توقعات بأن تنتهي موجة ارتفاع أسعار الإيجارات مع زيادة أعداد الوحدات المعروضة. تصوير إريك أرازاس

جهات عمل في أبوظبي تعدّل عقود موظفيها لإلغاء بند «توفير السكن»

أكّد أصحاب عمل ومسؤولو موارد بشرية في جهات عمل حكومية وخاصة، لـ«الإمارات اليوم»، أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعاً كبيراً في قيمة الإيجارات في أغلب المناطق داخل مدينة أبوظبي وخارجها، ما أدى إلى زيادة مخصصات السكن، التي توفرها مؤسسات حكومية وخاصة لبعض موظفيها، ممن ترتبط معهم بعقود ملزمة، كما أدت الزيادات الإيجارية إلى مشكلات مع موظفين يحصلون على بدل سكن نقدي، أصبح لا يفي بمتطلبات السكن، فيما تعمل جهات أخرى على تعديل عقود موظفيها، لإلغاء أو تعديل بند توفير السكن.

من جانبها، قالت وزارة العمل، إن المنشآت الخاصة التي تلتزم بتوفير مساكن لموظفيها بموجب عقود العمل المبرمة بين الطرفين، ستكون مخلّة بهذه العقود وتقع تحت طائلة قانون تنظيم علاقات العمل الاتحادي رقم 8 لسنة 1980، إذا سحبت أياً من المزايا والمنح التي تمنح للعامل بشكل دوري بحسب العقد، وأضافت أن إلغاء أي من المزايا التي يحصل عليها العامل من دون موافقته يعتبر باطلاً، وفي حال أبدى طرفا علاقة العمل رغبة في تغيير بند السكن في عقد العمل، ينبغي أن يتم ذلك في وزارة العمل، وبحضور العامل صاحب المصلحة، للتأكد من موافقته.

حوافز وظيفية

أفادت خبيرة الموارد البشرية أمل سعد، بأن «بدلات السكن تعدّ من أهم الحوافز الوظيفية التي توفرها سوق العمل بالدولة للعمال، وهي إحدى المزايا التي تجعل السوق الإماراتية سوقاً تنافسية على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».

وتفصيلاً، قالت مسؤولة الموارد البشرية في مؤسسة أبحاث حكومية في أبوظبي، فضلت عدم ذكر اسمها، إن المؤسسة توفّر سكناً لنحو 25 فرداً من موظفيها، الذين يعملون في وظائف قيادية واستشارية متخصصة، وتتكلف نحو ثلاثة ملايين درهم سنوياً، تدفعها المؤسسة بشكل مباشر إلى ملاك الوحدات السكنية، بخلاف بدلات السكن التي يتم دفعها لبقية الموظفين، والتي تعتبر جزءاً من مفردات الراتب إلى جانب بدل المواصلات، إلا أنه لوحظ في الفترة الأخيرة، أن أغلب الوحدات السكنية التي توفرها المؤسسة تم رفع إيجارها بأكثر من النسبة المعتادة، وهي 5%، وهو ما من شأنه أن يرفع التكاليف التي تتكبدها المؤسسة لأكثر من 30%، خصوصاً أن أغلب هذه الوحدات يوجد في بنايات جديدة داخل مدينة أبوظبي. وقالت إنه تمت مناقشة الموضوع بين مسؤولي الإدارة، وتم التوصل إلى قرار بعدم تجديد عقود العمل بالبنود الخاصة بالسكن نفسها، وهو ما من شأنه أن يطرد بعض الكفاءات، وتتوجه للعمل في جهات أخرى.

وقال مدير عام شركة متخصصة في الخدمات الإعلامية والدعائية، محمد الصاوي، إن موظفين متخصصين يشترطون توفير السكن كحافز أساسي أهم من أي مميزات أخرى، نظراً لارتفاع الإيجارات داخل الدولة، مشيراً إلى أن كثيراً من الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث ومؤسسات التأهيل وشركات البترول، توفر لموظفيها وحدات سكنية تستأجرها منذ سنوات بأسعار مناسبة، إلا أن إلغاء نسبة الزيادة السنوية في الإيجارات، الذي تم إقراره منذ أشهر عدة، أدى بهذه الجهات إلى التخلي عن كثير من الوحدات التي تستأجرها، نظراً لزيادة كلف تشغيلها بشكل مبالغ به.

