«خدمات المزارعين»: لا نملك تشريعات رادعة للتعامل مع المخالفين
مَزارع في «الغربية» تبيع مخزونــها من المياه الجوفية
أفاد مركز خدمات المزارعين في أبوظبي بأنه تلقى عدداً من الشكاوى، تؤكد بيع أصحاب مزارع في المنطقة الغربية، المياه الجوفية المخصصة لمزارعهم، لعدد من شركات المقاولات، لاستخدامها في أعمال بناء أو تنفيذ مشروعات بنية تحتية، مؤكداً عدم امتلاكه قوانين أو تشريعات رادعة، للحد من تلك الممارسات السلبية
ترشيد المياه أكد العضو المنتدب لمركز خدمات المزارعين، خليفة آل علي، أن المركز يعمل جاهدا على ترشيد استخدام المياه، وترجمة لتلك الجهود تم وقف زراعة علف الرودس المدرج سابقا في الخطة الزراعية، بهدف تقليل هدر واستخدام المياه، كما تم إنشاء نموذج لمزرعة نموذجية، لتعريف المزارعين بكيفية الري الأمثل، وكيفية استخدام المحابس وخراطيم الري بالتنقيط، لتقليل الفاقد من المياه، كما زود المركز المزارعين بالتقنيات والآليات اللازمة، وأسفرت نتائج تلك الجهود عن ترشيد نحو 40٪، من استخدام المياه. وأضاف أن المركز يستورد الأعلاف من الخارج، بهدف وقف زراعة الأعلاف المحلية، للحفاظ على المخزون المائي، لافتا إلى أن سعر الأعلاف من الخارج يشكل 30٪ من كلفة زراعتها محليا، مؤكدا حرص الجهات المعنية على تقديم الدعم للأعلاف، لحصول الشرائح المستحقة من المواطنين على احتياجاتها، من دون الإضرار بمياه مزارعها. وأشار إلى أن المركز يقدم خدماته وخبراته، بهدف تحقيق أعلى مردود مالي للمزارع، من دون الحاجة إلى ممارسات غير قانونية، وتجارة غير مشروعة تضر بالمصلحة العامة. |
فيما أبلغ شهود عيان «الإمارات اليوم»، بأن سيارات نقل المياه (صهاريج)، تصطف طوابير أمام بوابات مزارع في ليوا، ومناطق سيح الخير والثروانية، وعدد من المناطق الأخرى بالمنطقة الغربية، موضحين أن هذه الصهاريج تسحب المياه من الآبار الموجودة داخل المزارع، بواسطة ماكينات ومعدات رفع ذات قوة سحب عالية، ويتم بيعها لشركات المقاولات.
وأكد أصحاب مزارع متضررون، أن تلك الممارسات غير قانونية، وتؤدي إلى نقص المياه الجوفية في المنطقة، لافتين إلى أن مزارع مجاورة لا تجد المياه الكافية لري المزروعات.
وأضافوا أن عمليات سحب المياه الجوفية تتم بصورة عشوائية ليلا ونهارا، مشيرين إلى أن المزرعة الواحدة تبيع بين ثمانية إلى 10 صهاريج يوميا، وسعر صهريج المياه البالغة حمولته 12 ألف غالون، يصل إلى 1000 درهم.
وتفصيلاً، أكد صاحب مزرعة في المنطقة الغربية، المواطن عبيد المزروعي، أن بعض المزارع المجاورة تبيع مياهها الجوفية، الأمر الذي يؤدي إلى تضرر المزارع المجاورة لها، ومعاناتها شحاً في المياه، حتى أنها لا تجد القدر الكافي لري مزروعاتها.
وأوضح أن الاتجار في مياه المزارع بدأ منذ ثلاث سنوات، عندما استغل مهندسون وجود مزارع مهجورة بالمنطقة الغربية فقاموا باستئجارها من أصحابها المواطنين، وبيع مياهها الجوفية إلى أصحاب صهاريج مياه، يحملون جنسية دول آسيوية، لافتا إلى أن تلك الممارسات شجعت أصحاب مزارع على بيع مياه مزارعهم للعمالة الاسيوية نفسها، وتحقيق مكاسب مالية سريعة على حساب مخزون المياه الجوفية.
