المستشار الأسري عيسى المسكري

المرشد الأسري

تشكو القارئة فاتن:

يميز زوجي في معاملته بين أطفالنا لمصلحة الولد، وينهر دائماً البنت على كل شيء تفعله من منطلق التأديب، ما يسبب مشكلات أسرية عديدة بيننا؟

يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري:

التمييز بين الأبناء بقصد أو بغير قصد مشكلة يقع فيها بعض الآباء والأمهات، ولها نتائج سلبية عليهم قد تمتد آثارها معهم حتى الكبر، فالاهتمام الزائد بالابن دون غيره يضر شخصيته أولاً قبل غيره، فيشعر بالغرور والتعالي وقد يلازمه هذا الشعور طيلة عمره، كما أن المعاملة السيئة للبنت بذاتها أو إهمال كيانها آفة خطرة قد تترك وراءها أمراضاً نفسية لا يسعنا ذكرها، منها الكره والبغض لأبيها الذي يفضل أخوها عنها.

هناك عادات قديمة لاتزال موجودة حتى الآن، مثل تفضيل الولد على البنت في العطاء وحسن المعاملة والكلمة الطيبة، كما أن خطأ البنت لا يُغتفر أما أخطاء الابن وإن كانت كثيرة، فمسألة فيها نظر، فالعدل والمساواة قضية حساسة ودقيقة ومسألة مرتبطة بالتربية، ويجب أن تكون المساواة في كل صغيرة وكبيرة، سواء في القبلة واللمسة، أو الطعام والكلام، والاحترام والاهتمام، وكذلك المساواة في المداعبة والنظرات، والهدايا والعطايا، وفي التأديب والعقوبة، لا فرق بين البنت والولد فهما سواسية مثل أسنان المشط.

وقد يكون الابن أفضل من البنت بذكائه وتفوقه وأدبه، وأكثر ما يثير غضب البنت في بعض الأوقات، المقارنة بقصد التربية، «أخوكِ أفضل منكِ، إنه متفوق دائماً وذكي وألمعي»، وهنا تشعر الأخت بالإحباط والقهر والغيرة من أخيها، وقد يصل الأمر إلى الدعاء عليه أو التمني أن يصاب بمكروه حتى تحتل مكانه وتحظى باهتمام أبيها، وإذا لم تصل إلى مرادها فقد تصاب بآفة العزلة والانطواء أو الخوف والاكتئاب.

وسبب النزاع بينكما الاختلاف في التفضيل، فقد يفضل الوالد ابناً من الأبناء وتفضل الأم ابناً آخر أو بنتها، وقد يظهر منه ـ أي الأب ـ هذا التفضيل لابنه وتكون الأم في منطقة التوضيح والدفاع، بصوتها العالي أو بقهرها الغاضب، كما أن بعض الأمهات يفضلن الطفل الصغير أو الابن المريض أو الولد المسافر، وهذا أمر فطري لكن يجب ألا يظهر هذا التفضيل بين الأبناء لا في السلوك ولا في التربية ولا في المعاملة.

فما أجمل غرس الحب بين الأبناء وحثهم على التعاون، ويجب في مثل هذه الشكوى إعطاء البنت حقها في الدفاع عن نفسها أمام أخيها، وإظهار قدراتها وتشجيعها، وعدم إهمالها، فالعدل أساس التربية السليمة، كما أن توزيع الحب يجب أن يكون للجميع، فهو غذاؤهم العاطفي وصحتهم الجسدية والنفسية.

فيا أيها الآباء: إن فضل البنات لا يخفى، فهن الأمهات، والأخوات، والزوجات.

 

الأكثر مشاركة