تعديلات تشريعية خلال أسابيع لتقليص فترة التقاضي

طلبات «قانونية» لإطالة أمد دعاوى الطلاق

اتهم أزواج مدعى عليهم في قضايا طلاق، محامي زوجاتهم، بتعمد إطالة الفصل في القضايا المنظورة بينهم أمام القضاء لفترات طويلة، مشيرين إلى أن بعضهم ينتظر الفصل في قضيته منذ عامين، لافتين إلى أن تأخر الفصل في الأحكام القضائية يترتب عليه آثار نفسية صعبة، خصوصاً في ظل وجود أطفال مشتتين بينهم وبين زوجاتهم.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن «بعضهم فوجئ بعد الفصل في قضاياهم من خلال مراحل التقاضي الثلاث وانتهاء القضية، بمحامي زوجاتهم يسجلون ضدهم قضايا جديدة، مثل طلب زيادة النفقة، ما ترتب عليه تسجيل قضية جديدة سيستغرق نظرها وقتاً طويلاً».

وأيدهم الرأي القاضي في محكمة الاستئناف في محاكم دبي، خالد يحيى الحوسني، الذي أكد تعمد محامين إطالة أمد الفصل في الدعاوى، من خلال دفعهم بطلبات عدة، يحتاج كل منها إلى بيّنة وسماع شهود، ما يستغرق وقتاً كبيراً.

رؤية المحضون

قال المحامي عبدالله حاجي، إن القانون راعى احتمالية التأخر في الفصل في قضايا الأحوال الشخصية، إذ إنه يحقّ لأي من طرفي الدعوى في حال وجود أطفال، رؤية المحضون وفقاً لنص المادة 154 من قانون الأحوال الشخصية في فقرتها الأولى، التي بينت أنه إذا كان المحضون في حضانة أحد الأبوين فيحقّ للآخر زيارته، على أن يحدد المكان والزمان.

من جهة أخرى، أفاد رئيس اللجنة التشريعية والقانونية في المجلس الوطني الاتحادي، أحمد علي الزعابي بأن «اللجنة» انتهت منذ نهاية مارس الماضي، من إجراء تعديلات على مواد عدة في مشروع القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992، بصورة تسهم في تقليص فترات التقاضي أمام المحاكم المختلفة، والمزمع الانتهاء منها ورفعها إلى الحكومة لإقرارها خلال الأسابيع المقبلة.

وتفصيلاً، قال أحد الأزواج المدعى عليهم (ط.ق)، إنه بعد عامين ونصف العام، فصلت محكمة التمييز في قضية الطلاق التي تقدمت بها مطلقته، وفوجئ بعدها برفع موكلها قضية جديدة يطلب فيها زيادة النفقة، ما ترتب عليه إحراجاً له مع جهة عمله، بسبب تكرار حصوله على الإجازات لحضور جلسات المحكمة.

وأشار مدعى عليه في قضية طلاق، فضل عدم نشر اسمه، إلى أن زوجته أقامت ضده دعوى طلاق، بعد أن علمت أنه متزوج بأخرى، وفشلت مساعي الصلح بينهما، وطالب محاميها عند تسجيل القضية بضم حضانة طفليه إليها ودفع النفقة المؤقتة، وهو ما يتطلب وقتاً كبيراً للفصل فيه من جانب المحكمة.

فيما قال (هـ.ر)، إنه كان مدعى عليه في قضية طلاق وتم الفصل فيها بعد سنتين، بسبب تعمد محاميها إطالة الفصل في القضية، من خلال طلبه من المحكمة تأجيل الجلسات لأسباب ليست ذات جدوى، مشيراً إلى أنه بعد أن علمت مطلقته بأنه تمت زيادة راتبه، رفعت قضية جديدة تطالب فيها بزيادة النفقة، وقضت المحكمة لمصلحتها.

واتهم أحد الأزواج المدعى عليهم في دعوى طلاق (ع.م)، موكل زوجته بتعمد الإطالة في القضية، من خلال مطالبته المستمرة بتأجيل الجلسات.

