«الشؤون»: المعاقون ذهنياً منافسون حقيقيون في سوق العمل
طالبت وزارة الشؤون الاجتماعية أصحاب العمل بمراعاة 10 نقاط رئيسة، عند تعيين موظفين ذوي إعاقة ذهنية، مؤكدة ضرورة منح أصحاب الإعاقة فرصة لإثبات قدراتهم في مواقع العمل، لافتة إلى أن التجارب العملية أثبتت أن المعاقين عقلياً منافسون حقيقيون للموظفين، حال منحهم التدريب المهني الكافي.
وحددت الوزارة ـ في دراسة أعدتها حول تشغيل المصابين بمتلازمة داون (بوصفهم من أصحاب الإعاقة الذهنية الخفيفة) ـ الملاحظات والمهام التي يجب أن يأخذها أصحاب العمل في الاعتبار عند توظيف معاقين ذهنياً، لضمان نجاح تجربة التشغيل التي تتعلق بتفحص طريقة الإجراءات وصيغة التعليمات، والتأكد من ملاءمة الوظيفة لمن يعاني متلازمة داون.
وأكدت الوزارة أهمية إجراء بعض التعديلات على بيئة وساعات العمل، لمراعاة من يعاني متلازمة داون، لافتة إلى أهمية التمييز الايجابي للمعاقين في بيئة العمل لتناسب إمكاناتهم.
وطالبت الوزارة أصحاب العمل بالتنبه إلى طبيعة الدعم المقدم من زملاء العمل، وتعزيز دعم الموظفين وبيئة العمل للمعاق، وحصوله على المساندة والدعم من قبل زميل ذي خبرة، فضلاً عن التأكد من طريقة التواصل واللغة المستخدمة في التعامل مع مصابي متلازمة داون، لافتة إلى ضرورة أن تكون سهلة ومبسطة، والتكلم بوضوح، واستخدام كلمات وجمل قصيرة، وتجنب الاستعارات، وإعادة السؤال بطريقة مختلفة حال عدم فهم المعاق.
أهمية العمل قال الأخصائي النفسي التربوي في إدارة رعاية وتأهيل المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية، روحي عبدات، إن أهمية توظيف ذوي متلازمة داون تكمن في أن سمات الإعاقة واضحة في صفاتهم الجسدية، ما يحفز الجمهور على التعامل مع أصحاب الاعاقة، ويبين لهم قدراتهم الحقيقية، ما يسرع من عملية الدمج الاجتماعي للمعاقين. وأضاف أن معظم المصابين بمتلازمة داون يمكن وصف إعاقتهم بالخفيفة، ما يمكنهم من القيام بأعمالهم، فضلاً عن سماتهم النفسية المرحة والمحبة والصدوقة. وأشار الى ان ذوي متلازمة داون يتعلمون بسرعة عن طريق الرؤية، مبيناً أن التعليم عن طريق السمع لا يناسبهم، إذ يعانون افتقاراً في الذاكرة السمعية، ومشكلات في الاحتفاظ بالمعلومة ودمجها، والعديد منهم لديهم انتباه قصير وفترات تركيز قصيرة مقارنة بأقرانهم. ولفت الى أنهم بحاجة إلى الثبات، والتكرار، والأوامر المباشرة، إذ إن التكرار يساعدهم في التعامل مع ضغط وإجهاد الحياة اليومية، والروتين والأوامر المباشرة الواضحة تساعدهم على الدقة في إتقان المهام مرة بعد أخرى. وطالب عبدات بمراعاة أنه ليس كل مصاب بمتلازمة داون سيفهم تلقائياً الحياة الاجتماعية والقواعد غير المكتوبة، وما هو المقبول، وما هو غير مقبول. |
وأشارت الوزارة إلى أهمية التأكد من فهم الشخص المعاق للتعليمات، وإعادتها وتوضيحها بعد التأكد مما إذا كان الشخص فاهماً، فضلاً عن ضرورة تجزئة المهنة أو الوظيفة إلى مهام منفصلة فرعية، ليتمكن الموظف المعاق من استيعابها.
ولفتت الدراسة إلى أهمية تعليم الشخص كيفية تأدية الوظيفة المطلوبة بشكل عملي، ويجب أن يرى كيف يمكنه القيام بها، وتكرار العملية حال الضرورة، ودعوة المعاق لتجربة العملية بنفسه.
