الشرطة اكتشفت تسرب غازات سامة من شـــــقة الجيران عبر فتحات التهوية

الفحوص تثبــت وفاة «حبيبة» بتسمّم كيميائي

«حبيبة» ماتت بعد استنشاقها مادة كيميائية محظورة. من المصدر

توصلت جهات التحقيق في واقعة وفاة الطفلة حبيبة وإصابة شقيقها عبدالرحمن، إلى أن الحادث نتج عن استنشاق غاز الفوسفين السام الذي ينبعث من مادة فوسفيد الألومنيوم، والذي تم اكتشاف وجود أقراص منها في الشقة المجاورة لشقة الطفلين في أحد الأبراج السكنية في مدينة الشارقة، وتسرب الرائحة إلى الشقة عبر فتحات التهوية، واستنشقه الطفلان، ما أدى إلى وفاة الطفلة وتدهور حالة شقيقها.

وأفاد نائب المدير الفني لمستشفى القاسمي، الدكتور خالد خلفان، بأن حالة الطفل عبد الرحمن تحسنت وتمت إزاحة التنفس الصناعي التي خضع لها لحظة وصوله المستشفى، كما تحسن أداء الدورة الدموية، وضربات القلب بدأت في الانتظام.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي نظمه مركز الشارقة الإعلامي، أمس، بحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، وأكدت الشيخة الدكتورة رشا القاسمي مساعد مدير عام بلدية الشارقة، أن نتائج الفحوص المخبرية للأغذية لم تثبت وجود علامات على فساد الأغذية التي تناولها الأطفال.

وكانت الواقعة بدأت فجر الثاني من سبتمبر الجاري، عندما دخل الطفلان حبيبة هشام عبدالرحمن البالغة من العمر سنتين، وشقيقها عبدالرحمن (6 سنوات) إلى قسم الطوارئ في مستشفى القاسمي، في حالة اعياء شديدة، وكانت الطفلة تعاني هبوطاً حاداً في الضغط، وجفافاً وقيئاً متكرراً وشقيقها أيضاً، فتم إدخالهما العناية المركزة وإعطاؤهما محاليل، وتم تشخيص الحالة من قبل الأطباء على أنها اشتباه في حالة تسمم غذائي، وكانت حالة الطفل مستقرة إلى حد ما.

أهمية الإعلام

أكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي، أهمية الإعلام في التوعية المجتمعية وإيصال المعلومات الدقيقة والصادقة إلى مختلف أفراد المجتمع، وهو ما يتطلب التوجه إلى المصدر الرئيس للمعلومة وعدم الاعتماد على المصادر البديلة.

وقال إن هناك فروقاً بين وسائل الاعلام الاجتماعي ووسائل الإعلام الرسمي، داعياً جميع الجهات الرسمية إلى توثيق علاقتها مع جميع وسائل الإعلام الرسمية وعدم إعطاء الأولوية في بث الأخبار لمواقع التواصل الاجتماعي. ودعا جميع وسائل الإعلام حال تعذر الوصول إلى المسؤولين في إمارة الشارقة، إلى تحري المعلومات الدقيقة والتواصل مع مركز الشارقة الإعلامي لتسهيل مهامهم، كونه حلقة الوصل بين الدوائر الرسمية في الإمارة ومختلف وسائل الإعلام.

وبعد عمل الأشعة للطفلة، وصورة للقلب، تبين أن هناك ضعفاً في عضلة القلب، ما أدى إلى انخفاض عمله وعدم الاستجابة لعمليات الإنعاش وتوفيت بعد ست ساعات، وظل شقيقها عبدالرحمن، في العناية المركّزة، وأفاد تقرير المستشفى بأن الطفلين تعرضا لتسمم حاد يعتقد أنه غذائي أو كيميائي نتج عنه إصابة الطفلين بأعراض تقيؤ وإعياء شديدين، كما أوضح التقرير أن سبب موت الطفلة يعود إلى وجود التهاب مميت في عضلة القلب.

وباشرت الجهات المختصة في شرطة الشارقة التحقيق حول ملابسات الحادث، وانتقل فريق من الضباط وخبراء المختبر الجنائي إلى موقع سكن الطفلين بهدف جمع الاستدلالات حول ملابسات تعرضهما للتسمم والتحدث إلى ذوي الطفلين ومعاينة الموقع، وفوجئ الفريق بوجود رائحة قوية تنبعث من الشقة المقابلة لشقة الأطفال، وتم الاشتباه بوجود إحدى المواد الكيميائية التي تستخدم بطرق غير مشروعة في مكافحة الحشرات، وبالسؤال عن سكان الشقة تبين أنها مستأجرة من قبل إحدى الأسر الهندية وموجودة خارج الدولة.

