فلوريدا: الابتكار يُقاس بقوة المدن التي تصنعه
قال البروفيسور في جامعتي تورونتو ونيويورك، كبير محرري مجلة أتلانتك، الدكتور ريتشارد فلوريدا، خلال جلسة «مجتمعات ذكية لمدن ذكية»، إن «الابتكار لا يقاس بحسب قوة المجتمع الصناعي، بل بقوة المدن التي تصنع هذا الابتكار، وتوفر بيئة مثالية له، موضحاً أن الإمارات، ودبي على وجه الخصوص، توجهت إلى الابتكار وبناء اقتصاد المعرفة»، لافتاً الى أن «بناء المدن لا يتحقق من خلال التوسع العمراني فقط، بل من خلال استقطاب المفكرين والمبدعين من حول العالم».
وأكد فلوريدا أن «دبي أعادت بناء نفسها لتصبح تحفة على مستوى المدن الذكية حول العالم، من خلال تطوير الاتصال، وتوفير الترفيه والرياضة والسياحة وبناء الاقتصاد المناسب»، متابعاً أنها «مدينة ذكية، ومبدعة، ومركز للإبداع على مستوى العالم، وهناك جامعات كبرى، أهمها جامعة نيويورك، تأخذ من دبي وأبوظبي، مثالاً على المدن العالمية التي يجب على طلابها أن يدرسوها في المقررات الجامعية».
سكان المدن أكد الدكتور ريتشارد فلوريدا، أن العالم يشهد تطوراً مستمراً منذ القرن الماضي، لافتاً إلى أن 10% من السكان كانوا يعيشون في المدن قبل 100 عام، ثم ارتفعت النسبة لتصل إلى 20% خلال الخمسينات، وارتفعت مجدداً في 2008 لتصل إلى 50%، ومازالت النسبة في ارتفاع، متوقعاً أن ينتقل ما يقارب الثلاثة مليارات شخص إلى المدن في السنوات المقبلة. |
وتطرق إلى التغيرات التي حدثت حول العالم، وكيف أصبح الابتكار جزءاً مهماً من المجتمعات المحتضرة، والمدن الذكية، مضيفاً أن «دبي تشكل مفتاحاً مهماً في المستوى الاقتصادي والسياسي».
وشرح فلوريدا أن «الصناعة كانت الجزء الأهم من التطور، إلا أن الأزمة الاقتصادية التي حلّت بالعالم في عام 2008 أوجدت طريقة أخرى لإعادة الأمور إلى نصابها، تتمثل في إعطاء الدول فرصة جديدة لابتكار طرق ونظريات جديدة للانتعاش الاقتصادي.
وتابع أن «الركود الاقتصادي يحصل بين فترة وأخرى، ومن واجب الحكومات معرفة كيفية تقديم الحوافز، ليستطيع المبدعون تقديم الحلول الأفضل والانتقال من أزمة إلى فرصة غنية ومناسبة للمجتمع»، موضحاً أن «العالم استطاع أن يرجع إلى القمة عندما برزت أنماط جديدة للحياة وأنماط جديدة للتفكير، تعتمد على التوسع في المدن وبنائها، وهو ما حفّز الصناعات في مجالات الفولاذ والسيارات والأدوات المستخدمة يومياً».
وأضاف فلوريدا أن الابتكار يحول الأرض إلى عالم مسطح، يجمع المبدعين والمفكرين حول أفكار أفضل، موضحاً أن دبي تبني مراكز أساسية للإبداع من خلال إنشاء مناطق حرة ومدن إعلامية كبيرة، لتبني اقتصاداً قوياً مترابطاً.
ولفت إلى أن العالم شهد تحولاً دراماتيكياً، حيث انتقل من الصناعة إلى بناء اقتصاد الخدمات، والاقتصاد التكنولوجي الرقمي، المبني على المعرفة، والنمو بالاعتماد على العمل الذهني، موضحاً أن «دبي حالياً تنتقل من اقتصاد الموارد الطبيعية إلى اقتصاد المعرفة الذي يشجع على الابتكار المتواصل».
وتابع أن المبدعين لم يشكّلوا سوى 10% من إجمالي السكان في المجتمع الأميركي، خلال خمسينات القرن الماضي، الذي وصلت فيه أميركا إلى مراحل متقدمة من النمو الحضاري، وشهدت الثمانينات تحولاً كبيراً نجم عنه خلق أكثر من 20 مليون وظيفة جديدة على مستوى الإبداع والترفيه والأعمال والقيادة، ومن ثم شكلت الطبقة الإبداعية ثلث العاملين في هذه الوظائف، مضيفاً أن الإمارات فيها شخص من بين أربعة أشخاص ينتمي إلى الطبقة الإبداعية ويعمل في مجال الابتكارات.
وأضاف أن 90% من القوى العاملة في مدن عالمية، كنيويورك، ولندن، ودبي، تشكل الطبقة الإبداعية. وللوصول إلى أعلى مستويات النجاح، نحن بحاجة إلى الإبداع التقني والذهني.
وقال إن «استخدام المعرفة يؤدي إلى اختراعات، ليست الآلات هي المسؤولة عن الابتكار، بل ذكاء الأشخاص الذين يعملون خلفها، الذكاء هو ما يجعل الأمم عظيمة»، مشيراً إلى أن المبدع ليس بالضرورة ممن يحملون الشهادات العليا، فـ40% من الطبقة الإبداعية، أشخاص لم يكملوا دراستهم الجامعية، أمثال بيل غيتس وستيف جوبز.