‬٪40 من الأطفال الإماراتيين يعانون إهــــــمال الأسرة

أكد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، أن «‬40٪ من الأطفال الإماراتيين يعانون إهمال الأسرة، وأن ‬67٪ من الأسر الإماراتية (نووية)، فيما تبلغ نسبة زواج الأقارب من ‬70 إلى ‬72٪» واصفاً الأسرة المواطنة بـ«الصامتة» لافتقارها إلى الحوار بين أعضائها، ولذا تواجه تحديات داخلية وخارجية.

وتفصيلاً، قال العموش، في حوار مع «الإمارات اليوم»، إنه أنجز وفريق عمل بحثي، دراسة تناولت دور الأسرة الإماراتية في الوقاية من الجريمة في مجتمع الإمارات، كشفت أن «‬40٪ من أطفال الإمارات يعانون الإهمال من قبل أسرهم، وهذه نسبة مرتفعة وذات دلالة»، مشيراً إلى أن أكثر من ‬70٪ من الأطفال الجانحين من أسر مستقرة لكنها تعاني غياب الإدارة الأبوية، فالأطفال يعيشون تحت سقف وتتوافر لهم الاحتياجات من مأكل ومشرب وملبس، لكنهم يفتقدون الجانب العاطفي والروحي والنفسي، الأمر الذي يشير إلى اهتمام الأبوين بالجوانب المادية وإهمال الأبعاد الروحية والعاطفية، وتالياً عدم وجود تغذية روحية لأطفالهم ما يؤدي إلى جنوحهم».

أسرة نووية

وتابع أن الدراسة أظهرت أن«‬67٪ من الأسر الإماراتية أسر نووية، وهي لا تختلف كثيراً عن واقع الأسرة العربية، إذ يبلغ متوسط الأسرة العربية النووية ‬65٪»، شارحاً أن الأسرة النووية هي المكونة من الأب والأم والأطفال والأبناء غير المتزوجين الذين يعيشون معاً في المنزل نفسه، بغض النظر عن أعمارهم، لكن من حيث المضمون والعلاقات هي أسرة ممتدة، معرفاً إياها بـ«الكبيرة التي تضم في كنفها الأبناء المتزوجين وغير المتزوجين ويعيشون في بيت واحد».

وأكمل أن «الأسرة في المجتمعات الغربية (فردية)، بمعنى أن من يبلغ سن ‬18 سنة لا يبقى فيها، لكن ما يميز معظم الأسر الإماراتية التواصل الأسري الذي يتضمن الزيارات المتبادلة في ما بين الأهل، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، والاستفسار المستمر عن الأهل»، مشيراً إلى أن «الأسرة الإماراتية وحدة اجتماعية انتاجية تعتمد على الاكتفاء في مجال العمل».

أسر صامتة

وبين أنه على الرغم من ذلك فإن الأسرة الإماراتية تعد «صامتة»، بمعنى أن الأفراد موجودون تحت سقف واحد لكن من دون تفاعل أو حوار، والمطلوب أن يفصل الأب بين حياته العملية والمهنية وحياته الأسرية، ولابد من تكريس حياته للأسرة، فالأبوة مهنة ووظيفة ودور، ومطلوب الحفاظ عليها والعمل على تربية الأبناء، ولابد من كسر النشاط الروتيني من خلال وضع برامج يومية، حتى لا تكون هناك فرصة للأبناء للوقوع تحت الانحراف والجرائم، ومثل ذلك يتطلب الوعي والإدراك بمخاطر ما يجري داخل الأسرة، إضافة إلى أهمية وضرورة المبادرة.

واعتبر أن «عمل الأم في المنزل هو وظيفة، لأنها تعمل على تربية الأطفال ورعاية أفراد الأسرة، إضافة إلى العمل المنزلي وشؤون المطبخ، وهو أقسى وأصعب من العمل الخارجي»، مضيفاً أن «الأم في الأسر العربية عموماً، ومنها الأسرة الإماراتية، تتميز بنكران الذات والتضحية من أجل زوجها وأبنائها».

