«الإقامة»: قانون العمالة المساندة سيتلافى جميع سلبيات العمالة المنزلية

خادمات ومربيات يشوّهن الأطفـال نفسياً

أكد خبراء وآباء مواطنون ومقيمون داخل الدولة أن الخادمات وراء نسبة من المشكلات النفسية التي يعانيها الأطفال بشكل عام، خصوصاً الخادمات اللائي يتعاملن مع الأطفال بشكل مباشر داخل المنزل، ويقضين معهم معظم أوقات اليوم أثناء غياب الوالدين، عازين السبب إلى اختلاف طباع الخادمات وسلوكياتهن وثقافتهن وتأثيرهن في الأبناء داخل الأسرة، أو نتيجة سوء المعاملة، الأمر الذي ينتهي بتشويه الأطفال نفسياً.

مفردات ركيكة

أثبتت دراسة خليجية حديثة أن تأثير الخدم في الإناث من الأطفال لا يقتصر على اللغة فقط، لكن أيضاً ثبت أن الطفلة قد تصبح خجولة وقليلة الكلام، وتحب الهدوء، وكثرة النفور من الكبار، خصوصاً الغرباء، وقد تؤثر هذه الظاهرة على أسلوبها في المعاملة مع من حولها من أصدقاء وزملاء وقد تصبح عدوانية، حيث يصبح العدوان وسيلتها لإفراغ شحنات الغضب الكامنة في نفسها.

وأوصت الدراسة بضرورة أن يراعي الآباء توفير جو من الحب والرعاية والحنان والشفقة والعطف للأطفال، وتعويضهم عن الفترات التي يتغيبون فيها عن المنزل، والحرص على احتفاظ الآباء والأمهات بأدوارهم داخل الأسرة في ما يتعلق بتربية وتنشئة الأطفال وعدم التخلي عنهم نهائياً. ونصحت الدراسة الآباء والأمهات بعدم التهاون في العبارات التي قد تتحدث بها الخادمات أمام الطفل، ووضع ضوابط لعمل الخادمة، من حيث مظهرها وأسلوب حديثها وطريقة تعاملها مع الطفل، وكذلك متابعة دور الخادمة في تربية الطفل، والطريقة التي تتعامل بها مع الأطفال للتمكن من الاطمئنان عليهم، خلال فترات الغياب خارج المنزل.

وأكدت دراسة خليجية حديثة تولى إعدادها فريق من المختصين أن أبرز المشكلات النفسية التي يعانيها الأطفال بسبب وجود خادمة أجنبية هي الميل للانطواء والعزلة والميول العدوانية والخمول والكسل.

وتفصيلاً، قالت مواطنة أمام محكمة الجنايات خلال نظر قضية تعدٍ على خادمتها بالضرب، إنها فوجئت عند عودتها من العمل مبكراً على غير عادتها بوجود فوضى عارمة داخل المنزل، ووجدت ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات في غرفته عارياً تحت السرير، ودرجة حرارة مكيف الغرفة منخفضة جداً.

وأضافت أن ابنها مريض بحساسية الصدر منذ فترة، مشيرة إلى أنها تبينت أن الخادمة تسببت في مرض ابنها متعمدة، كما أنها تسيء معاملته انتقاماً منها، وأرفقت شهادة طبية تفيد بتلقي ابنها علاجاً نفسياً لإعادة تأهيله.

وقالت مواطنة أخرى تُدعى (م.ع) لـ«الإمارات اليوم» إنها جلبت خادمة تحمل جنسية دولة آسيوية يتجاوز عمرها 40 عاماً، عملاً بنصيحة إحدى قريباتها لرعاية ابنتها أثناء غيابها في العمل، إلا أنها فوجئت بعد أشهر قليلة بتغير كبير في سلوك طفلتها، إذ أصبحت انطوائية وقليلة الكلام كما لاحظت أنها أصبحت تعاني صعوبة في النطق «تهتهة» وسرعة البكاء.

وأضافت (م.ع) بعد تدهور حالة الفتاة اضطرت إلى عرضها على طبيب أخصائي، فوجه إليها نصائح عدة من بينها مراقبة سلوك الخادمة معها أثناء غيابها، وبالفعل بدأت في مراقبة الخادمة من دون علمها، فاكتشفت أنها تعنف وترهب الطفلة وتحبسها وحيدة في غرفتها طوال فترة غيابها في العمل، فقامت على الفور بإنهاء خدماتها.

