«الشؤون» حريصة على تأهيل مراكز الإعاقة لكشف حالات الاعتداء. من المصدر

المعاقون ذهنياً أكثر عرضة للتحرش

أفادت مديرة إدارة رعاية وتأهيل المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية، وفاء حمد بن سليمان، بأن الدراسات الميدانية أكدت أن أصحاب الإعاقة الذهنية أكثر عرضة من غيرهم من أصحاب الإعاقات للتحرش والاعتداء والإساءة، مبينة أن «زيادة اندماج المعاقين في المجتمع يتطلب زيادة الإجراءات الوقائية لهم، تناغماً مع تطوير البيئة المؤهلة لاستقطاب أصحاب الإعاقة».

وأوضحت بن سليمان أن الوزارة تسعى إلى حماية المعاقين عبر تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، وتمييز التصرفات الغريبة، وفهم حالات الاعتداء عليهم، مشيرة إلى أن «معتدين يستغلون ضعف قدرات المعاقين في التواصل والحركة واستيعاب ما يحصل لاستغلالهم أو الاعتداء عليهم جنسياً في بعض الأحيان، فضلاً عن الاعتداءات اللفظية والجسدية الأخرى».

وذكرت أن عدم تصديق المجتمع للمعاق، وعدم فهم شكواه في حال حاول الإبلاغ عن الإساءة من أهم ما يشجع هؤلاء المعتدين على مزاولة أفعالهم بحق أصحاب الإعاقة، وهو ما تسعى الوزارة إلى كشفه داخل المراكز في البداية، تمهيداً لدعم الكشف في مناطق الدمج وغيرها، حتى لا يبقى المعتدي من دون عقاب.

وأكدت بن سليمان أهمية الإبلاغ عن الإساءة من قبل الأسر، مشيرة إلى أن «معظم الأسر لا تبلغ عن الاساءة لأطفالها، خصوصاً الجنسية، وتعتبرها نوعاً من العار وتتكتم على الموضوع، وهو ما تسعى الشؤون لتعديله، من خلال توعية المجتمع وأسر المعاقين بأهمية الإبلاغ في حال شعورهم بتعرض المعاق لأي إساءة».

عدم تصديق المعاقين

أكد الباحث الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية، روحي عبدات، أن أصحاب الإعاقة أكثر عرضة للإساءة من أقرانهم، بسبب عدم قدرتهم على رؤية أو سماع أو الهرب من الإساءة، وحاجتهم الدائمة للآخرين، وعدم استقلاليتهم، فضلاً عن عدم فهمهم من قبل المجتمع، في حال حاولوا الإبلاغ عن الإساءة، وعدم تصديقهم في معظم الأحوال، وخوف المعاقين من تهديد المسيء، كونهم يعتمدون عليه في حياتهم في كثير من الأحيان، في حال كان من المقربين.

وقالت إن تمكين المعاقين لا يعني وقوعهم تحت الخطر، فحالات الاعتداء والاساءة في الدولة محدودة للغاية، مشيرة إلى أن «أصحاب الإعاقة ليسوا بمعزل عن المجتمع، ما قد يعرضهم لتصرفات سلبية، إذ لابد لهم من إدراك طرق التصرف خلالها، خصوصاً بعد اندماجهم في الأوساط الاجتماعية المختلفة من المدرسة إلى العمل وغيرهما، ما يجعل احتكاكهم الاجتماعي أكبر من المعاقين في السابق».

وأشارت إلى أن مراكز الوزارة بدأت العمل على تأهيل المعاقين في المراكز للدفاع عن أنفسهم، والتعرف إلى حالات الاعتداء والاساءة، من خلال المواقف المصورة والموضحة، وتعليمهم طريقة التصرف، وما هو الفعل الصحيح والفعل الخطأ، لافتة إلى أن لكل إعاقة طريقة خاصة في التعلم والتصرف، وفقا للقدرات الحركية، ومستوى الإدراك، كما يتم تأهيل الاخصائيين في مراكز الإعاقة لكشف حالات الاعتداء.

وبينت أن «ضعف قدرات المعاقين يشكل عاملاً اساسياً لتعرضهم للإساءات المختلفة، فالأصم لا يسمع الإساءة اللفظية كما لا يتمكن المعاق بصرياً من معرفة من تسبب بالإساءة، وعدم قدرة اصحاب الإعاقة الحركية على الهرب والتحرك السريع وغيرها من العوامل التي تجعل من اصحاب الاعاقة هدفاً سهلاً لضعاف النفوس».

