أكد أن المخترع يحتاج إلى مستثمر «مجازف» يتبنّى ابتكاراته

«مجان» يطالب بمراكز لصقـل عقول الأطفال الموهوبين

صورة

طالب المخترع الإماراتي، المهندس أحمد مجان، الشهير بـ«إديسون الإمارات»، ببناء مراكز خاصة لصقل عقول الأطفال الموهوبين من سبع إلى 10 سنوات، لتعليمهم كيف يتمكنون من صنع ابتكاراتهم، مشيرا إلى أنه يمكن تدريب 100 طالب، ومن ثم الحصول على 60 مخترعاً متميزاً من بينهم.

وأوضح في محاضرة له في الجامعة الأميركية بالشارقة، نظمها «مهندسون بلا حدود»، أول من أمس، أن المخترعين الإماراتيين ينقصهم «المستثمر المجازف»، المستعد لتبني المشروعات وتمويلها، وبالتالي مساعدة الدولة، لافتاً إلى أن المخترع يجب أن يعمل وفق 11 قاعدة مهمة، ليتمكن من المضي في التفكير والابتكار، موضحاً أن أهم هذه القواعد معرفة المشكلة وإيجاد الحلول، إضافة إلى السؤال والمعرفة، وألا ينتقص المخترع من مقدرته.

 

مواصلة الابتكار

الاختراع الأول

تحدث المخترع الإماراتي، المهندس أحمد مجان، عن 15 اختراعاً من بين 1000 اختراع عمل على تطويرها خلال 42 عاماً، أهمها اختراعه الأول، الجهاز الأوتوماتيكي لتغذية الأسماك، طوره في 1983 أثناء دراسته في اليونان، والاختراع الآخر جهاز لمحاكاة الطيران، ابتكره عام 1985، استغرق العمل فيه عاماً ونصف العام، ليتم استخدامه في التدريبات العسكرية على الطيران.

وابتكار ساعة حائط بنظام يمنع السرقة، في 1988، شارحاً أن الساعة تعمل بكاميرا لتصوير السارق عند الوقوف أمامها، وتعمل الومضات على إخافة السارق، إضافة إلى صعقه كهربائياً عند لمسها، مضيفاً إذا تمكن السارق من اجتياز هذه العقبات وأخذ الساعة، فإنها موصولة بالهاتف، وفي حال أخذها تجري محادثة سريعة مع الشرطة، بشريط مسجل له «ساعدوني هناك من يحاول سرقة منزلي».

واخترع مجان خريطة إلكترونية لدبي في 1989، لتري السياح أين موقعهم عند اللمس، وأين يستطيعون الذهاب، موضحاً «لم نكن نملك خرائط إلكترونية في هواتفنا الذكية في ذلك الوقت، والسياح يحبون المشي أكثر من استخدام المواصلات العامة».

مسيرة حافلة بالابتكارات

وصلت اختراعات، المهندس أحمد مجان، الشهير بـ«إديسون الإمارات»، إلى 1000 ابتكار، أوصلته إلى تحقيق رقم قياسي في الاختراعات، ما ساعده على إنشاء شركات محلية ودولية وصل عددها إلى سبع شركات للخدمات، ويستفيد من عوائدها في تمويل ابتكاراته الجديدة.

وبدأ مجان حياته العملية مهندساً للطائرات في العام 1985، بعد حصوله على دبلوم هندسة الطيران، ودبلوم هندسة طيران من اليونان، ودبلوم في التخصص نفسه من ألمانيا، إضافة إلى ماجستير علوم عسكرية من ألمانيا، كما يتقن خمس لغات إلى جانب العربية، وحصل على جوائز وميداليات عدة، تكريماً لمسيرته الحافلة بالابتكارات.

وتفصيلاً، قال مجان، إن المخترع لديه 11 قاعدة يجب أن يعمل وفقها، ليتمكن من النجاح ومواصلة الابتكار، ولا يمكن للمخترع أن يبقى فترات طويلة في جمود، بل يجب أن يتحرك ويعمل ويفكر في إيجاد حلول متميزة.

وأضاف أن أولى القواعد معرفة المشكلة الأساسية التي يعانيها الآخرون، وإيجاد الحلول المناسبة التي يمكن أن يعمل عليها، والقاعدة الأخرى هي أن يكون في حاجة دائمة لحل المشكلات التي يواجهها، لا أن ينتظر من الآخرين حلها له.

وتابع أن المخترع لا يخجل من طرح الأسئلة والإلحاح في البحث عن المعلومات والاطلاع عليها، وبعد أن يجد المعرفة، يجب أن يعمل بهدوء وصبر، ولا يعلن عن عمله قبل أن ينجزه، حتى لا يأخذ غيره الفكرة التي يعمل عليها ويطورها قبله، ما يفقده الأولوية، موضحاً أن المخترع الفوضوي يقع في مشكلات عدة، وذكر قصة ابنته عندما كان يعمل على تطوير ساعة تعمل بالزنجبيل في عام 1986، وابتلعت الغراء الذي يستخدمه، وتسبب في التصاق فمها بالكامل، ما اضطره إلى أخذها إلى الطوارئ وعلاجها، مؤكداً «لو كان عملي منظماً في ذلك الوقت لما ابتلعت ابنتي الغراء».

