ليلة نزوح اللاجئين السوريين من حمص

الجوع أو الرجوع فكان الرحيل

صورة

قالوا لنا: «الجوع أو الرجوع، فاخترنا الرحيل»، هكذا بدأ حديثه الطبيب الأخصائي السوري جهاد النشيواني، الذي التحق بالعمل في المستشفى الميداني الإماراتي، بعد نزوحه وعائلته من حمص، تلك المدينة السياحية ذات القلاع والمساجد والكنائس الأثرية، التي بنيت فوق أطلال مدينة رومانية قديمة، وفتحها خالد بن الوليد بعد موقعة اليرموك، وتحولت ذات ليلة إلى عاصمة للثورة التي اندلعت في درعا، واستمرت ثلاث سنوات كاملة تمنح من دماء أبنائها ثمناً للحرية والمستقبل، بعيداً عن العاصمة بنحو 160 كيلومتراً قطعها جيش النظام السوري بالطائرات ليخمد ثورتها ويغتال حلمها.

جمع النشيواني أدواته الطبية والقليل من ذكريات العمر بعد أن بدأ النظام يضرب حصاره حول المدن التي بدأت تتحرك ضد الظلم والبطش «كانت الرسالة المعلنة من قوات النظام: إما الجوع أو الرجوع، ولولا بكاء الأطفال وآلام المصابين وأوجاع الجرحى لتحملنا الأهوال ولم نبتعد عن بيوتنا ومزارعنا التي بنيناها بالعرق والدم، فبعد أسابيع قليلة من الحصار ارتفع سعر رغيف الخبز من 15 ليرة إلى أكثر من 200 ليرة، ولم يعد موجوداً، ولم يسمح لأحد بالدخول أو الخروج، حتى المواد الغذائية منعت من المرور، وبدأت عملية الهروب من الحصار بشتى الطرق، خصوصاً مع ازدياد عمليات القصف العشوائي على المدن والقرى، وكانت الحدود الأردنية هي الأقرب بالنسبة للعديد من القرى والمدن لاسيما أنها حدود يصل طولها إلى نحو 370 كيلومتراً، إضافة إلى وجود كثير من الأنساب المشتركة بين سوريين وأردنيين”.

وتابع أنه دخل الأردن، بعد أيام طويلة من المعاناة في الطريق، وأسابيع من الإقامة المؤقتة في مخيم «الزعتري»، وانتقل للسكن في محافظة المفرق، وتطوع للعمل في المستشفى الإماراتي بمجرد علمه بافتتاحه، ليقدم المساعدة لمن يحتاج إليها.

وقال طبيب جراح آخر في المستشفى، طلب عدم ذكر اسمه خوفاً على أقاربه الموجودين في سورية، إنه لم يترك وطنه إلا بعد أن تلقى تهديداً مباشراً بالاغتيال من قوات النظام، بحجة علاجه مصابين من المعارضة، بينما كان يؤدي رسالة الطبيب، التي تلزمه علاج أي مصاب أو مريض بعيداً عن حسابات الدين أو العرق أو الجنس أو الفكر السياسي، وهو الدور الذي يقوم به في المستشفى الإماراتي، أي تخفيف الآلام عن المرضى والمصابين ومتابعة حالاتهم، مع 22 طبيباً آخرين داخل المستشفى، ونحو 70 من الطاقم المساعد في التخصصات كافة.

ويضيف أنه لا يحمل مع غيره من العاملين في المستشفى سوى كل امتنان تجاه الإمارات، «ففي الشدائد تعرف المعادن».

 

تويتر