تسلم تقرير لجنة تحديث تعليم اللغة العربية تحت عنوان «العربية لغة حياة»
محمد بن راشد: الحفاظ على «العربية» مسؤولية وطنية ودينية
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن اللغة العربية هي لغة حياة نعيشها، تعبر عنا بمختلف حالاتنا، وليست ماضياً مندثراً وتاريخاً لا يصلح لزمننا الحاضر، مشدداً سموه على أن المحافظة عليها هي مسؤولية وطنية ودينية وأخلاقية لا تقتصر على بلد واحد، بل تمتد لتشمل الأمتين العربية والإسلامية.
وأوضح سموه أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم الذي خصنا به الله سبحانه وتعالى عن غيرنا من الأمم، والمحافظة عليها من الحفاظ على ديننا الإسلامي بتعاليمه ومبادئه التي تحمل للعالم رسائل حب وسلام وأمان، كما أنها جسر يربطنا بجذورنا وتاريخنا، والطريق الرئيس في رؤيتنا للمستقبل.
جاء ذلك بمناسبة تسلم سموه «تقرير لجنة تحديث تعليم اللغة العربية» الذي حمل عنوان «العربية لغة حياة»، من لجنة تحديث تعليم اللغة العربية برئاسة الدكتور فاروق الباز، التي أمر سموه بتشكيلها بغرض دراسة واقع وآفاق تعليم اللغة العربية، ووضع التوصيات والاقتراحات التي من شأنها النهوض بأساليب ووسائل تحديث تعليمها وتطوير مناهجها.
أعضاء اللجنة تضم لجنة تحديث اللغة العربية نخبة من رواد العلم والفكر واللغة، فبالإضافة الى رئيسها مدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن بالولايات المتحدة الاميركية الدكتور فاروق الباز، تضم اللجنة كلاً من شيخ الأزهر الشريف الإمام الدكتور أحمد الطيب، ورئيس مجلس إدارة أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم رئيس مجلس الوزراء الأسبق في الأردن الدكتور عبدالسلام المجالي، وأستاذ اللغويات في جامعة كامبردج الدكتور ياسر سليمان، ورئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور حسن الشافعي، وأمين عام مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور فاروق شوشة، ورئيسة قسم دراسات اللغة العربية والترجمة في الجامعة الأميركية في الشارقة الدكتورة روناك حسني، ورئيسة قسم اللغة العربية في جامعة الإمارات الدكتورة فاطمة البريكي، والأستاذ في جامعة سانت لويس الأميركية في مدريد الدكتور محسن الرملي، ومديرة مركز الدراسات العليا والأبحاث في معهد دراسات الترجمة بجامعة حمد بن خليفة في قطر الدكتورة منيرة الغدير، ومؤسس ومدير «مجموعة تشكيل الإعلامية» الدكتور نايف المطوع، ومدير برنامج اللغة العربية في جامعة هارفرد الدكتور ويليام غرانارا، وأمين عام اللجنة مدير معهد اللغة العربية في جامعة زايد الدكتور عبيد المهيري، والشاعرة والإعلامية الدكتورة بروين حبيب. |
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بمناسبة إنجاز «تقرير لجنة تحديث تعليم اللغة العربية»: «نؤمن بأن رؤيتنا وطموحاتنا لمستقبل أفضل لدولة الإمارات تبدأ من مدارسنا وصفوفنا ومناهجنا التعليمية، وأن الاهتمام باللغة العربية وتطوير طرائق وأساليب تدريسها وتعليمها جزء لا يتجزأ من هذه الرؤية، ولا يقل أهمية عن الاهتمام بالتعليم بشتى فروعه، فاللغة العربية هي علم وهوية وقيمة، والاهتمام بها مسؤولية وطنية ومجتمعية تشترك فيها الأسرة والمؤسسات والهيئات التعليمية بمراحلها ومستوياتها كافة، والمجتمع عموماً».
ووجه سموه المؤسسات التعليمية إلى أن تتخذ أساليب مبتكرة في التعليم لجعل جيل المستقبل يحب لغته الأم، وتدفعه للإبداع والابتكار، فاللغة العربية لغة حياة وعصرية غنية، والتقرير الذي بين أيدينا اليوم هو نتاج جهد وبحث ودراسة، والتوصيات التي يتضمنها قيّمة وتستحق العمل بها، وسنبدأ بأنفسنا، وأوجه وزارة التربية والتعليم والهيئات والمؤسسات المعنية بقطاع التعليم في الدولة إلى أن تكون السباقة في الأخذ بهذه التوصيات، خصوصاً ما يتعلق بتعليم اللغة العربية بأساليب مبتكرة ومشوقة تحبب جيل المستقبل إلى لغته الأم وتدفعه للإبداع والابتكار».
وأضاف سموه «نحب الخير لنا ولأشقائنا، ولم نقم بهذا الجهد للإمارات فقط، فهذا مشروع عربي لنا جميعاً، ونحرص على أن تعم الفائدة علينا وعلى أشقائنا، لذا وجهنا بنقل نتائج أعمال وتوصيات اللجنة ورفع تقارير بشأنها إلى الجهات المعنية كافة في الدول العربية الشقيقة، وإلى الدول والشعوب المهتمة باللغة العربية للاسترشاد بمضمون التقرير، وأخذه في الاعتبار للتعرف إلى مكامن القوة والضعف والتحديات التي تواجه المؤسسات المعنية بتطوير تعليم اللغة العربية في تلك الدول».
وقال سموه «بالنسبة لنا العربية لغة حياة للإنسانية جمعاء، فهي لغة الأجداد والآباء وأساس حضاراتنا ومعيار وحدتنا كأمة عربية، لذا فالمسؤولية التي تقع علينا اليوم هي مسؤولية وطنية ودينية وأخلاقية، وبلغتنا تتحقق عزتنا وهي التي تقودنا إلى تحقيق نقلة نوعية في التعليم والإعلام والترجمة والعلوم كافة، وتعزز تمسك أجيالنا بلغة الضاد».