وأضاف أن عمليات الاتجار في المياه تطورت، وتعددت أشكالها، واستعان أصحاب مزارع بتقنيات تحلية حديثة، لتخفيف حدة ملوحة مياه الآبار، لبيعها بأسعار مرتفعة، وصياغة عقود شهرية مع شركات مقاولات للاستفادة من مياه الآبار الموجودة داخل المزرعة، مقابل مبلغ يراوح بين 15 و20 ألف درهم أو يزيد، وفـق درجة ملوحة الآبار.
وأفاد بأن المزارع التى تبيع مياهها معروفة بالاسم، في المنطقة الغربية كلها، ووجهت إليها الجهات المعنية إنذارات بشكل قوي، لكن دون جدوى.
وأكد المزروعي أن نحو 10٪ من المزارع الموجودة بالمنطقة الغربية تمارس هذا النشاط غير القانوني، وأغلب هذه المزارع في مناطق غياثي، وبدع زايد، وليوا، وسيخ الخير، مؤكداً عدم قيام عامل المزرعة بممارسة هذا النشاط، إلا بإيعاز من صاحبها.
وأشار إلى أن هناك مصادر لتوزيع المياه بصورة قانونية من هيئة الكهرباء والمياه، تورد للشركات العاملة في مجالات المقاولات والبنية التحتية، عن طريق مضخات معلومة المكان، ويمكن الحصول عليها عن طريق كوبونات، لكن نظرا للتزاحم على هذه المضخات، وبُعْد المسافات بينها وبين مواقع العمل، لجأت شركات مقاولات إلى المزارع لتغطية حاجاتها من المياه، نافياً بيعه مياه المزارع للشركات مجانا، مؤكداً أن ترويج هذه المياه يتم من خلال عمالة آسيوية.
وذكر صاحب مزرعة آخر، زايد المزروعي، أن جميع مزارع ليوا، ومناطق سيح الخير، وخط حميم الثروانية، تأثرت ببيع مياه الآبار، وشحت آبار هذه المناطق، ما أثر سلبا في منتجاتها الزراعية، متابعاً «قدمنا شكاوى متكررة إلى مركز خدمات المزارعين وبلدية أبوظبي، وعدد من الجهات الأخرى»، لافتا إلى أن جهات حكومية أفادت بأنها غير معنية بالأمر.
ولفت إلى أن سيارات نقل المياه تنتظر في طوابير، أمام المزارع التى تبيع مياه الآبار، وجميعها ذات أحجام متساوية، وتصل عبوة الصهريج الواحد 12 ألف غالون.
وقال صاحب مزرعة ثالث، حميد المنصوري، إن العمالة الآسيوية داخل كل مزرعة تتولى بيع مياه الآبار لحساب صاحب المزرعة، لافتين إلى أن تلك الممارسات قاموا بها بعد انخفاض الدخل المالي للمزارع، موضحاً أن عدم وجود تشريعات ملزمة أو قوانين رادعة سبب رئيس لرواج تلك الممارسات غير المشروعة، إضافة إلى عدم معرفة الجهة المعنية بأمر هذه الممارسات. وأكدت صاحبة مزرعة تدعى (أم بخيت)، أن مزرعتها كانت من أفضل المزارع، وتمتاز بوفرة مياه آبارها وإنتاجها المتميز، إلا أنها ومنذ عام تقريبا تدنى إنتاجها، بسبب شح مياه الآبار الناتج عن عمليات بيع هذه المياه المخصصة للزراعة لشركات مقاولات.
وقالت «على مقربة من مزرعتى توجد مزارع تبيع مياه آبارها منذ فترة، وهذا السحب اليومي للصهاريج، أثر في قوة ضخ المياه بآبار المنطقة»، مشيرة إلى أن عامل مزرعتها قدم أكثر من شكوى إلى المهندسين المختصين (المرشدين الزراعيين)، لكن دون جدوى.
