المرشد الأسري

المستشار الأسري عيسى المسكري

■■ابني يبلغ من العمر سنتين، يتبعني أينما ذهبت، لا يتركني لحظة واحدة تعلقاً والتصاقاً، فلا أملك رفاهية الابتعاد عنه أو الخروج من المنزل بمفردي قليلاً من أجل قضاء الحاجات، أو التواصل مع الأهل القريب منهم أو البعيد.

 

■يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري، قائلاً إن مرحلة تعلّق الابن بأمه تعدّ في هذه السنوات الأولى مرحلة إيجابية عاطفية، ولها أهميتها في تكوين الشخصية، ودوافعها في تلبية احتياجاته النفسية، رغبة منه بالشعور بالقرب والالتصاق، باعتبارها مصدراً للحماية والأمان، فيبحث عنها إن ابتعدت، ويلاحقها إن غابت عن حدود الاعتياد، ويبكي بكاء المحروم بدموعٍ وصياح، وكأنها تركته وحيداً، وهو في هذه الفترة غير قادر على ذاتية التصرف من دونها.

 

فكل مرحلة من مراحل الطفل لها خصائصها تبدأ بالالتصاق، ولابد أن تنتهي بالانفصال، كحالة طبيعية تربوية، فيكتشف الطفل كل يوم معالم جديدة، ويرى في كل لحظة عالمه الذي يحيط به، وفي حال عدم تشجيع الطفل على ذاتية التصرف، أو الخوض في عالمه المتجدد بالتجارب، سيكون الانفصال غاية في الصعوبة، والفطام العاطفي مستحيلاً.

 

يبدأ الحل أولاً ببناء الثقة المتبادلة بين الأم والطفل، وتنشأ هذه الثقة من خلال المزج بين الحزم والحنان، ثقة منه بأن أمه جاهزة عند الحاجة، ومستعدة لتلبية احتياجاته الجسدية والعاطفية بكل كفاءة وفاعلية، فنقص بعض المهارات التربوية مثل افتقار الأم إلى العاطفة المعتدلة، وضعفها في بعض الحالات على ضبط مشاعرها المتقلبة بين ردود الأفعال والعصبية المفرطة، يتسبب في التعلق السلبي لدى الطفل كنوعٍ من العقوبة على تصرفاتها، فلم يعد يثق بها، أو يشعر بالأمان بأي حركة منها تدل على الابتعاد، فهناك من الأطفال من يتقلب على السرير بقصد الاطمئنان بأن أمه بجواره، أو يعانقها فلا تستطيع الانفصال عنه، أو يمسك بيدها، أو يفتح عينه بين فترة وأخرى، وكأنه برج للمراقبة.

وقد يصل التعلق إلى حالة نفسية مرضية، لأسباب بعضها متعلق بنمط التربية، مثل الفتور والاهمال، أو الصراع والقسوة، أو الاسراف في تلبية رغبات الطفل، ولابد أن تبدأ الأم بالحل الفوري، الذي يحتاج إلى قوة التحمل، فلا تلبي كل رغباته وإن رفع صوته بالبكاء، تحاول أن تفطمه من هذه الحالة، تقترب إليه حباً وتبتعد عنه تربية، تعالج الموقف بحزم وتتعاطف معه بكل هدوء وحكمة، حتى تصل الرسالة بأنه في مرحلة أخرى يجب أن يتعلم فيها كيف يعتمد على نفسه.

 

 

تويتر