الإعلام الاجتماعي.. أداة حكومية للتواصل مع المتعاملين
أكد ثلاثة متحدثين في جلسة «الإعلام الاجتماعي كأداة حكومية للتواصل مع المتعاملين» ضرورة الاستفادة من قنوات التواصل الحديثة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، لتقييم الخدمات التي تقدمها الحكومات والمؤسسات للمتعاملين معها. وشددوا على ضرورة إفساح المجال لهم لإبداء آرائهم، والاستفادة منها في تطوير الخدمات المقدمة إليهم، باعتبارهم المستهدفين بها.
ولفتوا إلى أن الموقع الذي تحتله هذه القنوات في الحياة اليومية للمواطنين، يستدعي عدم الإجابة عن تساؤلات أساسية، نحو: هل نكون منتجين للأخبار أم متلقين لها؟
وتفصيلاً، قال الرئيس التنفيذي لكلية دبي للإدارة الحكومية ومدير عام وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، طارق لوتاه، إن التواصل بين المتعاملين والمؤسسات الحكومية يستدعي فهم المؤسسة لطبيعة المتعاملين معها، واختيار القناة الأنسب لتوصيل المعلومات إليهم بوضوح تام.
ولفت إلى ضرورة تحديد الأمور التي تحاول المؤسسة توصيلها، والأمور التي ينبغي التأكد من وجودها في الخدمات المقدمة، فضلاً عن ضرورة معرفة كيفية استقبال المتعاملين لها، مضيفاً أن على مقدم الخدمة وضع نفسه في مكان المتلقين للخدمة، وخلق أوجه لكيفية حلّ هذه الإشكالات، والتعامل معها حتى قبل حدوثها، ما يختصر الوقت في كيفية نقل المعلومات للمتلقي.
وأضاف لوتاه «مع أن وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي غير خدمية، فنحن نتلقى شكاوى واقتراحات، ونحاول قراءتها ومعرفة ما إذا كانت ستفيد كمعلومة في نشر ثقافة معينة»، مشيراً إلى ضرورة تعامل المؤسسات بجدية كاملة مع اقتراحات المواطنين وشكاواهم، من خلال الاطلاع عليها ودراستها.
وأشار إلى أن هيكلة الوزارات تنص على إلحاق إدارة الاتصال الحكومي بالوزير مباشرة، لأهميتها في استقاء معلومات من قيادات المؤسسة والإدارات الأخرى، شارحاً أن مهامها تندرج في الإعلام والتسويق للوزارة، وحصر ونشر المعلومات، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الرئيس التنفيذي للابتكار وتطوير التكنولوجيا في البنك الدولي، كريس فين، إن مواقع التواصل الاجتماعي تقدم خدمة ممتازة للحكومات، إذ «تتيح لها جمع المعلومات وتحليلها، والاستفادة منها في خلق أدوات جديدة لتحسن التعامل، والوصول إلى مستويات أكبر من الجودة، وتحقيق نسبة أعلى من الرضا»، مضيفاً أنها «فرصة كبيرة فعلاً لجمع المعلومات من الآراء التي يشارك بها المواطنون» على هذه المواقع. وأضاف: «يمكن للحكومة مثلاً تحديد مكان المشكلة ونوعها، وأسبابها، وتقييمها من منظور الأشخاص الذين يواجهونها، وتحديد الطريقة الأنسب لحلها، خصوصاً المشكلات التي لم تكن الحكومات تعرف بوجودها سابقاً».
وتابع أنه يمكن أيضاً استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لإشراك السكان والحكومات في البحث عن حلول ترضي الأطراف كافة، بدلاً من دعوتهم إلى عرض مشكلاتهم فقط.
وذكر تجربة الولايات المتحدة حين اجتاحتها الثلوج أخيراً، وانقطعت وسائل الاتصال بين بعض المناطق، إذ اضطر السكان إلى التواصل مع بعضهم باستخدام موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ومعرفة ما ينقص المناطق المعزولة، وتحديد قاعدة بيانات ليستطيعوا استخدامها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وإيجاد حلول جماعية ليستطيع أكبر عدد من المواطنين الآخرين استخدامها.
وأوضح أن هذه المواقع تصلح لأن تكون مراكز للتواصل بين الحكومات والسكان، سواء الذين يواجهون المشكلات أو الذين يحاولون إيجاد حلٍ لها، ومن ثم طلب الخدمات التي يمكن للحكومات توفيرها لهم، مشيراً إلى أن مشاركة المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي قد تواجه بعض التحديات، وأهمها ما يتعلق بخصوصية المعلومات وأمنها.
وأضاف فين أن «لكل أداة جديدة رد فعل إيجابياً وسلبياً، ومن هنا نستطيع تقديم مواقع التواصل الاجتماعي على أنها مواقع خدمية تقدم للمواطن وليست كإعلام جديد».
وفي إجابة عن الأسئلة في نهاية الجلسة، عن استخدام مواقع الاجتماعي كمساعد أو محفز لتقديم خدمات متميزة، أوضح فين أن الحكومات يجب أن تضع سلسلة من الخطوات لإشراك المواطنين في إعطاء المعلومات، وتلقيها، ومعرفة الاستخدامات الصحيحة لوسائل التواصل الاجتماعي.
وقال نائب رئيس شركة جارتنر الإيطالية، أندريا دي مايو، إن مواقع التواصل الاجتماعي لا تقدم خدمات من منظور واحد، بل يتعدى تأثيرها ذلك إلى الشركات والمجتمعات والأشخاص العاديين أيضاً.
وأضاف أن «مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، من العاملين في الحكومات، يواجهون تعارضا، فإما أن يكونوا هم من يعرض الأخبار والقضايا، أو من يستقبلها».
وأوضح دي مايو أن السؤال هنا هو: هل تصبح الحكومات منتجة للأخبار أم مستقبلة لها؟ أم أن عليها أن تعمل بالتوازي في استقبال الأخبار وعرضها؟ مقترحا إشراك الأشخاص في صنع القرار، أو تقديم الخدمات، بدلاً من أن التكون المزود الوحيد لها. وشرح أن الحكومة الإيطالية استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي لاكتشاف الاحتيال الذي كان يقوم به إيطاليون على الحكومة، من بينه التهرب من دفع الضرائب، موضحاً أن الحكومة الإيطالية استطاعت معرفة ممتلكاتهم دون الحاجة إلى مراقبتهم عن كثب، ثم شارك السكان الآخرون في تقديم معلومات أخرى عن أشخاص يعرفونهم، وتالياً استطاعت الحكومة الإيطالية ضبط التلاعبات التي كانت تحدث.
وفي إجابة عن الأسئلة التي طرحت في الجلسة الحوارية عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وأهمية وضع قواعد اخلاقية، ذكر دي مايو أن بعض الموظفين الحكوميين يمكن أن يستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي استخدامات مدنية، بصفتهم الوظيفية، ما يتعارض وأخلاقيات العمل.
وأضاف أن من الضروري تلافي هذه الممارسات بالتعريف بالاستخدامات الصحيحة لوسائل التواصل الاجتماعي.