وهو ما أكده أستاذ الجراحة، مدير مركز طبي، الدكتور محمد الصاوي، الذي أكد أن المركز يوفر وحدات سكنية لنحو 14 طبيباً، بما يتجاوز مليون درهم سنوياً، إلا أن هذا المبلغ زاد خلال الشهور الماضية إلى نحو الضعف، وهو ما أدى إلى وجود مشكلات بين العاملين في المركز والإدارة، التي لا تستطيع الإبقاء على هذه الوحدات بأسعار الإيجارات الجديدة، وضرب مثالاً بأن المركز الطبي يستأجر ثلاث شقق في البناية نفسها التي يقع فيها المركز، وجميعها مكونة من ثلاث غرف وصالة وثلاثة حمامات، وكان إيجارها السنوي قبل الزيادة 80 ألف درهم، إلا أنها زادت أخيراً، لتصل إلى 130 ألف درهم سنوياً، وبالتالي لا يجوز أن يحصل طبيب واحد لديه أسرة صغيرة على شقة بهذا الحجم.

فيما قال الطبيب وجيه المليحي، إن جهة عمله حاولت مساومته على تغيير شقته التي توفرها له بإيجار سنوي 90 ألف درهم، إلى شقة جديدة داخل فيلا لا تتجاوز مساحتها نصف مساحة الشقة التي يسكنها حالياً، وبعد مفاوضات متواصلة بين الطرفين، تم التوصل إلى اتفاق يتحمّل بمقتضاه زيادة الإيجار التي تم فرضها، وذلك حتى لا يعرض الأسرة إلى التشتت أثناء نقل السكن من مكان لآخر.

وقال طلال الحمد، باحث إحصائي، إن المركز الذي يعمل فيه قام بتغيير عقود العمل مع الباحثين كافة، تم بمقتضاه تغيير البنود الخاصة بتوفير السكن إلى توفير بدل السكن، وتم تحديد هذا البدل بالقيمة نفسها التي كان يتم دفعها كإيجارات قديمة، وعندما أبدى بعض الموظفين رفضهم، تم تهديدهم بإنهاء الخدمات، كما قام بعض الموظفين بتحمل فارق الإيجار من مالهم الخاص، على الرغم من أن عقودهم تنص على تحمل جهة العمل تكاليف السكن كافة، إلى جانب بدل أثاث كل عامين قيمته 20 ألف درهم.

من جهتها، أفادت خبيرة الموارد البشرية أمل سعد، بأن الأغلبية العظمى من جهات العمل، سواء في القطاع الحكومي أو شبه الحكومي أو الخاص، توفر بدلات سكن ومواصلات لموظفيها، بينما تقوم بعض الجهات بتوفير وحدات سكنية مؤثثة، وهي نسبة ضئيلة من جهات العمل، قد لا تتجاوز 5% من إجمالي المنشآت الخاصة والحكومية، كما أن هذه الجهات توفر الوحدات السكنية لكبار موظفيها، بسبب خبراتهم ومؤهلاتهم النادرة، خصوصاً في القطاع الطبي والأكاديمي والهندسي والتقني، بالإضافة إلى بعض الموظفين في المستويات الوظيفية العليا.

وأوضحت أن نسبة الزيادة في الإيجارات ستتحملها جهات العمل، لكي تحافظ على موظفيها أصحاب الكفاءات، إلا أن نسبة منها بدأت بالفعل في تغيير عقود العمل أو إنهاء عقود أخرى، بسبب زيادة الأعباء المالية على المنشأة، وتوقعت أمل سعد، أن تنتهي موجة ارتفاع أسعار الإيجارات في الفترة المقبلة، مع زيادة أعداد الوحدات المعروضة، واتساع المدن خارج أبوظبي.

الأكثر مشاركة