«جميلات» يتسوّلن بطرق أبواب المنازل ليلاً
رصد سكان في مدينة أبوظبي، تزايد عدد المتسولين وتنوع طرق التسول في الشوارع وأمام المراكز التجارية، لافتين إلى أن هذه الظاهرة وصلت إلى فتيات يتمتعن بقدر كبير من الجمال، يطرقن أبواب المنازل ليلاً لطلب المساعدة المالية لأسباب مختلفة.
في المقابل، أكدت وزارة الداخلية أن جميع المضبوطين في جرائم التسول يشتركون في عدم حاجتهم الحقيقية إلى التسوّل، وأنهم يمتهنون هذا السلوك مستغلين كرم وتسامح المجتمع الإماراتي، وضيوفه من المقيمين والزائرين، داعية أفراد الجمهور، إلى الإبلاغ عن المتسولين في أنحاء الدولة كافة، مشدّدة على أن مكافحة التسول واجب أخلاقي نحو مجتمع أرقى.
التسوّل آفة غير حضارية أطلقت وزارة الداخلية، أخيراً، حملة «لا للتسوّل»، للتوعية بمخاطر التعامل مع المتسولين، باعتبار التسوّل من الآفات غير الحضارية ومصدراً للإزعاج، ويفتح مجالاً لصور التحايل والنصب للحصول على المال من الناس المتعاطفين مع هؤلاء المتسولين، كما يعطي انطباعاً يسيء إلى الوجه الحضاري للدولة. وأكدت في إطار الحملة، التي تنفذها إدارة الإعلام الأمني، بالأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أن الجهود لا يمكن أن تؤتي ثمارها بشكل فعال إلا عبر المشاركة المجتمعية، ويتحمل فيها الجمهور واجباته، باعتباره خط الدفاع الأول في مواجهة ومكافحة الآفة. وحذرت من أساليب المتسوّلين الاحتيالية، فهناك من يقومون بحمل أوراق طبية مدعين إصابتهم، أو أقربائهم، بالأمراض، يعرضونها على الناس في المنازل ليستدرّوا بها عطفهم، ومنهم من يدّعي أنه انقطع به السبيل، وبعضهم يمارس التسوّل أثناء تجواله في الطرقات وبالقرب من المساجد، ومنهم من يدخل إلى المساكن، وقد يرتكبون جرائم السرقات تحت غطاء التسوّل وغيرها من السلوكيات السلبية. |
وتفصيلاً، قال أبوسالم، إنه تعرض لوسائل جديدة للتسول، موضحاً أنه يسكن في الدور العاشر بإحدى البنايات، وفوجئ بفتاة عربية صغيرة في السن، على قدر كبير من الجمال، تطرق باب منزله ليلاً، لتطلب منه مساعدة مالية بدعوى أن زوجها متوفى وتعيل ثلاثة أطفال، ولا تقوى على تلبية احتياجاتهم.
وقال إن هذه الظاهرة جديدة وشديدة الخطورة، لأنها قد تهدد الأمن الشخصي للناس في منازلهم، كما أن عدم مواجهتها في مهدها قد يتسبب في انتشارها، لنجد بعد ذلك المتسولين يتراصون أمام المنازل.
وروى زياد الشامي، قصة مشابهة قائلاً: «هناك متسولات على قدر كبير من الجمال يجبن الشوارع ويحملن أوراقاً من أطباء ومستشفيات تؤكد أنهن يعانين أمراضاً، ولا يستطعن توفير العلاج»، مشيراً إلى أنه فوجئ في أحد الأيام بمتسولة وصفها بـ«جميلة جداً» تدق باب شقته، وتطلب مساعدة مالية وتحمل ورقة تثبت أنها مريضة وفي حاجة إلى علاج، وأنها في حاجة إلى اجراء عملية جراحية مختومة من إحدى المؤسسات الطبية.
وأكد هيثم سليمان «سوري»، أنه أثناء سيره في شارع المطار استوقفه شخص عربي مهندم الملبس، كان يحمل في يده جواز سفر، وفي الأخرى مبلغاً مالياً، وقال له إن إقامته انتهت في الدولة، ويرغب في العودة إلى بلده لكنه يحتاج إلى مبلغ مالي لاستكمال ثمن تذكرة السفر. وقال سليمان: «في الحقيقة انخدعت في مظهر هذا الشخص ودفعت له المال، لكن بعد يومين تصادف مروري من الشارع نفسه بالسيارة فوجدته واقفاً يحمل أدوات تسوّله، جواز السفر وحفنة من المال، ليستعطف بها المارة ليجني من ورائهم المزيد من الأموال».
