رجال دين: التكفيريون يطوّعون النصوص لخدمة أغراضهم وأهوائهم
أكد مشاركون في المنتدى العالمي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، أن السلم المجتمعي هو أهم مقاصد الشريعة، لافتين إلى ان المشكلة الحالية التي تواجه المجتمعات المسلمة تتمثل في نفي الطاعة من جانب بعض المنتمين للإسلام باستغلال بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية حتى وصل الأمر إلى التكفير، مشيرين إلى أن التكفيريين طوعوا نصوصاً لخدمة أغراضهم وأهوائهم.
الأمر بالمعروف تناولت الجلسة الثالثة للمنتدى العالمي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الوجوب إلى الحظر، وقال أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية، الدكتور رضوان السيد، إن الجماعات الأصولية ظهرت بداية قبل نحو 200 عام في الهند عندما احتلها الإنجليز، فظهر من المسلمين من يقول إنها أصبحت ديار كفر وبالتالي يجب الجهاد داخلها أو الهجرة منها، وانتقلت الفكرة إلى العديد من الدول الإسلامية. وتابع أنه في بدايات القرن الماضي ظهرت جماعات أصولية أخرى رأت أن بلدانها هي ديار كفر، وأن الجماعة هي التي تمثل الشريعة، وظلت هذه الجماعات تمارس عملها على استحياء داخل المجتمعات حتى تولت الحكم أنظمة عسكرية مستبدة كانت سبباً في أن يلتف الناس حول هذه الجماعات، لافتاً إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استخدم خلال القرن ونصف القرن الماضي ضد الإسلام. |
وتواصلت، أمس، فعاليات اليوم الثاني للمنتدى، وشهدت الفترة الصباحية أربع جلسات تناولت مفاهيم الطاعة ومقاصدها والدوافع الرائجة للتكفير وموضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومفهوم الجهاد وضوابطه.
وقال مفتي جمهورية مصر العربية، الدكتور شوقي علام، في ورقته خلال الجلسة الأولى، إن «هناك أساسين للطاعة يجب أن تقوم عليهما، الأول تربوي بوازع من الدين والإيمان والضمير، والثاني فقهي قانوني»، لافتاً إلى أن «التربية يجب أن تسبق الطاعة من خلال التركيز على الوازع الديني بالاستفادة من المساجد والأسرة والمدارس والجامعات وكل المؤسسات التعليمية»، مستشهداً بالحديث النبوي الشريف «من أطاعني فقد أطاع الله»، وبقوله تعالى «وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم»، موضحاً أن هناك حدوداً لطاعة ولي الأمر، منها وجوب الطاعة والانقياد لولي الأمر بالمعروف، فإذا أمر ولي الأمر بشيء مشروع وجبت طاعته، أما إذا أمر بمعصية، فحينئذ لم تجز طاعته في تلك المعصية فقط، ولا تنقص طاعته المشروعة.
فيما قال عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي قاضي التمييز الشرعي بالمحكمة العليا في باكستان، الدكتور محمد تقي العثماني، خلال مناقشة ورقته حول مفهوم الطاعة ومقصدها بين الإثبات والنفي، أن المشكلة الحالية التي تواجه المجتمعات المسلمة نفي الطاعة من جانب بعض المنتمين للإسلام باستغلال بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية حتى وصل الأمر إلى التكفير، مؤكداً أن العلماء جميعاً حرموا الخروج المسلح على الحكومات الإسلامية، وأوصوا بطاعة السلطان، حتى لو جاء للحكم بالقوة باعتباره السلطان المتغلب، لما في ذلك من درء لفتن الدهماء والغوغاء.
ولفت العثماني إلى أن من بين أسباب اغترار الشباب ببعض الاتجاهات الإسلامية وجود صحوة إسلامية لدى هؤلاء الشباب الذين تربوا على الإسلام نظرياً وفي نطاق بيئتهم الضيقة.
وفي الجلسة الثانية قال رئيس جامعة القرويين عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، الدكتور محمد الروكي، إن التكفير بدعة محدثة لم يكن لها وجود في العصور الإسلامية المختلفة، معتبراً أنه مرض وداء يجب استئصاله باعتباره التهديد الأكبر على السلم في المجتمعات المسلمة، مشيراً إلى أن تكفير الشخص يعني الحكم المسبق عليه بدخول النار، وهو أمر لا يملكه إلا الله تعالى لأنه وحده من يعلم بالسرائر والدواخل، وقال إن الشيء الأخطر عند مواجهة التكفيريين أنهم يعتقدون أنهم صواب.
فيما أفاد أستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور هاني عبدالشكور، بأن من أهم المفاهيم التي يعتمد عليها التكفيريون مفهوم الولاء والبراء، مستندين إلى نصوص كثيرة يطوعونها بحسب أغراضهم وأهوائهم، من دون محاولة فهم عميق لمعنى الولاء والبراء، ودون الاطلاع على آراء أغلبية العلماء الذين تناولوا هذه المفاهيم بالدرس الواسع، مضيفاً أنهم يستندون أيضاً لعدم تطبيق الحدود في دعواهم إلى التكفير، ولا يعلمون أن الحدود وضعت أساساً من أجل السلم المجتمعي.
وفي مداخلة له اعتبر الدكتور عمر الجيلاني، من علماء السعودية، أن بعض كتب الشريعة التي يستمد منها الطلبة في الكليات الإسلامية تعد السبب في هذه الأفكار الشاذة، مؤكداً ضرورة التوسع في تدريس الفقه وعلم التزكية الذي ينمي مراقبة الله عز وجل، والاهتمام بالمحاورة مع الآخرين أصحاب الأفكار غير الصحيحة.