 65 حالة إساءة للأطفال، وتم إيواء 31 منها، إضافة إلى 135 حالة عنف منزلي، وتم التعامل مع ثماني حالات أطفال ضحايا للاتجار في البشر، كما ورد 47 اتصالاً مباشراً للإبلاغ عن إساءة في حق طفل، و152 اتصالاً للإبلاغ عن عنف منزلي.
سيطرة الأبوين
تنظيم حقوق الطفل نوه المستشار في وزارة العدل عضو اللجنة العليا لحماية الطفل في وزارة الداخلية، محمد أحمد الحمادي، باهتمام الإمارات بالطفل، إذ نصت على حقوقه في دستور الاتحاد وسنت مجموعة من القوانين التي تمثل تنظيماً وحماية لحقوق الطفل في المجتمع منذ بداية قيام الدولة الاتحادية عام ،1972 كما انضمت الإمارات الى اتفاقية حقوق الطفل عام ،1996 وتحفظت على بعض المواد مثل الجنسية، إذ اعتبرتها شأناً داخلياً تنظمه التشريعات الوطنية. وأشار إلى أمثلة للقوانين التي صدرت في الإمارات بشأن تنظيم حقوق الطفل، مثل القانون رقم (11) لسنة 1972 في شأن التعليم الإلزامي، والقانون رقم (6) لسنة 1975 في شأن قيد المواليد والوفيات (المعدل بالقانون رقم 18 لسنة 2009)، والقانون رقم (9) لسنة 1976 في شأن الأحداث الجانحين، والقانون رقم (5) لسنة 1983 في شأن دور الحضانة. وأشار إلى أن مجموعة أخرى من حقوق الطفل توزعت على النصوص الواردة في عدد من القوانين الاتحادية، مثل قانون الجنسية وجوازات السفر الذي نص على منح الجنسية للقيط، وقانون تنظيم علاقات العمل، الذي نظم سن الاستخدام وساعات عمل الأطفال، وقانون العقوبات الاتحادي، الذي عاقب على مجموعة من الجرائم الموجهة ضد الطفل، وقانون الوقاية من الأمراض السارية، وقانون تنظيم المنشآت العقابية ولائحته التنفيذية، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون الضمان الاجتماعي الذي قرر حق اليتيم والمعاق ومجهول الوالدين في الإعانة المالية، وقانون ذوي الإعاقة، والمرسوم بقانون بشأن الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية، بالإضافة إلى وجود قوانين محلية في بعض الإمارات. وأضاف أن هذا الاهتمام بالطفل لم يتوقف عند حد إصدار القوانين، وإنما هو مستمر في تعزيز حقوق الطفل وحمايته في الإمارات من خلال إنشاء العديد من المجالس والهيئات المعنية بشأن الأسرة والأمومة والطفولة. |
وفي التفاصيل، أعرب المواطن سعد بن ثابت (رجل أعمال)، عن تخوفه من مشروع قانون الطفل المزمع إقراره، لما قد يحتويه من مواد قانونية من شأنها الحد من سيطرة الأبوين على أبنائهم، فضلاً عن أنه مستمد بشكل رئيس من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، موضحاً أن «مشروع القانون الجديد ينص (حسب علمه)، على تقرير عقوبة على المعنيين برعاية الطفل كالأب والأم والأخ، إذا ما صدر عنهم أي شكل من أشكال العنف أو الإيذاء أو التعذيب على الطفل، إضافة إلى إلزام فئات معينة كالعم والخال والجد والجدة بإبلاغ الجهات المختصة حين مشاهدتهم تعرض الطفل لأي شكل من أشكال العنف، سواء كان من الأبوين أو غيرهم وإلا طال الأعمام والأجداد عقوبة أيضاً، كما يمتد ذلك إلى المدرسين والأطباء، فضلاً عن تثقيف الطفل بحقوقه وحرياته وطرق التواصل الفعال مع الجهات المختصة، منها التأكد من تزويده برقم «الخط الساخن» لتقديم بلاغ حين تعرضه للعنف.
وتخوف بن ثابت من أن يتم الاعتماد على تعريف العنف كما هو مقرر في اتفاقية حقوق الطفل الدولية واستبعاد تعريف العنف في الإسلام، أو في القانون أو أي مرجع آخر، معتبراً أن «ذلك يعد خطورة بالغة، لأن مفهوم العنف حسب المعايير الدولية يشمل الاعتراض على الشذوذ والاختلاط وممارسة الجنس وغيرها من التجاوزات، كما يعد تزويج الفتاة قبل 18 ممارسة عنف ضد الطفل أيضاً»، مبيناً أن تعريف العنف في الاتفاقيات الدولية شمل كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، أو الاهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، أو إساءة المعاملة، أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية.
