«الأوقاف وشؤون القصر» تكفلت بإيفاد 10 مدمنين تائبين للحج. من المصدر

مدمنون تائبون يتحولون من التعاطي إلى الحج برعاية شرطة دبي

أكد مدمنون تائبون وقع عليهم الاختيار لأداء فريضة الحج من جانب شرطة دبي، بالتعاون مع مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر، أنهم لم يتخيلوا أثناء تعاطيهم المخدرات أنهم سيحجون ذات يوم تحت إشراف ورعاية الشرطة، مشيرين إلى أن هذه الرحلة فاصلة في حياتهم، إذ إنهم تعافوا جميعاً من هذا المرض الخطر، لكنهم يعانون عدم تقبل المجتمع لهم، فضلاً عن عدم التحاقهم بوظائف تشغل أوقاتهم وتوفرلهم فرصة العودة إلى حياتهم الطبيعية، مطالبين بإلغاء سوابقهم إذا كانت تقتصر على الإدمان وثبت تعافيهم منه.

تأهيل المدمنين

أكد مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، اللواء عبدالجليل مهدي العسماوي، أن حرص شرطة دبي على اختيار مدمنين تائبين يأتي في إطار جهودها لإعادة تأهيل المدمنين، مشيراً إلى أن المكافحة من خلال الملاحقة الأمنية لا تمثل إلا جزءاً من حل مشكلة الإدمان، لكن مساعدة هؤلاء الأشخاص هي السبيل لتشجيع غيرهم على الإقلاع عن الإدمان. وأوضح أن الإدارة تستعين بهم أحياناً في محاضرات التوعية.

نصح وإرشاد

قال مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، اللواء عبدالجليل مهدي العسماوي، إنه تم الاجتماع مع المدمنين التائبين من قبل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، وتقديم النصح والإرشاد لهم بأهمية وفضل هذه الفريضة، لافتاً إلى أن المدمنين التائبين الذين وقع عليهم الاختيارعادوا في حالة نفسية جيدة، مؤكدين أن هذه المبادرة تساعد على استمرارهم في التوبة والابتعاد عن طريق الإدمان.

وذكر مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، اللواء عبدالجليل مهدي العسماوي، أن شرطة دبي ساعدت 57 مدمناً تائباً على أداء فريضة الحج خلال السنوات الخمس الماضية، معتبراً أن هذه وسيلة لتعزيز الثقة بهم، والتأكيد على فكرة أنهم كانوا مرضى وتعافوا ويستحقون كل الدعم والمساندة.

وتفصيلاً، قال (م.ع) أحد المدمنين التائبين الذي تولى دوراً مهماً في قيادة المجموعة خلال بعثة الحج، إنه لا أحد منهم كان يتصور حين كان يتعاطى المخدرات أن الشرطة ستلعب هذا الدور وتدعهم لأداء فريضة الحج التي وفرت لهم نوعاً من الصفاء النفسي والراحة الكبيرة والأمل في العودة مجدداً إلى حياتهم الطبيعية، مضيفاً أن هذه المبادرة تحد كذلك من ارتكاب سلوكيات ربما يرتكبها البعض بدعوى أنها تساعده على الابتعاد عن المخدرات، مثل تعاطي الخمور، مشيراً إلى أن زيارة البيت الحرام كفيلة بعدم التفكير في الاقتراب من المشروبات الكحولية التي يعوض بها البعض المخدرات.

وتابع أن ظروفه أفضل كثيراً من المدمنين التائبين، لأنه التحق بوظيفة مناسبة، ولديه قناعة بأنه كان مريضاً وليس مجرماً، وتعافى من مرضه، لذا لا يجد أي مشكلة في مواجهة ذلك مجتمعياً، وتحدي أي عوائق تواجهه في طريق الابتعاد عن المخدرات.

ولفت إلى أنه لا يكتفي بذلك فقط، بل يتطوع للحديث وشرح تجربته لمدمنين آخرين، في مراكز التأهيل ومن خلال المشاركة في حملات، لأن المدمن المتعافي يمكنه أن يلعب دوراً مهماً في علاج غيره، إذ تعد تجربته العملية درساً مفيداً للآخرين، لأنه لا يتحدث بشكل نظري، بل يشرح ما يتعرض له المدمن الذي يخضع للعلاج، وما يمكن أن يحدث له إذا استمر في هذا الطريق.