ومع تزايد الشكوك بوجود مواد كيميائية في الشقة تقرر فتحها والتحقق منها، وبعد استيفاء الإجراءات القانونية، تم فتح الشقة وتبين وجود 26 قرصاً من مادة فوسفيد الألومنيوم الممنوع تداولها موزعة في الشقة لمكافحة القوارض والحشرات، وثارت الشكوك بأن الطفلين تعرضا لاستنشاق الغازات السامة المنبعثة من تلك المبيدات عالية السمية. وأكد رئيس المختبر الجنائي في شرطة الشارقة، العقيد الدكتور عبدالقادر العامري، مسؤولية هذه المادة عن قتل كثير من الأشخاص في العديد من دول العالم، موضحاً أن فوسفيد الألومنيوم الذي يعرف بأسماء تجارية عدة حسب بلد المنشأ ومنها اسيلفوس، يونايتد فوسفورس، فوستوكسين، فيوميفوس، يطلق غاز الفوسفين السام عند تفاعله مع الرطوبة.

وأشار إلى أن قضايا التسمم سواء كان غذائياً أو كيميائياً تعتبر من القضايا المعقدة والمتشعبة التي تحتاج إلى مهنية عالية وتضافر جهود وإمكانات جهات علمية عدة لإثباتها لأسباب تتعلق بضرورة سرعة التدخل وإجراء التشخيص الإكلينيكي، وكذلك بنوعية التحاليل الكيميائية والبكتيرية المطلوب إجراؤها على العينات البيولوجية (دم ومحتويات معدة وأغذية)، حتى تتمكن الجهة المعنية من اتباع العلاج المناسب وفي أسرع وقت ممكن.

وأضاف العامري أن نتائج الفحوص المخبرية والمعاينات الفنية لشقة الأطفال والعينات المرفوعة، أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألومينيوم السامة المستخدمة بوصفها مبيداً حشرياً في شقة الجيران، مؤكداً أن هناك أدلة قوية متوافرة لدى الشرطة على وجود تسرب غاز الفوسفين السام إلى شقة الأطفال عبر فتحات، خلف السقف المستعار، وهي غير مرئية للقاطنين.

إلى ذلك، قال نائب المدير الفني لمستشفى القاسمي، الدكتور خالد خلفان، إن الفريق المعني بمتابعة القضية بذل تبادل المعلومات ونتائج الفحوص المخبرية للوقوف على المعطيات الرئيسة التي يمكن بواسطتها التوصلأالى التفسير العلمي الدقيق للحادث.

وأشار إلى أن أعضاء الفريق اطلعوا على نتائج الفحوص المخبرية والإكلينيكية التي تم إجراؤها في المستشفى وكذلك نتائج تحاليل مختبر الأغذية، بالإضافة إلى الفحوص والتحاليل والأدلة التي قدمها المختبر الجنائي، خصوصاً نتائج الفحوص المخبرية للمختبر الجنائي التي أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألومينيوم السامة.

وتابع خلفان أن رأي الفريق توصل إلى أن التسمم الذي عاني منه الطفلان حبيبة وعبدالرحمن، يتماشى مع التسمم بمادة فوسفيد الألومينيوم وليس تسمماً غذائياً، موضحاً أن مادة فوسفيد الألومينيوم ليس لها ترياق خاص، وجار اتخاذ جميع الإجراءات العلاجية المناسبة لعلاج عبدالرحمن بأفضل صورة ممكنة.

من جانبه، أفاد مدير ادارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة الشارقة، العقيد جهاد بن ساحوه، بأن فريق من إدارة التحريات والمباحث الجنائية تولى البحث عن مصدر تلك المبيدات السامة والجهة التي استخدمتها في الشقة، موضحاً أنه بعد البحث والتحري وجمع المعلومات توصل الفريق إلى أن بنغاليين توليا معالجة المنزل بتلك المبيدات الحشرية السامة، وبعد إتمام الإجراءات القانونية تم ضبطهما واعترفا برش المنزل بتلك المبيدات الحشرية.

وأضاف أن فريق البحث الجنائي توجه إلى منزل المشتبه فيهما يرافقه خبراء السموم والمواد الكيميائية من المختبر الجنائي، وفوجئوا بأنهما حولا الشقة إلى معمل غير مرخص لخلط وبيع وتداول المواد الكيميائية السامة، بمشاركة خمسة آخرين يسكنون معهما، معرضين حياتهم وسكان المبنى للخطر. ولفت إلى أن فريق البحث وجد كميات كبيرة من الأدوات التي تستخدم في عمليات رش المبيدات الحشرية، وأنواع متعددة من بطاقات الإعلانات التي يوزعونها على السكان، وتم الاتصال بالزبائن الذين سبق التعامل معهم وتنبيههم إلى عدم استخدام مثل هذه المبيدات واتلافها في حال عدم استخدامها وعدم التواجد بالمنزل حال استخدامها.

تويتر