تدرّج من صفوف المدرسة العسكرية حتى أصبح مرشح طيار

بعد 31 عاماً من استشهاده.. هلال البلوشي حاضر في مجالس محبيه

صورة

رغم رحيل الشهيد مرشح طيار، هلال سيف عبدالله محمد البلوشي، في 23 من يناير عام 1984، إثر سقوط طائرة حربية أثناء تدريبات في أبوظبي، إلا أن سيرته الحسنة مازالت جزءاً دائماً في أحاديث مجالس أسرته وأصدقائه وزملائه السابقين في سلاح الجو الوطني.

حفيدا «البلوشي»: نريد أن نكون مثل العم «هلال»

يتفاخر الطفلان أحمد وعبدالله فهد أحمد سيف البلوشي، بقصة عم والدهما، الشهيد (هلال)، ويروونها لأصدقائهما في المدرسة والحي. ويقولان: «نريد أن نكون طيارَين مقاتلَين في القوات المسلحة مثل عمنا (هلال)»، مؤكدين أنهما يسعيان للحصول على أعلى الدرجات العلمية كي يحظيا بفرصة أكبر تؤهلهما للانضمام إلى صفوف الطلبة في المدرسة العسكرية بمدينة العين، ويكونا من جنود الوطن الأوفياء.


حماسة «هلال» كانت دافعاً لانضمام ثلاثة من أشقائه إلى العسكرية.

وقال العقيد متقاعد، أحمد البلوشي، الشقيق الأكبر للشهيد: «هلال كان يصغرني بسنوات قليلة، وفي أحد الأيام عاد من المدرسة وهو في غاية البهجة والسرور، وأخبر والدي بأنه سجل في المدرسة العسكرية، وبانتظار موافقة ولي الأمر، وكان ينظر إليه باستعطاف طلباً لموافقته، في تلك اللحظات رُسمت على وجهَي والدي ووالدتي ابتسامة مازالت عالقة في ذهني حتى يومنا هذا، ابتسامة مليئة بالفرح لما قدم عليه ابنهما الصغير الذي لم يتجاوز 10 سنوات، وكيف أن عروقه تنبض بحب الوطن».

وأضاف: «وافق والدي على أن يكون هلال ضمن صفوف طلبة المدرسة العسكرية والانتقال إلى السلاح الجوي، وكان هذا الموقف والحماسة دافعاً لي ولأخوَي (عادل وعبدالله) لكي نتسابق في الانضمام للعسكرية، وبفضل من الله ورضوانه كنا جنود الوطن المدافعين عن ثراه ضمن القوات المسلحة، مفتخرين بذلك ورافعين رؤوس ذوينا بما نحن عليه، وكانت الفرحة عارمة حين أجتمع مع أشقائي الثلاثة بالزي العسكري تحت سقف واحد».

وأكمل: «قرر والدي أن يزوّج هلال، وخطب إليه فتاة ذات خلق رفيع لتكون رفيقة دربه، ولكن القدر حال دون ذلك، فلقد انتقل إلى الرفيق الأعلى وهو يؤدي تدريباته العسكرية في سماء الوطن الذي أحب (الإمارات)، وفوق المدينة التي يعشقها (أبوظبي)، وقد كان عرسه مختلفاً عن أي عرس، فعرس الشهيد لا مثيل له، حيث يحمل إلى دار الحق على أكتاف إخوته وأهله وأصدقائه، متوشحاً بعلم الوطن»، مشيراً إلى أنه تم تكريم أخيه (هلال) من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة من خلال إطلاق اسمه على إحدى القاعات في الكلية الجوية.

ونوه البلوشي بما يقدمه القادة وشيوخ الدولة لتوفير مختلف أشكال الدعم لأسر الشهداء، لاسيما الدعم المعنوي الذي يزيل حزن الفقدان ويرسي مكانة العزة والفخر، لما قدمه شهيد الوطن من تضحيات في سبيل وطنه وأمته، ويؤكد حالة التلاحم التي تربط القيادة بأبناء الوطن، مضيفاً أنه مازال يذكر موقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عند وفاة شقيقه، وكيف رافق سموه الشهيد على متن الطائرة التي أقلته من مدينة أبوظبي إلى مدينة العين، وحضور سموه الدفن، والمشاركة في العزاء، ومواساة أفراد الأسرة، حيث كان لذلك بالغ الأثر في نفس والديه وإخوته وأخواته وأبناء مدينة العين.

من جهتهما، أكد عادل وعبدالله البلوشي، شقيقا الشهيد أن «هلال كان وسيبقى قدوة لنا ولأبنائنا وأحفادنا في حب الوطن وفدائه، ولقد سرنا في طريق الخدمة العسكرية لنكون على نهجه جنوداً أوفياء للوطن، ولنرتقي بأنفسنا ونتفاخر بأننا جزء من نسيج القوات المسلحة، وقد كان الشهيد حريصاً على الانخراط في كل البرامج التدريبية والعلمية التي تدعم مسيرته العسكرية، ليكون مثال الجندي المتسلح بالعلم والمعرفة وحب الوطن إلى جانب المهارات العسكرية المختلفة».

وأشارا إلى أنهما حريصان على نقل قصة استشهاد شقيقهما هلال وتضحياته لأبنائهما، كي يكونوا على يقين أن الأوطان تُفتدى بالغالي والنفيس، وليحذوا حذو عمهم هلال في خدمة الوطن والقيادة، مضيفين أن أبناءهما باتوا يلحّون كثيراً كي ينضموا إلى صفوف المدرسة العسكرية.

ويقول أحمد شقيق الشهيد هلال البلوشي: «(هلال) كان متميزاً بين أهله وجيرانه بما يتمتع به من خلق واحترام، كما كان باراً بوالديه، وعلى الرغم من صلابته وشخصيته المميزة كعسكري وطيار مقاتل، إلا أنه كان خجولاً ومهذباً أمام أهله، وكل من يتعامل معهم، وكان حريصاً على استغلال فترة إجازته ليزور أخواته المتزوجات ويطمئنن عليهن ويلعب مع أطفالهن».

وأضاف أنه بعد مرور قرابة 31 عاماً على استشهاد الطيار هلال، مازالت سيرته العطرة تفوح في كل مكان، وكلما التقينا أصدقاءه في سلاح الجو الوطني يتحدثون عن ذكرياتهم معه، وكيف كان متميزاً بأدائه المهني، وتقدمه العلمي، إلى جانب خلقه الرفيع، مشيراً إلى أن قصة استشهاده باتت رواية يتداولها كل من التقى به.

تويتر