زواج الأقارب

وتابع أن «ما يميز الأسرة الإماراتية أيضاً، سيادة زواج الأقارب، أو الزواج الداخلي، إذ تراوح نسبة زواج الأقارب بين ‬70٪ و‬72٪، وارتفاع معدل سن الزواج، إذ يبلغ لدى الشباب ‬24.6 سنة، والنساء ‬23.1 سنة، في حين كان معدل سن الزواج للشباب ‬19 سنة، وللنساء ‬17 سنة، وهذا مؤشر إلى اهتمام الأسرة بالتعليم، خصوصاً بالنسبة للإناث». وبيّن، أن هناك اتجاهات إيجابية في مجال الإنفاق لدى الأسرة الإماراتية، تعتمد على التشاور والديمقراطية في الأسرة في مجال الانفاق، وهذا تغير إيجابي، مشيراً إلى أن «متوسط عدد أفراد الأسرة الإماراتية يراوح بين أربعة وستة أطفال، وهو عدد معقول، وهناك مؤشرات جديدة تشير إلى انخفاض حجم الأسرة الإماراتية عن هذا المعدل، ويعود ذلك إلى عدم الرغبة في الإنجاب، وارتفاع كلفة الحياة، وتغير مفاهيم الاقتصاد المنزلي، وتنظيم النسل وليس تحديده».

وأكد «عموماً الأسرة الإماراتية متماسكة، ومنسجمة مع مجمل النسيج الاجتماعي الثقافي في الدولة والثقافات الوافدة المتنوعة والعديدة، وتتأثر وتؤثر فيها، ولدى الأسرة الإماراتية رصيد كبير من العادات والتقاليد الأصيلة والمكونات الثقافية التي تساعدها في التناغم والانسجام مع الثقافات الأخرى، وللأسرة الإماراتية آثار إيجابية في الأسر والثقافات الوافدة، وأثرت فيها مثل اللباس كالشيلة والعباية والكندورة وبعض المفردات والمصطلحات والطعام، كما انها تأثرت أيضاً بالثقافات الوافدة، وهناك عموماً تناغم وانسجام وتعايش».

تحديات داخلية

وذكر أن الأسرة الإماراتية تواجه تحديات داخلية وخارجية، وتتصدر التحديات الداخلية الأنشطة الروتينية التي يزاولها الأب والأم خارج المنزل، والتي تفصلهما عن أسرهما، ما يعرض الأبناء للانحراف وغياب الرقابة الأسرية والإدارة الأبوية، وتصدع المعايير والقيم، نتيجة عزل الفرد عن الأسرة، فضلاً عن أساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة كالتدليل، والحماية الزائدة، والقسوة، والتسلط، وارتفاع معدلات الطلاق، وجنوح الأحداث، والعنف الأسري كالإساءة للأطفال، والتقليد والموضة، والبحث عن الكماليات على حساب الأسرة والتعليم والصحة، ورفقاء السوء، والديون.

تحديات خارجية

وتابع «أما التحديات الخارجية، فهي انتشار التكنولوجيا واستخداماتها وما يرتبط بها من مجتمعات افتراضية وشبكات تواصل اجتماعي، وما يترتب عليها من مخاطر نتيجة اللجوء إلى (الشات chat rooms)، والموبايل الذكي، ومقاهي الإنترنت (السلوك الانحرافي)، والبرامج الهابطة، والمخدرات، والتدخين، والغزو الثقافي (اللغة، القيم والمعايير، العلاقات الاجتماعية، السلوك المنحرف)، وضعف شبكة الروابط (الضبط الاجتماعي)».

واعتبر العموش أن هذه التحديات تؤثر سلباً في الأسرة، متسائلاً ماذا نعمل حتى نتمكن من مواجهة هذه التحديات؟ إذ لا بد من تعزيز شبكة الروابط الأسرية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والتدخل المجتمعي، والتأكيد على الاستراتيجيات الوطنية في مجال التنشئة الاجتماعية، وتعزيز روح المبادرة الأسرية في طرح المشكلات والبحث عن حلول، وتجاوز ثقافة العيب في طرح المشكلات الأسرية. وتابع لا يمكن ان ننسى أن الأب راعٍ ومربٍّ يتعين عليه أن يهتم بالطفل، ويعمل على إيجاد حالة من الارتباط بين الطفل والوالدين، ولابد من الإشراف على تربية وتنشئة الطفل ورعايته من قبل الوالدين وليس الخدم، وضرورة إدراك المربي السلوكيات الجانحة، ومعاقبة الأطفال على الجنوح كلما استدعى ذلك، بالحرمان مثلا، وليس بالضرب أو العقاب البدني، وضرورة الإشراف الأبوي الدائم والوعي والمتابعة لما يجري داخل الأسرة، فالأب هو الرقيب والراعي والمتابع، ويتعين أن يكون هناك دوماً برنامج يومي للأسرة أو على الأقل ساعة أسرية في اليوم يتم النـــقاش فيها في ما جرى ويجري، ومـــاذا أُنجز وأين وقع الإخفاق، وتقـــييم عام لمـــا جرى في كل يوم.

الأكثر مشاركة