وطالب بأن يكون هناك حدود وفواصل علمية وعملية بين العنف والإيذاء والإساءة المحرمة والمباحة، طبقاً للشرع والعقل ومتطلبات التربية الاجتماعية، ومن ذلك مثلاً: الضرب التأديبي غير المبرح كالضرب على الصلاة، ودراسة الاحتمالات غير المرغوبة الممكن نشوبها من القانون، كالصراعات داخل الأُسر بسبب تقوي الأبناء ضد الابوين.
ضبابية في القانون
ويتفق معه المواطن أحمد المهري (موظف)، قائلاً إنه يتخوف من التداعيات السلبية التي قد يتسبب فيها القانون على مصالح الأسر إذا ما خالف مبادئ الشريعة وتقاليد وعادات المجتمع، مشيراً إلى أن هناك حالة من الضبابية وعدم الوضوح في بعض مواد قانون الطفل الجاري مناقشته حالياً، خصوصاً أنه لم يضع تعريفا محددا للعنف الواقع على الطفل ولم يحدد الواجبات اللازمة على الطفل، مثل طاعة والديه وبرهم، لاسيما أن سن الطفل، بحسب الاتفاقيات الدولية، يمتد حتى الـ18 سنة.
وطالب المهري بنشر تفاصيل مشروع قانون الطفل على الرأي العام قبل إقراره، وتوسيع مشاركة الفعاليات الاجتماعية من القانونيين والتربويين والاجتماعيين في إبداء آرائهم في هذا القانون بما يحقق مصلحة المجتمع، ودراسة الآثار السلبية التي قد تسببها بعض مواده في العلاقة بين الأبوين وأبنائهم .
وذكر مواطنون آخرون (فضلوا عدم ذكر أسمائهم)، أن مشروع القانون لم يحدد ظروف أو ضرورة معينة يسمح فيها للطفل باللجوء إلى السلطات، وهذا معناه أن تقديره يعود إلى مزاج الطفل، كما خلا من فواصل دقيقة تحدد المقدار الذي يندرج أو ينطبق عليه تطبيقات ممارسة العنف، وهذا معناه إمكانية استخدام التجريم في القانون من باب الهوى، كما عبر عن مخاوفهم من أن يسهم القانون في تقليل الذرية، لأنه كلما ازدادت الذرية ازدادت فرصة الانزلاق في مخالفات انتهاك حقوق الطفل.
إطار اجتماعي
إلى ذلك طمأن المستشار في وزارة العدل عضو اللجنة العليا لحماية الطفل في وزارة الداخلية، محمد أحمد الحمادي، الأهالي، مؤكداً أن «قانون الطفل الجديد يضع إطاراً اجتماعياً لحماية حقوق الطفل ولا يحوي نصوصاً تتعارض مع تقاليد وعادات وقيم المجتمع ودستور الدولة، بما يضمن توفير الوقاية من تعرض الطفل لأي شكل من أشكال الاعتداء أو الأذى البدني أو الأخلاقي أو العقلي، وغيرها».
وأوضح الحمادي، أن القانون الجديد يجرم الأفعال التي تتسم بالجسامة والتي تخرج عن الطبيعي، مثل تعرض الطفل للإهمال والضرب المبرح الذي يترك آثاراً في الجسد، والاعتداء الجنسي، وغيرها، وهي أفعال تمثل في الأساس جرائم مغطاة يعاقب عليها قانون العقوبات الإماراتي، كما يضمن القانون الحقوق الأساسية للطفل مثل حق التعليم والمعرفة والترفيه والمأكل والملبس والرعاية الصحية، وهي حقوق عامة تمثل مبادئ للتربية السليمة.
ولفت إلى أن القانون حرص على وضع حلول اجتماعية للمشكلات التي تواجه الأطفال مع أسرهم، إذ يتم حلها من قبل أخصائيين اجتماعيين من دون تدخل أجهزة الشرطة، باستثناء تلك الحالات التي يتعرض فيها الطفل لاعتداء بدني خارج عن المألوف، وتمثل جريمة، إذ يتم إحالتها لجهات التحقيق في الشرطة والقضاء للفصل فيها.
وتابع أنه من المنتظر أن ينشأ القانون خطوطاً هاتفية ساخنة لتلقي الشكاوى المتعلقة بتعرض الأطفال للعنف أو الإهمال، وفي سياق ذلك يفرض القانون مسؤولية اجتماعية على الأفراد للإبلاغ عند مشاهدة أي اعتداء يقع على الطفل، مثل الطبيب عندما يشك في وجود اعتداء بدني على طفل، مثل جرح أو كسر، أو الجيران عند مشاهدتهم تعرض طفل للضرب المبرح أو المنع من الذهاب للمدرسة، فلهم حق الإبلاغ عن تلك الوقائع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news