العثور على عمالة منزلية ماهرة بات مهمة صعبة في ظل التنافس الخليجي عليها. تصوير: أحمد عرديتي

المنافسة الخليجية تؤخر استقـــدام الخادمات إلى الدولة

أفاد مواطنون ومقيمون بأنهم باتوا يعانون صعوبة شديدة في الحصول على عمالة منزلية، لافتين إلى أنهم يضطرون إلى الانتظار لأسابيع عدة وربما أشهر، فضلاً عن تكبدهم مبالغ مالية كبيرة، الأمر الذي ردته شركات ومكاتب جلب عمالة منزلية إلى أن الفترة الحالية تشهد نقصاً شديداً في طلبات التشغيل والسير الذاتية التي يقدمها باحثون عن عمل أو الوكالات الخارجية، وهو أمر ناتج عن زيادة في طلبات الاستقدام من الدول الخليجية، والمنافسة على استقدام العمالة الماهرة، لافتين إلى أن حظر تشغيل جنسيات معينة في بعض الدول الخليجية أدى إلى زيادة الطلب على جنسيات أخرى خصوصاً «الفلبينية»، ما أدى إلى زيادة تكاليف الاستقدام بنسب متفاوتة، وكذلك زيادة رواتب بعض فئات العمالة المنزلية.

وتفصيلاً، قالت المواطنة (أم سعيد) إنها ذهبت إلى أحد مكاتب الوساطة في أبوظبي وبعد اطلاعها على عشرات السير الذاتية لخادمات من جنسيات مختلفة اختارت إحداهن، بعد أن أكد لها المكتب أنها تجيد رعاية الأطفال، وتتقن اللغة الإنجليزية، مضيفة أنها استخرجت لها تأشيرة بعد توقيع عقد مع السفارة على أساس أن تتسلم عملها خلال 15 يوماً أو ثلاثة أسابيع على أقصى تقدير، إلا أن المدة تجاوزت 60 يوماً منذ إصدار التأشيرة، ما أدى إلى انتهاء صلاحية التأشيرة، وبعد مراجعة المكتب قال إن الخادمة التي تم التعاقد معها حصلت على فرصة أخرى في بلد خليجي، وطلب منها المكتب اختيار خادمة جديدة فرفضت وأصرت على استرداد المبالغ التي دفعتها وقررت عدم التعامل مع المكتب مرة أخرى.

تحكم الوكالات

أفاد الخبير العمالي مدير شركة نوكري للتوظيف، عمادالدين عمر، بأن عملية استقدام العمالة من الخارج ليست سهلة كما يتوقع البعض، خصوصاً في ظل تحكم الوكالات الخارجية في كل خطواتها وفقاً لما تقرره لها حكوماتها، متابعاً أن أصعب مراحل جلب العمالة، تبدأ بتجميع العمالة من مختلف مدن وقرى البلدان المصدرة للعمالة وإعداد ملف لكل عامل تمهيداً لتسويقه للعمل في دول الخليج. وقال إنه على الرغم من زيادة نسبة البطالة وارتفاع عدد السكان في الدول الآسيوية والإفريقية المصدرة للعمالة، إلا أن ذلك لم ينعكس على رسوم جلب العمالة ولم يغط ذلك الطلب المتزايد لتشغيل العمالة المنزلية داخل الدولة

وقالت (عبلة ح) إنها اضطرت إلى إلغاء بطاقة «جليسة أطفال» تعمل لديها، بعدما ادعت أنها تواجه ظروفاً قاهرة تدفعها إلى العودة إلى بلدها، واتصلت بأحد المكاتب التي تنشر إعلاناتها في جريدة إعلانية شهيرة لتشغيل عاملة أخرى، فأبلغتها بتوافر عدد من الخادمات داخل المكتب يمكنها الاستعانة بأي منهن، فاكتشفت أن المكتب يستبقي الخادمات بعد رجوعهن من كفلائهن، ويقوم بتشغيلهن طوال فترة التأشيرة بنظام الدوام الجزئي.

