«العدل» تدرس عدم السماح للمحامي الجديد بممارسة العمل لفترة معينة إلا من خلال مكتب محامٍ مشتغل لا تقل خبرته عن 5 سنوات. تصوير: أشوك فيرما

«العدل» تدرس «مخرجاً قانونياً» يخوّلها الكشف عن مكاتب المحاماة المؤجرة

اعتبرت جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين تأجير مكاتب المحاماة لآخرين مقابل مبالغ مالية «متاجرة بالمهنة»، مؤكدة أنها بصدد تشكيل لجنة «محاربة الإساءة للمهنة» للتصدي لتلك التصرفات، فيما كشفت وزارة العدل أنها تدرس حالياً وضع ضوابط ومعايير لمكاتب المحاماة، تخول لها التفتيش عليها من خلال المعنيين، لمعرفة المكاتب المؤجرة من غيرها، كونها لا تجري حالياً جولات تفتيشية على المكاتب، طبقاً للمادة 44 من قانون مزاولة المهنة الذي ينص على أنه «لا يجوز التفتيش على تلك المكاتب إلا بمعرفة النيابة العامة».

تغليظ عقوبة

غلظت محكمة الاستئناف، أخيراً، حكم محكمة أول درجة، القاضي بحبس مستشار قانوني من جنسية دولة عربية لمدة ثلاثة أشهر، وقضت بحبسه لمدة عام، وأمرت بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة العقوبة، لإدانته بتزوير ختم وكيل نيابة عامة، وختم إدارة خدمات القضايا، لإصدار أمر بـ«إلغاء القبض» وأمر بـ«إلغاء عقوبة حبس»، وإصدار أمر إفراج، وإلغاء أمر بالإبعاد.

«العدل»: لا يمكن التحرك ضد المخالفين إلا بشكوى رسمية

قالت مديرة إدارة شؤون المحامين والمترجمين في وزارة العدل، المستشارة سارة هزيم الشامسي، إنه في حال اكتشفت الوزارة قيام بعض المحامين بتأجير مكاتبهم فإنه لا يمكنها القيام بأي إجراء إلا من خلال شكوى رسمية مقيدة بشأن واقعة التأجير، حتى يتسنى للوزارة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة التي نص عليها القانون، والتحقق من ذلك من خلال لجنة قبول المحامين المختصة بنظر الشكاوى المحالة إليها، والإحالة إلى مجلس التأديب للتحقق من وقوع المخالفة، التي تتعارض مع القانون رقم 23 لسنة 1991 في شأن تنظيم مهنة المحاماة، ويطبق عليها العقوبات التأديبية طبقاً لنص المادة 47 من القانون رقم 23 لسنة 1991.

وأوضحت أن هناك قائمة «المخالفين»، التي تضم أسماء المحامين الذين أحيلوا إلى مجلس التأديب، ويتضمن العقوبات التي وقعت عليهم، وذلك لرصد المخالفات الواقعة من كل محام، وقياس مدى التزام المحامي واحترامه لقانون تنظيم المهنة، واتخاذ الإجراءات القانونية في حالة تكرار المخالفة.

وتابعت أنه انطلاقاً من استراتيجية الوزارة للأعوام 2014-2016 وسعياً إلى تحقيق الريادة في العدالة والارتقاء بمهنة المحاماة في ظل السياسة التطويرية وفق أفضل الممارسات العالمية، فإنها بصدد دراسة عدد من المقترحات والقوانين في مجال تطوير مهنة المحاماة في الدولة، وتطبيق معايير وشروط ترخيص مكاتب المحاماة وقيد المحامين، ووضع ضوابط وشروط لترخيص المستشارين والباحثين القانونيين بمكاتب المحاماة، وتطوير آليات وأطر الرقابة على مزاولي المهنة للارتقاء بمستوى مهنة المحاماة، واحترام ميثاق أخلاقيات المهنة. وقالت إن للوزارة دوراً مهماً وريادياً دائماً يدخل ضمن رؤيتها، تحقيقاً للعدالة وتقديم خدمات قانونية مميزة، والارتقاء بمهنة المحاماة في ظل السياسة التطويرية وفق أفضل الممارسات العالمية، ما يدفعها إلى تطبيق الأفضل دائماً.

