الصفّار يحمي مهنـة أجداده من الاندثار بـ «نفحة تراث»

ورث عادل الصفّار، حرفة صناعة القهوة اليدوية عن أجداده التي تناقلوها عبر الأجيال منذ 180 عاماً، إذ اشتهرت عائلة الصفار منذ قديم الأزل بحرفة صناعة الدلال اليدوية، وحمل الشاب على كاهله مهمة حماية تراث الأجداد من الاندثار تحت وطأة التقدم الحديث، وبدأ مهمته بمشروع «نفحة التراث للدلال والعود» عام 2013، لإعادة الروح إلى تراث هجره معظم الحرافيين، ولم يتبق سوى صانع واحد يهتم به، هو خاله إسماعيل الصفّار، وانضم عادل إلى جانب خاله لحماية حرفة أجداده من الاندثار.

وتمكن الصفّار خلال رحلة استمرت 13 عاماً واجه خلالها صعوبات عدة، من افتتاح محل خاص بمساعدة من مؤسسة محمد بن راشد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمشاركة في عدد من المعارض الدولية.

أكبر دلة قهوة

قال صاحب مشروع «نفحة التراث للدلال والعود»، عادل الصفّار، إنه تمكن من إقناع خاله في الفترة ما بين عامي 2012 و2013 بصنع أكبر دلة قهوة مشغولة يدوياً في العالم، موضحاً أن خاله عمل عليها فترة طويلة وانتهى منها في عام 2014 وتم عرضها في المعارض الدولية.

وأشار إلى أنه بدأ المشاركات الدولية بمعرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية في عام 2013 وظل يشارك فيه سنوياً، ومن خلاله تمكن من التعرف إلى عدد من المعارض والبطولات التي شارك فيها، مثل بطولة دبي العالمية للضيافة في 2013، وحصل فيها على ميدالية ذهبية للضيافة.

مشغل لحفظ التراث

أفاد صاحب مشروع «نفحة التراث للدلال والعود»، عادل الصفّار، بأنه يخطط لافتتاح مشغل خاص لتصنيع أعداد أكبر من الدلال التقليدية، لحفظ التراث من الاندثار، لافتاً إلى أن العمل بالوتيرة الحالية يعني قلة في الإنتاج وعبئاً أكبر على خاله الكبير في السن، مضيفاً أنه لا يستطيع تعلم الحرفة حالياً إذ إنه مشغول بعمله، ووقته لا يتوافق والوقت الذي يعمل فيه خاله لصناعة الدلال.

وأوضح أن شغفه بالحرفة التقليدية جعله ملاصقاً لخاله منذ فترة طويلة، إذ إنه أكثر فرد في العائلة يعرف تفاصيل الدلة التقليدية وأنواعها، ودائماً يجالس خاله ليتعلم منه، لكن تنقصه الحرفة ليتمكن من استكمال تراث أجداده.

وروى الصفّار قصة مشروعه «نفحة التراث للعود والدلال»، قائلاً إنه بدأ العمل الحر في 2002، وتخصص في بيع دلال القهوة التراثية التي يصنعها خاله، إسماعيل علي الصفّار بمشغله الخاص في منزله، وكان يبيع سنوياً من أربع إلى خمس دلال، موضحاً «أردت أن أدعم جهود خالي في حفظ تراث عائلتي الذي استمر قرابة 180 عاماً».

وأضاف أن خاله إسماعيل من أشهر صانعي الدلال الإماراتيين، وهو الوحيد الذي حافظ على الحرفة منذ أن كان في العاشرة من عمره، وحمل عادل مهمة حفظ تراث عائلته على عاتقه، وبدء شراكة مع خاله في بيع الدلال المشغولة يدوياً، ويستغرق صنعها من 15 إلى 20 يومياً.

وتابع أنه استمر في عمله الحر منذ 2002 وحتى 2005 إلا أنه توقف بسبب صعوبات واجهها في التسويق، وأن كثيراً من الإماراتيين توجهوا إلى الصناعات المستوردة الأرخص سعراً والأقل جودة، مضيفاً «توقفت ثلاث سنوات متتالية، لكن بعد التواصل المستمر من معارفي وطلبهم المتزايد على الدلال التي يصنعها خالي قررت البدء من جديد في 2007».

وأوضح أنه خلال تلك السنوات قرأ إعلاناً عن معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، وتحديداً في عام 2013، وفضّل المشاركة بعرض الدلال، وتواصل مع اللجنة قبل بدء المعرض بـ10 أيام، واكتشف في ذلك وجود عدد كبير من الأشخاص الذين يريدون اقتناء دلال القهوة التراثية المشغولة يدوياً، وأبدت بعض الجهات الحكومية رغبتها في اقتناء الدلال التراثية، وكان لابد من استخراج رخصة للتعامل مع الجهات الحكومية، وبدأت التفكير في استخراج رخصة لمزاولة المهنة بشكل رسمي.

وأكمل الصفّار أن الجهات الحكومية لا يمكنها أن تتعامل مع أشخاص يعملون من دون رخصة، إذ إنها تحتاج إلى صور من الرخصة وفواتير رسمية في قسم المشتريات، ومن هنا أتته الفكرة باللجوء إلى مؤسسة محمد بن راشد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وأشار إلى أنه استخرج رخصة في عام 2013 وبدأ مشروعه «نفحة التراث للعود والدلال» من منزله، مضيفاً أنه عمل نحو ستة أشهر بعد استخراج الرخصة في منزله، ثم تواصل مع المؤسسة وافتتح محله الخاص عام 2014، مضيفاً «وجهته المؤسسة لافتتاح المحل في السوق الشعبي الجديد في منطقة سوق نايف التابع لبلدية دبي».

وأشار إلى أن خاله ينتج 40 دلة سنوياً، خصوصاً أن العمل يختلف من دلة إلى أخرى وفق التفاصيل في كل واحدة منها، موضحاً أن الدلال تنقسم إلى «القريشية»، التي تحوي نقوشاً كثيرة والتي يفضلها كبار الشخصيات، وأخرى «الجبسة»، وهي دلة لا تحوي نقوشاً كثيرة لذا تفضلها معظم العائلات، وهما الأكثر رواجاً بين الأنواع الأخرى.

وأكمل أنه تطور بعد استخراج الرخصة وزادت مبيعاته إلى نحو 15 دلة، ثم زاد الإقبال على منتجاته إلى 30 دلة سنوياً، إضافة إلى ما يبيعه خاله بين أقاربه، ومعارفه، مضيفاً أن خاله لا يستطيع تصنيع عدد أكبر من الدلال سنوياً لأنه يعمل بمفرده، وتحتاج الدلة العادية 10 أيام، فيما إذا كانت من الفضة ومطعمة بالذهب فإنها تحتاج إلى 20 يوماً تقريباً.

وأوضح أنه أضاف إلى مشروعه بيع «العود» الأصلي والنقي، الذي يشتريه صديقه من عدد من الدول الآسيوية، موضحاً أن «أحد أصدقائي هاوٍ لجمع أنواع العود، وعندما زادت مجموعته قرر أن يبيع بعضها لذا شاركه في المحل لترويج العود».

ولفت إلى أنه حاصل على دبلوم التجارة في عام 2000، وبقي يمارس العمل الحر خلال فترة تخرجه حتى بدأ العمل في إحدى الجهات الحكومية في عام 2004، مضيفاً أنه يحاول التوفيق بين عمله الحكومي والخاص ليتمكن من النجاح في كليهما.

الأكثر مشاركة