وتابعت أن «الوزارة تعمل على تطمين الأهل من خلال ارسال مشرفين مع الفتيات المعاقات خلال التدريب المهني، بحيث يكون مكان العمل تحت إشراف الوزارة، فضلاً عن اتباع أسلوب للكشف عن الإساءة في مراكز المعاقين، وتوجيه من هم في سن المراهقة وتوعيتهم للمرحلة العمرية وطرق التصرف السليم». وأكدت بن سليمان أن قوانين الدولة تحمي المعاقين وجميع الناس، غير أن التوعية الاجتماعية ضرورية لفهم خصائص المعاق، وتشكيل دعم اجتماعي، وفهم حالته وتصديقه في حال تعرض لأي اعتداء أو اساءة، لافتة إلى أن «أسر معاقين تسيء إليهم من دون علمها بذلك، الى ان يصل الموضوع في بعض الاحيان الى الاعتداء الجسدي او الجنسي على المعاق».

وأشارت بن سليمان أن انعكاسات أي تصرف ستكون شديدة على المعاق الذي يشعر بشكل دائم بالدونية والانعزالية، وأن تعرضه لأي اساءة أو اعتداء سيزيد من شعور الخوف المستمر والشعور بالتهديد، وعدم الأمن، فضلاً عن الشعور بالنقص والدونية والاضطهاد والتمييز، والحزن والاكتئاب، والإحساس بالإحباط، وعدم الاستقرار الانفعالي، واضطرابات النوم والأكل، وظهور اللزمات العصبية وقضم الأظافر ومص الأصابع، والتبول اللا إرادي واضطرابات اللغة والكلام.

وتابعت أن كل ذلك سينعكس في جنوح المعاق الى السلوك العدواني والإجرامي، والتمرد والعصيان والخروج على الأعراف والقانون، وضعف الثقة بالنفس، والشعور بالازدراء والمهانة، فضلاً عن نوبات الغضب الحادة، والأرق وصعوبات النوم والكوابيس.

وقالت بن سليمان إن على اخصائيي المراكز التنبه إلى حالة المعاق، وأي تغيير في سلوكه، وأسباب تغيبه في بعض الأحيان، وأية علامات على الجسد، وميله الى الانطوائية وغيرها، والتواصل معه بطريقة سلسة لمعرفة اسباب ذلك، ورصد احتمال تعرضه للاعتداء من أي شخص، مشيرة الى أن أغلبية الاعتداءات الجنسية تتم من اشخاص قريبين الى المعاق.

وأكدت أن مراكز المعاقين ستدرس كل حالة وفق معطياتها الشخصية، وسياقها الأسري والبيئي، للتمكن من إيجاد حل قد يكون بتوعية الأهل الذين لا يدركون مدى الأذى الذي يتسببون فيه لأولادهم من غير قصد، ظناً منهم أنهم يؤدبون طفلهم المعاق، أو التنبه إلى ما قد يؤذي المعاق في بيئته، كما ستعمل على مساعدةالمعاق على تقبل إعاقته، وتخفيف مشاعره السلبية تجاهها، وتحويل طاقته نحو تطوير حواسه، وقدراته في إطار التوافق مع نفسه ومجتمعه.

وحول تخوفات الأهل أشارت بن سليمان إلى أن الاخصائيين سيعملون على توعيتهم وإرشادهم إلى كيفية الإفادة من برامج وخدمات المؤسسات والجمعيات العاملة في مجال رعاية الأطفال ذوي الإعاقة وتأهيلهم. وركزت على دور المراكز في تشجيع المعاق على التعبير عن مشاعره، وخبراته أياً كانت، حتى في حال شملت مواقف تعرض فيها لإساءة معاملة أو إيذاء، فذلك أول الطريق لاكتشاف حدوثه، واستخدام برامج التدخل الوقائي مع الأطفال الذين يميل سلوكهم إلى العدوان لتنمية كفاءتهم، ودراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسرة، وتعريفها بالخدمات المتاحة لها في المجتمع المحلي لمساعدتها على مواجهة مشكلاتها، والمشاركة في توعية أفراد الأسرة بأساليب التعامل السليم مع الطفل ذي الإعاقة وفق طبيعتها.

الأكثر مشاركة