مستوى الأسئلة يعكس حالة غياب المعرفة. الإمارات اليوم

مطالب برقابة على برامج الفتاوى

قال علماء دين إن تعدد مصادر الفتوى والمفتين في شهر رمضان المبارك ظاهرة صحية، مؤكدين أنها أصبحت ضرورة نظراً لعدم توافر المناهج الدينية في المدارس منذ وقت مبكر، وعدم إلمام أعداد كبيرة من الناس بالكثير من أمور الدين، مؤكدين ضرورة فرض رقابة على برامج عرض الفتاوى، وكذلك المفتين بها حتى لا يتسور هذا المنصب من ليس بأهل له.

وتفصيلاً، أكد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي، الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، ضرورة فرض رقابة على برامج عرض الفتاوى، وكذلك المفتين بها، حتى لا يتسور هذا المنصب من ليس بأهل له، فيضِل ويُضل عن سواء السبيل، وإذا كان لكل فن رجاله الذين يقيمونه ويحفظونه فإن علم الحلال والحرام أهم من كل الفنون لتعلقه بدين المرء الذي يكون معه طائعاً أو عاصياً، فإذا تُرك فإنه سيكون عرضة لكل متطلع للتصدر على حساب دين المجتمع وعقيدته.

وقال إن تعدد مصادر الفتوى، خصوصاً في شهر رمضان المبارك، يعتبر ظاهرة صحية، إذ إنه من المناسب أن يسأل الناس عن أحكام شرع الله تعالى، وأن يتذكروا الشرع الشريف ليطبقوه في جميع أحوالهم، في شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، فالعامة يسألون والعلماء يفتون ويعظون ويوجهون وينصحون، فتعم الفائدة.

مرونة الشريعة

وفي ما يتعلق باختلاف مذاهب المفتين، والمستفتين وما قد ينتج عنه من لبس لدى الجمهور، نفى الحداد إمكانية حدوث ذلك، مؤكداً أن هذا الاختلاف يعطي مرونة كبيرة للشريعة الإسلامية، إنها ليست قوالب جامدة لا يفهم منها إلا وجه واحد، بل نصوصها تحتمل الاجتهاد المؤصل المبني على علم وفهم وإدراك لدلالات الألفاظ، وفقه اللغة العربية.

وحول ما إذا كان الرأي الطبي في ما يخص الصائم ملزماً للمفتي ووجود مناطق خلاف في الرأي بين الأطباء والمفتين، أوضح الحداد أن الفقهاء لا يستقلون بآرائهم في المسائل التي تحتاج إلى وجهات نظر مختلفة، بل يسألون عنها أهل الاختصاص، فإذا تصوروا المسألة بينوا حكم الشرع في ضوء ذلك التصور، ولذلك تقرر لديهم القاعدة المنطقية «الحكم عن الشيء فرع عن تصوره»، فهم من أشد الناس احتراماً للتخصصات التي ليست لديهم.

وفسر الحداد كثرة تساؤلات الناس حول الأمور السهلة التي تعتبر من بديهيات الدين، المتعلقة بالصلاة والصيام، قائلاً إن هذه الأمور تدل على رغبة الناس بالتقيد بشرع الله تعالى في جميع تصرفاتهم، وذلك هو واجبهم، فإن جميع أحوال المسلم مقيدة بشرع الله تعالى.

مصادر الفتوى

وذكر عضو مجمع البحوث الإسلامية، سماحة السيد علي الهاشمي، أن تعدد مصادر الفتوى ظاهرة صحية وأصبح ضرورة نتجت عن عدم توافر المناهج الدينية في المدارس والمعاهد، الأمر الذي أسهم في إخراج أجيال لا تعرف شيئاً عما هو معلوم من الدين بالضرورة، وتالياً فاللوم يقع على المؤسسات التربوية التي تجاهلت تعزيز الثقافة الإسلامية لدى الطلبة منذ سن مبكرة.

ولفت الهاشمي إلى أن مستوى الأسئلة التي يتلقاها رجال الفتوى في السنوات الأخيرة يعكس حالة غياب المعرفة اللازمة بما هو معلوم من الدين بالضرورة بأساسيات الدين لدى الكثيرين، فقد تجد من يسأل عن كيفية الوضوء والصلاة وهل يصوم الستة من شوال أم! مؤكداً ضرورة تعزيز الثقافة الفقهية لعلوم الدين للمجتمع من خلال المدرسة، وحمل المؤسسات التعليمية المسؤولية عن هذه المشكلة.

وحول ما إذا كانت كثرة مصادر الفتوى قد تسبب نوعاً من اللغط لدى الناس حول القضية الواحدة، أوضح الهاشيمي، أن الناس «يتمذهبون بمذاهبهم»، وكل يتبع المذهب الذي ينتمي إليه، ويأخذ بحكمه في قضاياه، وعلى المفتي أن يشير إلى هذه الفروع التي تتباين بين مذهب وآخر ليخلص من هذا الجدل ويأخذ كل شخص ما يفيده منها، مشيراً إلى تعدد مدارس الفقه الإسلامي.

وأضاف أنه بما أن الإمارات تضم العديد من الجنسيات من دول العالم المختلفة، فإنه على المفتي أن يعلم المذهب الذي ينتمي إليه المستفتي حتى يجيبه بما يتوافق معه مذهبه المتبع في بلاده.

الأكثر مشاركة