فيما قالت أخصائية اجتماعية في مدرسة خاصة، سهام بيبرس، إن أبرز مشكلة واجهتها كانت ارتباط طفلة في مرحلة الحضانة بالخادمة التي ربتها بشكل هستيري، لدرجة أنها كانت لا تفارقها وتتعامل معها كأمها، وكانت الأم مسرورة بهذا الوضع وتفاخر به أمام صديقاتها، حتى قررت الخادمة العودة إلى بلادها بسبب ظروف خاصة بها، فتعرضت الطفلة إلى انتكاسة نفسية، وتبين ذلك في تأخرها الدراسي وانطوائها وشعورها الدائم بالوحدة.

ولفتت إلى أن هناك أشكالاً كثيرة للتأثيرات النفسية التي يتعرض لها أطفال في سن صغيرة نتيجة علاقات غير سوية مع خادماتهم، ما يستوجب على الآباء والأمهات مراقبة هذه العلاقة بكل حرص، ولعب الدور الأساسي في حياة أبنائهم، ومراعاة الاختلاف الثقافي والاجتماعي بين أبنائهم وبين الخادمات.

وأفادت الباحثة الاجتماعية الاستشارية، أسماء أبوالعينين، بأن هناك حالات بارزة تناولتها وسائل الإعلام حول تعدي خادمات على الأطفال أو تعذيبهم، إلا أن هناك حالات كثيرة لا يتم تداولها إعلامياً نظراً لعدم اشتمالها على الشق الجنائي، كما أن كثيراً من الأسر تفضل معالجة الأمر من دون إحداث جلبة أو تقديم شكوى إذا لم يكن هناك أثر مادي يعانيه الطفل.

وأشارت إلى أن من أبرز صور التعدي على الأطفال من جانب الخدم هو التحرش بالأطفال وهي جريمة تقع نتيجة غياب أفراد الأسرة عن البيت فترات طويلة وترك أولادهم بمفردهم مع الخدم، سواء كانوا إناثاً أو رجالاً.

وأكّدت أن التحرش هو أكبر عوامل التأثير النفسي السلبي في الطفل، حيث يظل أثره فترات طويلة في حياة الطفل، وقد يظل أثره طوال العمر، موضحة أن العلاقة الحميمة بين الأم وأطفالها في وجود الخادمة تساعدهم على تجاوز الاختلافات الثقافية واللغوية، وتحد من أي ممارسة سلبية قد تقوم بها الخادمة تجاه الأطفال في غياب الآباء.

من جانبها، أكدت الإدارة العامة للجنسية والإقامة أن قانون العمالة المساندة الذي تم الانتهاء منه وأقره المجلس الوطني الاتحادي سيتلافى السلبيات كافة التي يعانيها قطاع العمالة المنزلية داخل الدولة بمجرد دخوله حيز التطبيق، سواء في علاقة الأسرة بالعامل أو علاقتها بمكتب الوساطة الذي جلبه من بلاده.

وأوضحت الإدارة أن القانون يشترط في العديد من بنوده المستحدثة عدم تشغيل الخادمة إلا بعد التأكد من حصولها على التدريب والتأهيل اللازم، إضافة إلى إلزام مكتب الخدم بتقديم شهادة رسمية تفيد بلياقة الخادمة صحياً ونفسياً، وهو ما سيحول دون جلب عمال غير مؤهلين صحياً ونفسياً، كما كان يحدث في السابق.

وأفادت دراسة خليجية حديثة بأن أهم سلبيات وجود خادمة لرعاية الأطفال من جنسية أخرى داخل المنزل أنه يؤثر سلباً في النمو اللغوي، إذ يكتسب الطفل من خلال المربيات مفردات لغوية ركيكة غير متماسكة تتضح في كثير من المفردات، إذ تبث أن نسبة من الأطفال يعانون عيوباً في النطق مثل «الثأثأة أو الفأفأة أو التهتهة»، بسبب الخادمات.

وقالت الدراسة إن المربية الأجنبية هي المصدر الأساسي والوحيد تقريباً الذي يكتسب منه الطفل قيمه وتقاليده وعاداته، بالإضافة إلى اللغة الداخلية التي قد يتأثر بها الطفل بشكل عام، والتي قد تنشأ باختلاط لغة الخادمة أو المربية بلغة المجتمع أو الأسرة، فتصبح للطفل عملية تناقض بين ما قد يسمعه من الأم في طريقة المعاملة والمحادثة، وما قد يسمعه من الخادمة التي تكون غالباً لغتها الأصلية مع بعض المفردات المحلية.

تويتر