وأشار مجان، إلى أن المعرفة لن تأتي من خلال السؤال، بل متابعة كل ما هو جديد، سواء الأخبار أو الاختراعات والعلوم الجديدة التي يتوصل لها العالم، والتقنيات الجديدة التي يصدرها، مشدداً على ضرورة أن يعرف المبتكر موقعه، ولا ينتقص من قدراته ومواهبه.

الرغبة في الابتكار

وأكد أنه يعمل دائماً على شعار «الحاجة أمّ الاختراع»، موضحاً أن الحاجة إلى الشيء تولد الرغبة في الابتكار واختراع ما يخدمه ويستفيد منه الآخرون، داعياً المخترعين إلى التعلم من الاختراعات التي يرونها، وكيف تم ابتكارها وتطويرها.

وأضاف أن المخترع لن يتمكن دائماً من الابتكار منذ البداية، أو أن يعمل بمفرده، ويجب عليه أن يبني على اختراعات الآخرين، فالتطوير في الاختراع يعني الابتكار، وتسهيل استخدامه، والقاعدة الأخيرة هي تخيل الاختراع، ومحاولة رؤية الناتج الأخير لأفكاره قبل البدء في العمل عليها، ومعرفة من يستخدم الاختراع، ومن سيستفيد منه، مضيفاً أن هذه الخطوة تساعد على الإبداع والمثابرة في العمل.

وذكر مجان أن هناك ثلاث نقاط، تعتبر مفتاح نجاح المخترع، هي: الحافز والدافع، والوقت، والتمويل، موضحاً أنه «من دون التمويل لن يتمكن المخترع من البدء في مشروعه، وإن كان يملك الدافع، أو الخيال اللازم للاختراع».

وأشار إلى أن المواطنين، خصوصاً الشباب، من الأذكى في العالم، ولديهم ابتكارات كثيرة، متابعاً «إلا أننا لا نستخدم عقولنا بشكل جيد، ونريد أن نأخذ كل شيء جاهز، ولا نتعب في صنعه».

 

تمويل الابتكارات

وأضاف أن الشباب في حاجة إلى الدافعية للعمل والابتكار، و«يحتاجون إلى حث دائم لإطلاق قدراتهم في العمل، وابتكار اختراعات جديدة تذهل العالم»، لافتاً إلى أن المخترع الإماراتي ينقصه «المستثمر المجازف» لتمويل مشروعاته واختراعاته، إذ إن المخترع إذا حصل على المال الكافي لإنتاج اختراعه بشكل مرضٍ، يستطيع أن يبتكر بشكل أفضل.

وشدد مجان على ضرورة إنشاء مراكز خاصة لتعليم وصقل مهارات الأطفال، بحيث يرتادون المراكز بعد المدرسة ليتعلموا أهمية الاختراعات، وكيف يحولون أفكارهم إلى ابتكارات، مضيفاً أن المراكز ستركز على الموهوبين من الأطفال، الذين لديهم الحافز على التعلم والابتكار.

وأضاف أن المراكز إن استطاعت تدريب 100 طالب على الأقل، من الذين تراوح أعمارهم بين السابعة والـ10، تستطيع الدولة الحصول على 60 مخترعاً متميزاً ومفكراً يمكن أن يساعد على تطوير العمل.

وأوضح أن الاختراعات الحالية في حاجة إلى متحف متكامل لعرضها، سواء كانت اختراعات الأطفال أو الطلبة، مضيفاً أن المتحف سيوثّق اختراعاتهم، ليضمن حقوق المخترعين في أولوية الوصول إلى الابتكار، قبل أن تأخذها الشركات وتطور فيها بنسبة قليلة وتنسبها لنفسها.

وشرح مجان أنه وصل إلى هذه المرحلة من الاختراعات والابتكار بفضل والده «المخترع»، وصاحب أول ورشة عمل في الدولة، موضحاً أن والده طوّر العديد من الاختراعات في فترة من أربعينات إلى ستينات القرن الماضي، منها جهاز لضخ الطلاء، ليتمكن من طلاء السيارات، وجهاز لمنع سرقة السيارات بصعق السارق كهربائياً عند ملامسة السيارة.

وأوضح أن تمكن من المضي في أفكاره واختراعاته، لأن والده كان المثال والقدوة على الإنتاج وصنع الأشياء الجديدة التي تساعد الآخرين وفق احتياجاتهم، مضيفاً «منذ كنت في الـ10 وأنا دائماً أتساءل كيف تعمل الأشياء، وكنت أراقب والدي في العمل لأتعلم منه».

تويتر