وأوضح أن تجربته في الإدمان علمته أن أصدقاء السوء هم البوابة الأولى للإدمان، كما أنهم السبب الرئيس في عودة كثير من المدمنين المتعافين إلى الإدمان، خصوصاً الذين تنكرهم أسرهم وينبذهم المجتمع، فلا يجدون حاضناً سوى أصدقاء السوء الذين يجرونهم مجدداً إلى طريق التعاطي.

وأكد (م.ع) أن المخدرات مرض نفسي، يسبب نوعاً من الهلاوس والشعور الوهمي بالسعادة، لافتاً إلى أن المجتمع يتعين أن يتعامل مع المدمنين باعتبارهم مرضى مثل المتوحدين وليسوا مجرمين، لأن هذا يفاقم من حجم المشكلة، ويؤدي إلى عودة المدمن مجدداً إلى طريق الإدمان.

واعتبر أن رحلة الحج بالنسبة إليهم جميعاً تمثل بداية جديدة، ومرحلة فارقة في حياتهم، معرباً عن أمله في أن يتمكن بقية زملائه من الالتحاق بوظائف توفر لهم نوعاً من الاستقلالية، وتساعد على سرعة اندماجهم في المجتمع، مشيراً إلى أنه يعمل في وظيفة جيدة، ولديه خبرات سابقة في أعمال مهمة، لكنه يشاركهم مشكلاتهم.

وأشار إلى أن من الضروري النظر في إمكانية إلغاء سوابق الإدمان من صحيفة الحالة الجنائية لمدمنين متعافين يلتزمون بإجراءات الفحص الدوري، وتتأكد الجهات المختصة من أنهم تابوا كلياً ولن يعودوا مجدداً إلى المخدرات، لافتاً إلى أن اتخاذ هذه الخطوة سيساعدهم على العودة إلى سوق العمل وبدء حياة جديدة.

إلى ذلك، قال مدمن تائب التحق كذلك ببعثة الحج، فضل عدم ذكر اسمه، إنه قضى مع زملائه أياماً متواصلة في الحرم، وشعروا بأنهم عادوا من رحلتهم أشخاصاً مختلفين، معرباً عن أمله في أن تكتمل الفرحة بحل مشكلات المدمنين التائبين الذين يعانون مشكلة عدم تقبلهم من جانب المجتمع، لافتاً إلى أن البعض يخاف منهم على أطفالهم، غير مدركين أننا كنا مرضى وتعافينا من ذلك.

وأعرب عن امتنانه البالغ لدور الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي والدوائر التي ساعدتهم على أداء فريضة الحج، مشيراً إلى أنه لم يكن يلتزم بصلاة واحدة، لكنه الآن انضم إلى طائفة الحجاج، مؤكداً أنه لن يفوت فرصة الالتزام بعد أدائه الفريضة.

وقال مدمن تائب شارك كذلك في رحلة الحج، فضل عدم ذكر اسمه، إن المدمن يكون شخصاً حساساً بطبعه، فيفرح ويحزن بشدة، لذا يتعين التعامل معه بنوع من التسامح والحذر حتى يتم رحلة علاجه، لافتاً إلى أن المجتمع لا يتمتع بثقافة جيدة في التعامل مع المتعاطين التائبين، ويتحمل دوراً في انتكاسة الكثيرين. إلى ذلك، قال مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، اللواء عبدالجليل مهدي العسماوي، إن الإدارة تحرص سنوياً على اختيار عدد من المدمنين التائبين المتلزمين الذين يثبت من خلال برنامج الفحص الدوري أنهم يسيرون بجدية في طريق التوبة ولن يعودوا مجدداً إلى الإدمان، مشيراً إلى أن الإدارة اختارت 10 من المدمنين التائبين على مستوى الدولة الذين أدوا فريضة الحج برعاية مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر.

الأكثر مشاركة