من جانبه، قال السائق محمد خان إنه لا يعمل لحساب شركة مقاولات بعينها، لكنه يتسوق مياه الآبار من أصحاب المزارع ويبيعها لشركات مقاولات في مواقع عملها، لافتا إلى وجود شركات مقاولات كثيرة في المنطقة الغربية، تحتاج إلى المياه بأسعار مغرية، لخدمة المشروعات التى تتولى تنفيذها.
وقال سائق آخر، ساجد شاه، إن تجارة المياه منتشرة في مزارع عدة بالمنطقة الغربية، ولا توجد عقوبات على من يمارس هذا النشاط، سواء أصحاب المزارع أو شركات المقاولات أو السائقين.
وأفاد بأن الطفرة العمرانية والإنشائية التى تشهدها المنطقة الغربية، كانت العامل الرئيس لرواج تلك التجارة، مؤكداً أن أصحاب المزارع المواطنين أبرموا عقودا مع شركات مقاولات عاملة بالمنطقة، للاستفادة من آبار مزارعهم لمدد محددة متفق عليها.
وأكد أن السائقين المروجين لتجارة المياه بالمنطقة الغربية أضعاف سائقي الشركات، وأن أرقام هواتفهم المتحركة معلومة للجميع وتحت الطلب، موضحاً أن معظم الشركات تتجنب الوقوف في طوابير أمام مضخات المياه القانونية التابعة لهيئة المياه والكهرباء، لقلة أعدادها قياسا بحجم واحتياج الشركات، إضافة إلى أنها بعيدة عن مواقع العمل.
وقال العضو المنتدب لمركز خدمات المزارعين، خليفة آل علي، لـ«الإمارات اليوم»، إنه تم تخصيص المزارع، بهدف الزراعة، وإنـتاج الخـضراوات والفاكهة المحلية، وليس لبيع مياه الآبار، مؤكداً حرص المركز على وضع معايير زراعية، لترشيد استهلاك المياه لقناعتها بأهمية مخزون المياه الجوفية، والحفاظ عليه للأجيال المقبلة.
وتابع أن المركز تلقى شكاوى عدة من بعض المزارعين بهذا الشأن، منذ أكثر من ستة أشهر، وعين مختصون من المركز المشكلة على أرض الواقع، وتواصلوا مع العديد من الجهات ذات العلاقة، وعلى الرغم من ذلك، زادت تلك الممارسات، وزادت أعداد الشكاوى، ما يؤثر سلبا في مخزن المياه الجوفية، مؤكداً عدم امتلاك المركز قوانين أو تشريعات رادعة، للحد من تلك الممارسات السلبية.
وذكر آل علي، أن عدد الآبار داخل كل مزرعة يراوح بين بئر وأربع آبار، حسب مساحة كل مزرعة، موضحاً أن كل 10 آلاف دونم تخدمها بئر واحدة، وتتفاوت الأعماق حسب مواقع وجود الآبار، كما تراوح أعماق الآبار بين 350 و400 قدم بالمنطقة الغربية، و1000 قدم بمدينة العين، في حين تفتقد مزارع أبوظبي الآبار، لاعتمادها كلياً على المياه المحلاة.
وأشار إلى أن جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، يتولى عملية حفر الآبار للمواطنين مجاناً، في حين يتحمل المواطن نصف كلفة الغطاس، الذي يوضع على فوهة البئر، ويقوم بسحب المياه، وتبلغ كلفة البئر الواحدة نحو 7000 درهم.
من جانبه، أفاد المدير التنفيذي لقطاع الشؤون الزراعية بجهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، المهندس مبارك علي القصيلي المنصوري، بأنه تم تحديد المزارع المخالفة عن طريق مفتشي القطاع، وتم توجيه إنذارات إلى أصحابها.
ولفت إلى أنه تمت مخاطبة الجهة المختصة، من أجل تطبيق القانون رقم 6 لسنة 2006، الخاص بالمياه الجوفية، لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المزارع المخالفة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news