المرشد الأسري
■■يقول قارئ إن ابنته تصر على الزواج بشخص مطلق، ولديه طفلان، تقدم إليها أخيراً، فماذا يفعل لإقناعها بالعدول عن هذا الزواج؟
■يجيب المستشار الأسري، عيسى المسكري، بأنه يجب عدم النظر إلى أي مشكلة من زاوية ضيقة، فليس كل شخص مطلق نحكم عليه بنظرة كلها سلبية، فليس كل من مر بتجربة زواج فاشلة يعود إليها مرة أخرى، فالعقلاء يتعلمون من أخطائهم، والحكماء يستفيدون من تجاربهم، فالتاجر لولا الخسائر لما تعلم، والناجح لولا العقبات لما ارتقى.
والأمر يتوقف أولاً على مستوى الرجل ثقافياً وأخلاقياً ومالياً واجتماعياً، فهناك رجل بألف رجل، وهناك معادن ثمينة، وهناك شخصيات نادرة، ويعتمد الأمر على الشخص المقتدر، وله قدرة على الزواج، فقد يكون أفضل من أعزب.
ويجب أن نتعامل مع هذه المسألة بكل دقة وعقلانية، ونتجرد قليلاً من عواطفنا السلبية، ونبتعد عن التعصب الممقوت، أو التحجر المذموم، أو الاستبداد في الرأي، نبحث قبل كل شيء عن صفات هذا الشخص من الناحية الأخلاقية والدينية والاجتماعية والمالية، نسأل عن مشكلاته الأسرية، نستفسر عن دوافعه وراء تجربته في الطلاق، هل وراءها أسباب تافهة أو أسباب منطقية لا تضره إن تزوج مرة أخرى، نجمع كل المعلومات عنه وعن أهله، ومن سيكون مسؤولاً عن أبنائه.
ثم نحاول أن نبحث عن كل قنوات نتحصل منها عن أخباره، وموطن إقامته، ومحل وظيفته، فالزواج قرار، والأهل لهم سلطة قوية، فيجب أن يكون القرار صائباً يعود بمصلحة البنت أولاً والأهل ثانياً، لأنها هي صاحبة القرار، ولا يكون القرار صائباً إلا بصناعة القرار.
فعلى الأهل التوجه إلى الله، والتضرع إليه بالدعاء من أجل مصلحة بنتهم بالزواج، فهذه المشكلة ناتجة من العلاقات السلبية، أو الصحبة السيئة، أو الاختلاط المحرم، أو التعارف العاطفي بعيداً عن الأهل، فأين تلك الأيام التي كانت تستحي فيها الفتاة من أن تصرح بالزواج، أو تبوح به، ولا تستطيع أبداً أن تتجرأ على أهلها بطلب رجل معين، وإن جاء من يخطبها فلا ترد على أهلها إلا بالسكوت، وسكوتها إشارة إلى قبولها، ترفض بلغة صريحة جريئة، وتسكت إن كانت راضية، وهناك، للأسف، من تأتي إلى أهلها بسوء الأدب، تهددهم مرة، وتغلظ عليهم بالقول، وتغضبهم بالفعل.
ننصح كل فتاة مقبلة على الزواج بأن تأخذ رأي أهلها، فهم لا يريدون إلا مصلحتها، ففرحتها من فرحتهم، وسعادتها جزء من سعادتهم، واستقرارها من أوسع الأبواب استقرارهم.
فهل نكافئ من سهر من أجلنا، وشقي من أجل ابتسامتنا، وتغرب من أجل أن يصنع سعادتنا بالعقوق والجحود والنكران؟!