وتابعت أن المعهد القضائي هو المختص بخطة التدريب القانونية، بحيث يلتزم التزاماً جاداً بنشر الثقافة القانونية في المجتمع عن طريق عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل التخصصية، مبينة أن المعهد يسعى إلى الوصول برسالته إلى عامة الجمهور، لأنها نابعة من القيم والمسؤوليات التي أسس من أجلها والمستمدة من خطته الاستراتيجية 2015، من ضرورة رفع الوعي العام بالحقوق والواجبات.

وقال محامون، إن هذه التصرفات تعد إساءة للمهنة، ولها آثار سلبية على المتقاضين وسير العدالة، مضيفين أن من يستأجر تلك المكاتب بالتأكيد لن تهمه سمعة المهنة، وهدفه تحقيق مردود مالي بأي وسيلة، مقترحين وضع قوائم ما سموه «المحامي النائم».

وتفصيلاً، قال رئيس جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، المحامي زايد الشامسي، إن «كثيراً من القضايا وردت إلى الجمعية تورط فيها محامون مواطنون، بعد أن أجّروا مكاتبهم لوافدين، وجمعوا باسم المكتب كثيراً من الأموال من موكلين ثم غادروا الدولة»، مؤكداً أن «الجمعية رغم عدم امتلاكها أدوات لمواجهة مثل تلك الممارسات، فإنها تعمل على التصدي لها من خلال توعية المحامين، وتنسق مع الجهات ذات العلاقة لإيجاد أدوات أكثر صرامة للتعامل مع هذه الممارسات».

وكشف أن الجمعية بصدد الإعلان عن لجنة «محاربة الإساءة للمهنة»، تهدف إلى تعزيز السلوك بين المحامين، ومحاربة تأجير المكاتب، وتدريب المحامين على تقديم خدمة أفضل للموكلين، مؤيداً وضع قوائم تضم أسماء المحامين الذين لا يتابعون قضايا موكليهم ويتاجرون بالمهنة بطريقة أو بأخرى.

ونصح الشامسي، الموكلين بألا ينظروا فقط إلى الكلفة المالية، إنما يجب أن ينظروا أيضاً إلى تاريخ المحامي.

من جانبه، أطلق المحامي علي مصبح، على من يؤجر مكتبه لآخر من الباطن بـ«المحامي النائم» (على غرار الكفيل النائم)، مؤكداً أن هؤلاء يتحملون مسؤولية تلك التصرفات التي تسيء لمهنة المحاماة، من خلال تأجير مكاتبهم لأشخاص لا يهمهم سمعة المهنة أو سمعة المكتب بقدر ما يهمهم زيادة المردود المالي والربح.

وتساءل عن دور وزارة العدل في الرقابة على تلك المكاتب وأصحابها من المحامين، الذين يفترض حضورهم جلسات المحكمة لحصولهم على تراخيص من الوزارة لمكاتبهم، مطالباً بتكاتف جميع المحامين الغيورين على سمعة مهنتهم، وتشكيل لجان مشتركة مع وزارة العدل وجمعية الإمارات للمحامين والقانونيين لمتابعة مثل هذه الظاهرة والإبلاغ عنها، واتخاذ الإجراءات الرادعة، كسحب تصاريح تلك المكاتب وإيقافها.

كما اقترح أن تتعاون الوزارة والجمعية في وضع قوائم تشمل المحامين الذين يثبت تأجيرهم لمكاتبهم ولا يحضرون قضايا موكليهم، وإبراز تلك القوائم في مختلف محاكم الدولة، مبيناً أن هذه الفكرة يمكن تطبيقها أيضاً من خلال وضع نظام في المحاكم المختلفة بالدولة، تمكن أي شخص من الاستفسار عن اسم أي محام، ومدى التزامه بحضور جلسات موكليه، ويستثنى من ذلك المحامون الذين يتابعون قضايا موكليهم في الإمارات الأخرى، ويضطرون إلى ندب محامين عنهم لمتابعة القضايا.

