5 أخطاء أسـرية تــؤدي إلــى انحراف الأبناء لعالم الجريمة
حذر مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المقدم الدكتور صلاح الغول، من خمسة أخطاء تربوية، وقوع الأسر يفتح الباب أمام أطفالها لدخول عالم الإجرام بمستوياته البسيطة والمتقدمة، وهي: القسوة الزائدة، والتدليل المفرط، والإهمال والتذبذب في المعاملة، فضلا عن حصر مفهوم التربية برعاية الجسد دون مراعاة العقل والعاطفة.
المحطة الأولى قدم مكتب ثقافة احترام القانون، بالأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، محاضرة توعوية لطلاب المدرسة التطبيقية الفنية للبنين في أبوظبي لتعريفهم بمفهوم ثقافة احترام القانون؛ وانعكاسه على فهم معنى الحقوق والالتزامات لكل فرد أينما وجد . وقدم المحاضرة النقيب عبدالله الدهماني، شارحاً معنى القاعدة القانونية القاضية (بأنه لا عذر في الجهل بالقانون) التي أعطت الدولة الأسبقية والريادة في تثقيف من لم ينالوا قسطاً كافياً من التعليم والثقافة بتبسيط القوانين وشرحها لمختلف فئات وشرائح المجتمع بلغاتهم المختلفة. |
وأكد الغول، أن «هذه الأخطاء تؤدي إلى ضعف شخصية الطفل وتجعله فريسة سهلة للاعتداءات اللاأخلاقية، فضلا عن أنها تخلق اضطرابات سلوكية توجهه إلى المسار الخاطئ الذي لا يحقق سوى النتائج السلبية على الطفل والمجتمع».
وأضاف:« الطفل الذي يتعرض للقسوة الزائدة، هو الذي يمارس تمرداً دائماً ضد أي سلطة بكسر وانتهاك القوانين التي تضعها، كما يعكس العنف والعدوانية التي مورست عليه بتطبيقها على الآخرين الذين يتعامل معهم في أي مكان آخر».
وأشار إلى أن «مكتب ثقافة القانون أطلق برنامجاً للتربية القانونية يسلط الضوء على الدور الذي تلعبه الأسرة في تحضير الفرد لممارسة دوره الافتراضي الذي تنظمه القوانين المكتوبة وغير المكتوبة في المجتمع بشكل سلبي أو إيجابي، من خلال اعتبار البيت صورة مصغرة للمجتمع بكل مكوناته ومضامينه النفسية والاجتماعية، حيث تمارس الأسرة دوراً تأهيلياً وتحضيرياً للفرد، يتمكن من خلاله دخول مجتمعه متسلحاً بمهارات التعامل الذكي مع الآخرين، وممارسة حقوقه والقيام بواجباته القانونية بالشكل الصحيح».
وتابع أن «الدور الأسري قد ينقلب في بعض الأحيان، ليؤهل الفرد للممارسة سلوكيات مضادة تجاه المجتمع، بحيث يصبح أداة لهدم النظام المجتمعي وليس بناءه وتعزيز تلاحمه».
وذكر أن «معظم الأسر تكتفي بممارسة الدور الفطري أو الغريزي الذي يمكنها من رعاية أطفالها في حدود الحد الأدنى للرعاية، التي تحصر مفهوم التربية برعاية الجسد من دون مراعاة العقل والعاطفة اللذين يحددان النمو النفسي للطفل، ويؤثر بشكل هائل في سلوكه تجاه نفسه والآخرين».
وقال إن «الدراسات أثبتت أن الاكتفاء بهذا الدور البسيط لا يوفر للطفل الرعاية والحماية الكافية في عصر زادت فيه المخاطر الفكرية التي تعصف بأذهان أبنائنا في عقر دارنا، إذ لم تعد المخاطر محصورة في التأثر البسيط بالسلوكيات السلبية لأبناء الجيران أو المشاجرات البسيطة مع الأصدقاء، بل تجاوزتها لتخترق ذهن الطفل وتصدمه بأخطر الممارسات، بحيث أصبحت التربية العلمية المستندة إلى أصول واضحة ضرورة حتمية لا خيار فردي للأسرة، بحيث يقوم الآباء من خلالها بإنشاء أسس راسخة في نفس الطفل تربطه بهم بصلة إيجابية وثيقة تحميه من كل خطر يسعى إلى هدم هذه الأسس القوية التي يزرعها المربون في نفسه».
ولفت إلى أن «قلة المعرفة العلمية تقود الآباء إلى ارتكاب مجموعة من الأخطاء التربوية التي توصل أحياناً إلى نتائج سلبية على الطفل والأسرة، أو تبقي عليه في دائرة الخطر الدائم القريب من عالم الانحراف والجريمة، وتتمثل أهم هذه الأخطاء في القسوة الزائدة والتدليل المفرط، أو الإهمال والتذبذب في المعاملة، والاكتفاء، فضلا عن حصر مفهوم التربية برعاية الجسد دون مراعاة العقل والعاطفة».