 

أمد التقاضي

وعزا المحامي محمد الرضا، تعمد بعض المحامين في مثل تلك القضايا إلى إطالة أمد التقاضي، لتأكدهم من خسارة القضية، فيحاولون أن يثبتوا أمام موكلاتهم أنهم يبذلون قصارى جهدهم في القضية، أو قد يكون ذلك للضغط على الزوج لتقديم تنازلات.

ورأى الرضا، أن المحامين ليسوا سبباً رئيساً في تأخير الفصل في القضايا، إنما هناك أسباب عدة، منها: عدم وضوح عناوين الأطراف في بعض القضايا، خصوصاً أن كثيراً من المتقاضين لا يذكرون العنوان الواضح للطرف الآخر أو الشهود، إضافة إلى بطء الإجراءات المتبعة لدى بعض الجهات، مثل شركات الاتصالات والبنوك، وذلك في حال الاستعلام منها عن شيء معين بخصوص القضية.

وبين أن تغيير الهيئات القضائية بين مدة وأخرى، يعتبر أيضاً من أسباب تأخر الفصل في الدعاوى، لأن الهيئة الجديدة ستحتاج إلى وقت لدراسة ملف القضية.

وتابع الرضا أن العناد دائماً يستحكم في قضايا الأحوال الشخصية، إذ هناك كثير من القضايا التي يحاول فيها كل طرف الانتقام من الآخر أو تعجيزه، كما تتسم تلك الدعاوى بعدم جدية الأطراف في حل النزاع ودّياً، ما يؤدي إلى تأخر الفصل فيها.

 

طلبات غير منطقية

قال المحامي عبدالله حاجي: «بعض المحامين يتقدمون بطلبات إلى المحكمة ويلتمسون الاستجابة إليها، على الرغم من علمهم التام بأنها ليست منطقية، بهدف إطالة أمد التقاضي».

وأضاف حاجي أن كل طلب من تلك الطلبات ينبغي أن تتبين منه المحكمة.

في المقابل، قال القاضي في محكمة الاستئناف في محاكم دبي، خالد يحيى الحوسني، إن بعض المحامين يتعمدون إطالة أمد الفصل في الدعوى، من خلال إبداء طلبات عدة، يحتاج كل طلب منها إلى بيّنة وسماع شهود، ما سيترتب عليه عقد عدد من الجلسات، التي بطبيعة الحال ستستغرق وقتاً كبيراً.

وكان رئيس قسم القضايا الأسرية في محاكم دبي، صلاح الهاشمي، أكد في تصريحات سابقة لـ«الإمارات اليوم»، أن بعض المدعيات لا تكون لديهن النيّة في إطالة أمد الدعوى، لكن الموكلين عنهن يصرّون على ذلك.

 

تعديل قانوني

قال رئيس اللجنة التشريعية والقانونية في المجلس الوطني الاتحادي، أحمد علي الزعابي، إنه «لوحظ خلال الأعوام الماضية، تأخر بعض الأحكام القضائية، واستنزاف الوقت بين المتقاضين، بسبب التأجيلات المختلفة لاستكمال الإجراءات القضائية، وهو ما دفعنا لأن نجري تعديلاً لإنشاء ملف لإدارة الدعاوى في كل محكمة، يخفف الضغط عن القضاة، إذ لن يكون بإمكان المتخاصمين تسجيل الدعوى أمام المحكمة، من دون استيفاء الأوراق والمحاضر والوثائق كافة بملف إدارة الدعوى».

وأضاف أن «الإجراءات المستحدثة من قبل اللجنة البرلمانية، من شأنها أن تستهدف تقليص فترات نظر القضايا أمام المحاكم، فيما تم استحداثها في الأصل للحد من تباري المتخاصمين في التأجيل لتقديم المستندات، سعياً لاستهلاك الوقت أثناء فترة نظر الدعوى أمام المحكمة».

وأشار إلى أن «المرحلة المقبلة ستشهد توقيع عقوبات على الأطراف المتقاضية التي لا تلتزم بمقررات هذا النص القانوني الجديد، في خطوة هدفها ضبط عملية التقاضي، وحسب ما يتناسب مع المتغيرات العالمية في سير القضايا وإجراءاتها، إذ سيحل ملف إدارة الدعوى محل قلم كتاب المحكمة في عملية تهيئة الدعوى للنظر من قبل القضاة».

تويتر