وقال المواطن أبوحمد: «كلما سرت في أحد الشوارع المجاورة لمول الوحدة، في أوقات مختلفة، أجد أحد الأشخاص يكشف عن إصابة في جسده، ويطلب من الناس مبلغاً مالياً للعلاج، لدرجة أنهم باتوا من سمات هذه المنطقة التي يتنقلون في محيطها لكثرة وتنوع المترددين عليها»، مؤكداً أن هذه الظاهرة باتت تؤثر بشكل كبير في المظهر الحضاري للدولة.
وأشار عمرو عبدالله، مصري، إلى تزايد أعداد المتسولين أمام المستشفيات والمراكز الطبية في أبوظبي، موضحاً أنهم استحدثوا أسلوباً جديداً لاستعطاف الناس والحصول على مبالغ مالية منهم.
وقال: «أمام أحد المستشفيات في شارع خليفة، استوقفني شخص كبير في السن يصطحب أسرته (زوجة وثلاثة أطفال)، زعم أنه سوري الجنسية ولا يملك مالاً وطلب مني مساعدته بمبلغ لعلاج أحد أبنائه في الطوارئ، فوافقت على الفور، لكني اشترطت أن أدخل معه المستشفى لأسدد له تكاليف العلاج، لكنه تردد، ثم شكرني وانسحب هو ومن معه».
وأوضح محمد الرشيدي، أنه أثناء جلوسه وأصدقائه في أحد المقاهي، إذا بطفل صغير لا يتجاوز 11 عاماً يربت على كتفيه، قائلاً: «الله يخليك ممكن تعطيني خمسة دراهم بدي اشتري شيء آكله».
وقال الرشيدي:« أحزنتني لهجة الطفل، لكن ذلك دفعني إلى سؤاله لماذا لا يعطيك والدك مصروفاً لشراء أكل، فرد الطفل بأنه كل ما يطلب من والده نقوداً يقول له ما في مصاري».
وأضاف: «حينما سألت الطفل ماذا يعمل والدك؟ فرد بأنه لا يعمل، فحزنت كثيراً على هذا الطفل وأعطيته نقوداً، وبعد ذهابه جاء (الجرسون) ليخبرني بألا أعطي أي طفل مالاً، لأنهم يأتون مراراً إلى الجالسين في المقاهي ويتسولون للحصول على المال، بقصص وهمية».
وأفاد (محمد.ج) بأنه فوجئ بطرق على باب بيته ليلاً وفوجئ بفتاة صغيرة جميلة تزعم أنها حضرت إلى الدولة للعمل ونفدت نقودها وفشلت في العثور على فرصة عمل، وترغب في العودة إلى بلدها ولا تملك ثمن تذكرة الطيران، وأمام المفاجأة منحها مبلغاً كبيراً.
وأضاف أنه في اليوم التالي روى ما حدث لصديقه فأكد له أنها محتالة تجوب المنازل للتسوّل والاحتيال برويات مختلقة، لأن السفارات المختلفة تتولى مثل تلك الحالات.
من جهتها، أكدت وزارة الداخلية أن التسول ظاهرة سلبية خطرة من شأنها أن تهدد أمن المجتمع وسلامته، مشيرة إلى أن الهيئات الخيرية المعتمدة في الدولة، تمد يد العون إلى كل محتاج، وأبوابها مفتوحة دوماً.
ولفتت إلى أن التسول، أصبح حرفة لها خبراؤها وممثلوها، محذرة الأفراد من السقوط في شباكهم، معتبرة أن التسول مثل السرقة والغش، فهي جرائم لكسب المال بغير وجه حق.
ونصحت الأفراد بعدم المساهمة في انتشار التسوّل، فإعطاء الصدقة لهم يشجع غيرهم، معتبرة أن المتسولين محتالون في ثياب محتاجين، يحرمون الفقراء عطايا المحسنين.