وأكد مصبح، أن كتبة المحامين أو المندوبين معروفون ويمكن تمييزهم بسهولة، وهم قسمان: أحدهما يتابع عمله الموكل إليه من قبل مكتب المحامي الذي يعمل به، وهؤلاء يحظون باحترام المحامين، والآخر يعمل في مكتب محام نائم، وهؤلاء يفضل معظم المحامين عدم التعامل معهم.

وشدد على ظاهرة كتبة المحامين الذين يرتدون زي المواطنين، ويقفون أمام المحاكم لاصطياد موكليهم، مشدداً على ضرورة وضع حد لتلك الممارسات غير اللائقة التي تسيء إلى كل من يعمل في هذه المهنة، ناصحاً أي موكل تعرض للغش من قبل كتبة المحامين، فتح بلاغ أمام النيابة العامة بتعرضه للاحتيال.

بدوره، قال المحامي عبدالله آل ناصر، إن هذه الممارسات لا ترقى إلى درجة الظاهرة، ولا تتعدى كونها حالات فردية قد تحدث في كل المهن، ومع ذلك فهي تمثل خطورة يجب التصدي لها، مطالباً الجهات المعنية بتنظيم مهنة المحاماة، بتفعيل الرقابة على مثل تلك المكاتب.

وأكد رفضه فكرة وضع قوائم باسم المحامين الذين يثبت متاجرتهم بالمهنة، مضيفاً أن قوانين وتعليمات ولوائح الجهات المنظمة قادرة على إيقاف رخصة من يثبت قيامه بمثل هذه التصرفات.

ونوه باشتراط دائرة الشؤون القانونية في ترخيص وتجديد ترخيص مكاتب المحاماة أن يكون هناك سجل للمحامي صاحب المكتب يثبت حضوره للقضايا، مبيناً أنه يجب التمييز بين من يبيع رخصته لأشخاص آخرين، ومن يقوم بالشراكة مع آخرين، فالأخير يكون هدفه معلوماً ولا يسيء للمهنة، وإنما من يبيع الرخصة يسيء بشكل كبير للمهنة.

إلى ذلك، أكد المحامي عبدالله حاجي، أن مهنة المحاماة مهنة أخلاقية، ويجب على المحامي أن يحترم مهنته ويبذل جهده في الحفاظ عليها والتصدي لكل ما يسيء إليها.

ورفض حاجي تأجير بعض المحامين رخصهم لأشخاص آخرين يمكنهم الاساءة إلى المهنة ككل، متسائلاً: «من يقبل من المحامين بيع رخصته بعد أن أقسم بالمحافظة عليها وأن يعمل بإخلاص لها؟».

وبين أن دائرة الموارد البشرية وضعت قوانين ولوائح تنظم المهنة، وحصرت الاستشارات القانونية المقدمة للموكلين بالمحامي صاحب المكتب والمستشار القانوني الذي يعمل في مكتبه، والذي يكون حاصلاً على ترخيص من الجهات المختصة، ويجب على وزارة العدل ودائرة الشؤون القانونية في دبي وجمعية الإمارات للمحامين والقانونيين تكثيف الدورات وورش العمل والمحاضرات للمحامين لتوعيتهم بالمهنة.

أما مديرة إدارة شؤون المحامين والمترجمين في وزارة العدل، المستشارة سارة هزيم الشامسي، فقالت إن الوزارة متمثلة بلجنة قبول المحامين بصدد دراسة تتعلق بعدم السماح للمحامي الجديد بممارسة العمل فترة معينة، إلا من خلال مكتب محام مشتغل لا تقل خبرته عن خمس سنوات.

وبينت الشامسي لـ«الإمارات اليوم»، أن الوزارة تعمل الآن على وضع ضوابط ومعايير لمكاتب المحاماة، تخول الوزارة بالتفتيش عليها من خلال المعنيين، لمعرفة المكاتب المؤجرة من غيرها، كون الوزارة لا تقوم حالياً بجولات تفتيشية على المكاتب، وذلك طبقاً للمادة 44 من قانون مزاولة المهنة الذي ينص على أنه لا يجوز التفتيش على تلك المكاتب الإ بمعرفة النيابة العامة.

الأكثر مشاركة