وأكد سموه أن ما يتضمنه التقرير من نتائج قيمة يشكل المدخل الأساسي للمرحلة التنفيذية الهادفة إلى الارتقاء بجوانب تعليم اللغة العربية واستخداماتها كافة في العلم والمعرفة والمجتمع والمدرسة والمنزل، مضيفاً سموه أن تعليم وتعلم اللغة العربية مسؤولية فردية ومجتمعية لغرس حب اللغة العربية في نفوس الأبناء كقيمة أصيلة.
وأضاف سموه أن «رؤية الإمارات 2021» تهدف إلى جعل الدولة مركزا للامتياز في اللغة العربية، وأن دولة الإمارات أخذت على عاتقها رفع لواء المحافظة على اللغة العربية ودعم كل المبادرات الهادفة للحفاظ عليها، وجعلها متطلباً أساسياً في المراحل الدراسية وفي الجامعات، وتحديث أساليب تعليمها بما ينمي القدرات اللغوية للطلبة، ويشكل محوراً ينهض بالحركة التعليمية عموماً وعلاقتها باللغة العربية.
ولفت سموه إلى أهمية اللغات بالنسبة للأمم باعتبارها الثروة الأعظم قيمة، لأن اللغة ركن أساسي في حضارات الأمم ولم تسد أمة لا تستند في تطوير علومها ومعارفها إلى لغتها الأم، فكيف إذا كانت تلك اللغة هي العربية التي مثلت جسراً لنقل الثقافة والعلوم والآداب، ليس للأمة العربية فقط وإنما أيضاً لأمم وحضارات أخرى عبر القرون.
وأثنى صاحب السمو نائب رئيس الدولة على جهود وإنجازات اللجنة وما خرجت به في تقريرها من توصيات قيمة، كما وجه سموه رسالة إلى الشباب في دولة الإمارات والوطن العربي يحثهم فيها على التمسك باللغة العربية والمحافظة عليها باعتبارها لغة عصرية، إذا عرفنا كيف نستخدمها ونتعلمها ونعلمها، وقال «أريد أن أوجه رسالة لأبنائي وإخواني في الإمارات والوطن العربي وأقول لهم: احرصوا على لغتكم العربية مثلما تحرصون على النجاح والتفوق».
من جهتها، أشادت اللجنة بالدعم اللامحدود الذي حظيت به من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، طوال فترة عملها الممتدة على مدار ستة أشهر متواصلة، فضلاً عن تبني سموه الدائم لمبادرات من شأنها أن تدعم وتثري وتصحح حضور «العربية» في مختلف المجالات.
وتم تشكيل اللجنة تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في إطار مجموعة المبادرات النوعية التي أطلقها سموه في الجلسة الأولى لمجلس السياسات التي عقدت في أبريل 2012، لتعزيز مكانة اللغة العربية وتطوير مناهجها وأساليب تعليمها، وتعزيز حضورها كلغة للعلم والثقافة والمعرفة.
وقال الباز خلال مؤتمر صحافي، أمس، إن اللجنة التي تضم متخصصين في مجالات مختلفة مارست عملها وفق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي ترى في «العربية» مظلة ووسيلة تواصل وتخاطب وتفاهم لا تقف عند حقل أو مجال بعينه، بل تتسع لتشمل كل المجالات والمعارف والعلوم، بما في ذلك كونها لغة حياة، ولغة عالمية كما جاء في إقرار هيئة الأمم المتحدة.
وكشف الباز عن دهشته للوهلة الأولى من ترشيحه لرئاسة اللجنة، رغم كونه رجل علم، وليس رجل لغة، مضيفاً «أزال هذا الاندهاش ما علمته من أن سموه يريد للغة العربية أن تتجاوز ارتباطها فقط بالأدب والشعر، لتكون لغة علم، ولغة عالمية».
وأكد الباز أن واقع العربية الآن على عكس ما يظن البعض أفضل بكثير من عقود مضت، رغم ثورة المعلومات التي تأتي غالباً بمصطلحات أجنبية، ووسائل الاتصال الحديثة التي يصنفها البعض في فئة «الأخطار الداهمة» على واقع العربية. ونوه بأن عمليات التعريب وتوظيف الاشتقاقات اللغوية قائمة بشكل طبيعي ومنهجي وتلقائي أيضاً، وربما على نحو اكثر ثراء من ذي قبل. وأكد أهمية صدور التقرير الذي يركز على تطوير أدوات ووسائل تعليم واستخدام اللغة العربية الفصيحة في أوساط الأجيال الشابة، والاستفادة من التقنيات ووسائل التواصل الحديثة بما يتناسب مع اهتماماتهم ومهاراتهم وميولهم في الوقت الذي نشهد اهتماماً كبيراً بتعليم اللغة والتعرف إلى الثقافة العربية من الناطقين بغيرها.
ويقدم تقرير «العربية لغة حياة» وصفاً للوضع الراهن لتعليم اللغة العربية من جوانب متعدّدة، مرتكزاً على خمسة محاور رئيسة تمثلت في محور تطوير المناهج، ومحور ثقافة القراءة، ومحور المعلم، ومحور دور الإعلام في دعم تعليم اللغة العربية، ومحور تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. كما يقدم توصيات وحلولاً قريبة يمكن تنفيذها خلال إطار زمني معقول، وحلولاً استراتيجية بعيدة المدى في سعي حثيث لتحقيق نجاحات سريعة في مجال تحديث تعليم اللغة العربية من خلال استراتيجيات تثمر في المدى البعيد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news