وأضافت أن المكتب أخبرها أن هناك عاملة داخل الدولة تريد نقل كفالتها خلال أيام بعد انتهاء عقدها وسفر كفيلها، وبالفعل دفعت كامل مبلغ العمولة ووقعت عقداً، إلا أن المكتب أخبرها بعد ثلاثة أسابيع أن الفتاة انتقلت إلى كفيل آخر. في حين أكد أحمد الجيزاوي، موظف، أنه فوجئ بعد مرور أكثر من 40 يوماً على إصدار تأشيرة لخادمة من دولة آسيوية باتصال من مكتب الوساطة يطلب منه الإسراع بإلغاء التأشيرة وإصدار تأشيرة جديدة لفتاة أخرى، بحجة أن الفتاة التي كان من المقرر أن تعمل لدى أسرته غير مناسبة صحياً، وأنه عثر على خادمة أفضل منها بالعمولة نفسها، إلا أنه علم في ما بعد أن المكتب أرسل الخادمة التي اصدر لها التأشيرة إلى كفيل آخر بريطاني الجنسية مقابل عمولة أكبر.

وأفاد علي الظاهري بأن مكاتب الوساطة لا تهتم بما يتكبده الكفيل من عناء أثناء انتظار العاملة المنزلية، ولا الأعباء المالية التي يتكبدها خلال عملية استخراج الرسوم والعمولات وتذاكر السفر وغيرها، ومن ثم فإن المكاتب لا تهتم بإتمام إجراءات جلب العمالة في موعدها بحجة إجراءات السفر التي تقوم بها الوكالات الخارجية، والتدريب الذي تحصل عليه الخادمة، في حين أن هذا التدريب لا تتجاوز مدته ثلاثة أيام على أقصى تقدير.

في المقابل، أكدت مسؤولة في مكتب النجم الذهبي لجلب العمالة، رود ديلا، أن مكاتب الخدم لديها عشرات من طلبات العمل الواردة من الوكالات التي تتعامل معها تحتوي على البيانات الخاصة بالعامل أو العاملة، من بينها المؤهل الدراسي والخبرات والطول والوزن واللغة والجنسية والمهارات، وعندما يختار الكفيل إحدى صاحبات السير الذاتية يحدث أحياناً أن يكتشف المكتب أن صاحبتها غير متوافرة لأن البيانات لا يتم تحديثها باستمرار، بسبب قيام وكالات التوظيف في الخارج بإرسال بيانات عمالها إلى أكثر من مكتب وساطة في أكثر من دولة، وبالتالي يحدث تأخر ثم إلغاء الطلب.

فيما قال مدير شركة غلوبال للتوظيف، محمد نجم، إن السبب الأساسي لتأخر وصول العمال من بعض الدول المصدرة، شح العمالة، بالإضافة إلى الإجراءات المعقدة التي تفرضها حكومات على المكاتب، والتي تفرض على العاملة تلقيها نوعاً من التدريب لأيام عدة، إضافة إلى أن أغلبية هذه العمالة يتم جلبها من مناطق نائية جداً وبعيدة عن المدن التي يتم السفر منها إلى دولة الاستقبال، مؤكداً أن مكتب الوساطة ليس من مصلحته تأخير تسليم العمالة إلى الكفلاء في مواعيدها، لأنه بحاجة إلى الحصول على بقية عمولته والحفاظ على سمعة مكتبه.

وذكر مدير مكتب الوادي الأخضر لخدمات جلب العمالة والتوظيف، رشيد علي، أن المكاتب الخارجية هي التي تحدد العمولات، وكذلك موعد وصول العامل للدولة، ولا يتحمل المكتب داخل الدولة أي مسؤولية لأنه مجرد وسيط بين الكفيل ومكتب التشغيل الخارجي، لافتاً إلى أن متوسط جلب العامل لا يتجاوز 30 يوماً، إلا أن هناك بعض الحالات قد تزيد على 60 يوماً لأسباب مختلفة، من بينها أن يكون العامل نفسه تم تشغيله في مكان آخر خصوصاً في ظل قلة العمالة المنزلية، بالإضافة إلى احتدام المنافسة بين دول الخليج على جلب العمالة المنزلية الماهرة في ظل ارتفاع مستوى معيشة العائلات المواطنة والمقيمة، وخروج أغلب النساء إلى العمل.

الأكثر مشاركة