من جانبها، قالت الباحثة في مكتب ثقافة احترام القانون، ميلان شريف، إن برنامج الثقافة القانونية سعى إلى التركيز على الجانب الثقافي لكلمة القانون، فمن المعروف أنه لا يوجد مجتمع من دون قانون، كما لا يوجد قانون من دون مجتمع، فالقانون لا يعتبر غاية بحد ذاته، إنما وسيلة لتحقيق غاية عليا، هي حفظ المجتمع وتنظيمه وتحقيق استقراره من خلال تنظيم سلوك الإنسان في هذه المجتمعات، ومن خلال القانون نستطيع أيضاً أن نحدد مدى التطور والتحضر الذي تصل إليه أي دولة بصفته المرآة التي تعكس الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية لكل مجتمع».
وأشارت إلى أن «البرنامج يسعى لإعادة الصلة بين علم القانون وبعض العلوم الاجتماعية الأخرى، التي ترتبط به بصلة تاريخية وثيقة كعلم الاجتماع والنفس والأخلاق، حيث يعتقد العديد من الأفراد أن القانون مجرد اختصاص أكاديمي، يختص به دارسو القانون ويمارسه المحامون والقضاة في ساحات المحاكم فقط، رغم أنه فرع أساسي من العلوم الإنسانية التي تتصل بحياة الفرد، وتتعلق بسلوكه اليومي، سواء وعي لهذا الأمر أم لم يعِه، فالقانون ينظم حياة الإنسان منذ لحظة ميلاده إلى حين وفاته، وفي كل يوم يطبق الفرد العديد من القوانين من دون ملاحظته لذلك الأمر، كما أنه قد يخالف العديد من القوانين دون قصد أو إدراك منه أيضاً ويتحمل تبعات ذلك الأمر».
ولفتت شريف إلى أن «برنامج التربية القانونية قمنا بتسليط الضوء على الدور الذي يلعبه البيت في تحضير الفرد لممارسة دوره في المجتمع بشكل إيجابي، من خلال احتوائها على كافة مضامين ومكونات المجتمع الافتراضية من سلطة وقانون وأفراد، كما أن عدم وجود قوانين واضحة وثابتة تضعها الأسرة لضبط سلوك أبنائها مع لائحة عقوبات لمخالفيها يخلق نوعاً من عدم الاحترام لأي قانون يواجهه الطفل في مدرسته، أو في الطرق التي يمر بها أثناء تنقلاته، أو في مكان عمله في المستقبل، أما احترام الآخرين من زملاء الدراسة أو العمل أوالاصدقاء المقربين فهو مفهوم يتبلور في ذهن الطفل من خلال حدود علاقاته مع الآخرين في منزله، وهم الأخوة أو الخدم أو أقارب العائلة».
وبينت شريف أن «الطفل المدلل الذي تستجيب الأسرة لكل رغباته، ولا تطبق عليه أي أنظمة أوتعليمات لضبط السلوك، فهو في الواقع طفل محروم من المهارات الأساسية للذكاء الاجتماعي التي تؤهله للتعامل مع الآخرين بطريقة مسؤولة وإيجابية وتطور لديه آليات خلق الصداقات والعلاقات الفردية الناجحة، وسبل مواجهة المشاكل وحلها بطريقة ايجابية، فينشأ إنساناً هشاً متمركزاً حول ذاته، ولا يتمتع بأي قدرة لتحمل مسؤوليات وأعباء الحياة المختلفة»، مضيفة: «يولد الإهمال أو التذبذب في المعاملة شخصيات غير سوية، لا تعرف معنى النظام والانضباط في المدرسة، أو في العمل و العلاقات الشخصية، ما يستوجب حصول الأطفال على الفرص الملائمة لتهيئتهم لاحترام قواعد النظام الاجتماعي الثابتة.
وأوضحت شريف أن « الطفل العنيف أو العدواني الذي يعيد ممارسة ما وقع عليه من عنف، أو الذي لم يتعلم مهارة ضبط النفس نتيجة التدليل أو الحماية، يكون مهيأ للانحراف، أو الاعتداء على الآخرين، كما يمتلك نزعة قوية لانتهاك القوانين والأنظمة العامة».
وأشارت إلى أن «ضمن فعاليات البرنامج، تم تثقيف كافة منتسبات شرطة العين وشرطة دبي وجزء كبير من منتسبات شرطة أبوظبي، وسيواصل البرنامج محاضراته للمناطق الأخرى بعد شهر رمضان، وقد شمل البرنامج نحو 2500 منتسبة».
و ذكرت شريف أن «البرنامج شمل نماذج من العقوبات التي قررها القانون للجرائم، التي لا يعتقد الأهل أن طريقة تعاملهم الخاطئ مع أطفالهم قد توصلهم إلى هذه النتيجة التي لم يفكروا يوماً في إمكانية حدوثها لأبنائهم، حيث تصل عقوبة الإيذاء إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات، بينما تصل عقوبة الإيذاء المؤدي إلى عاهة مستديمة إلى السجن لمدة عشر سنوات، كما تراوح عقوبة السب العلني بين الحبس من شهر إلى سنة، وتتدرج عقوبة الجرائم الجنسية من الإعدام لجريمة الاغتصاب إلى السجن من ثلاث سنوات إلى 15 سنة لجريمة هتك العرض بالإكراه، كما يتعرض حائز المخدرات إلى عقوبة تراوح بين السجن من 10 إلى 15 سنة، بينما يعدّ مجرد التواجد في مكان مُعدّ للتعاطي جريمة تعرض الشخص لعقوبة تصل الى الحبس لمدة سنة».