وأوضحت الدراسة أن القابلية للتعلم قد يعتريها التردد أو التقلب من يوم لآخر، في الوقت الذي ينجح المعاق في أداء مهمته، مشيرة الى ضرورة إعادتها مدة من الوقت، للتأكد من إتقانها. وأكدت ضرورة منح الشخص قدراً أوسع من الحرية، لتطوير مهاراته أسوة ببقية الأشخاص، مشيرة إلى أن الأشخاص يطورون طريقتهم الخاصة في أداء أعمالهم بزيادة خبرتهم.
من جانبه، قال الاخصائي النفسي التربوي والقائم على الدراسة، روحي عبدات، إن جزءاً كبيراً من الأشخاص المعاقين الذين هم في سن العمل، خارج سوق العمل، على الرغم من أن جزءاً كبيراً منهم قادر على العمل، ويرغب في الحصول على فرصة وظيفية.
وأشار عبدات إلى أن المصابين بمتلازمة داون لا يتعلمون الأشياء بسرعة، مثل بقية الأشخاص، إنما يحتاجون إلى مساعدة ودعم أكبر من أجل التعلم، لافتاً الى أن ذلك لا يعني أنهم غير قادرين على التعلم واكتساب المهارات الجديدة، لكنهم يحتاجون إلى دعم أكبر في أماكن العمل، ليقوموا بأداء واجباتهم المهنية بشكل جيد، وليتمكنوا من المشاركة بوجود تدريب ودعم مناسبين.
منافع التوظيف
وأوضح عبدات أن منافع توظيف أصحاب الاعاقة ودمجهم في بيئة العمل، لا تتوقف على المنافع المالية، وما إذا كان دخلهم يتجاوز مساعدات وزارة الشؤون الاجتماعية أم لا، لافتاً الى جملة من المكاسب الاجتماعية والنفسية والسلوكية، تتمثل في الاعتماد على الذات، وادخار المال، وتعلم مهارات جديدة، ومقابلة أناس جدد وتطوير الإحساس بقيمة الفرد وتقديره لذاته، لذلك يجب إعطاؤهم الخيارات والفرص نفسها، التي تعطى لبقية العاملين.
ووفقاً لعبدات، فإن الدراسات الميدانية أثبتت جدارة مصابي متلازمة داون بالعمل، مؤكداً أن أصحاب عمل وصفوا ذوي متلازمة داون ـ بعد انخراطهم في العمل ـ بأنهم عمال رائعون واجتماعيون ومرنون، ويؤدي عملهم إلى تحسين الروح المعنوية للكادر العامل، وإلى ممارسات أفضل في العمل، والتقليل من انقلابات العمال، وتحسن مستوى الحضور وقلة الغياب، والتعاون الإيجابي، والدمج الاجتماعي، وتحسين متطلبات تكافؤ الفرص.
وأكدت الدراسة أن الموظفين المعاقين عامة يظلون في العمل بشكل أطول من غير المعاقين، ولديهم التزام شديد بالعمل، وسجلات دقيقة واضحة، وقلة الغياب، كما يخلق وجودهم علاقات عامة جيدة بين الشركة والمجتمع، الذين هم جزء منه.
نقاط أساسية
وأكد عبدات أن ذوي متلازمة داون يمتلكون مدى واسعاً من القدرات، إذ إنهم يجدون صعوبة في تعلم الأشياء مقارنة بغيرهم، وربما يجدون صعوبة في القراءة، أو استعمال المواصلات العامة، أو مجاراة بعض المواقف الاجتماعية، وهذا يعني أنهم ربما يحتاجون إلى دعم وتدريب أكثر من أجل العمل في الوظيفة.
وطالب بالابتعاد عن النظرة السلبية وعدم وضع توقعات مسبقة عن الأشياء التي يستطيع الفرد أداءها، أو التي لا يستطيع، مبيناً أن المعاقين مختلفون في القدرات أسوة ببقية الأشخاص، ويمتلك بعضهم مواهب كبيرة.
وأشار الى أن ذوي متلازمة داون يتمكنون من الاستمرار في التعليم، خلال حياتهم، على الرغم من كونهم بحاجة إلى وقت أطول للتعلم، مبيناً أنه من المفيد إجراء تعديلات على وسائل التدريب والتشغيل لتناسبهم، ولتكون أكثر أماناً.
وقال عبدات إن جميع الموظفين بحاجة إلى الدعم، من أجل إتقان أعمالهم على نحو مناسب، وكذلك الأمر بالنسبة لأصحاب متلازمة داون، غير أن حاجتهم للدعم الواضح تعرضهم للنظرة السلبية، على الرغم من ان الدعم الذي يتلقونه مشابه لما يتلقاه الموظف العادي بطريقة تلقائية مع بداية مباشرة عمله.