أطفال يلجأون إلى الخدم بحثاً عن حنان افتقدوه في أسرهم
كشف استطلاع أجرته إدارة الطفل في وزارة تنمية المجتمع، لآراء المنتسبات لبرنامج سفيرات حماية الأطفال، عن أن مفهوم «العيب» عند الأهالي من أهم مسببات التشوه السلوكي لدى الأطفال، وتبنيهم اعتقادات خاطئة تؤثر في تصرفاتهم مستقبلاً، وفهمهم للمعتقدات الدينية والمجتمعية.
خلل الميول الجنسية قالت مديرة إدارة الطفل في وزارة تنمية المجتمع، موزة الشومي، إن التأثير المباشر الذي يظهر على سلوك الطفل جراء المعتقدات الخاطئة التي يتبعها الأهالي، هو عنفه في التعامل مع أقرانه، ورفضه تصحيح هذا السلوك، موضحة أن الإشكالية الأكبر أن الرفض هنا لا ينبع من عناد، وإنما من قناعة بأنه على النهج الصحيح، والتأثير غير المباشر الذي يمارس في الخفاء هو البحث عن رقة التعامل والدفء، الذي يقوده إلى قبول التحرش، وإمكانية حدوث خلل في ميوله الجنسية. ولفتت إلى أن الإدارة تعمل حالياً ضمن خطتها على تنظيم ورش عمل توعية للأهالي حول خطورة هذه المفاهيم، وضرورة تعديلها، إلا أن الأمر يحتاج إلى تضافر جهود كل جهات المجتمع. |
وتفصيلاً، أفادت مديرة الإدارة، موزة الشومي، بأن الاستطلاع الذي أجرته الإدارة لآراء سفيرات حماية الأطفال، خلال الاجتماع معهن الأسبوع الماضي، خلص إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين تعاملت معهم السفيرات يفتقدون مشاعر الحنان والحب من ذويهم، ويصنفون مفهوم الدفء العائلي والحب بين الأزواج على أنه «عيب».
وأوضحت أن الهدف الأساسي للبرنامج هو التوعية بمخاطر التحرش الجنسي بالأطفال، وتعديل بعض المفاهيم الأساسية، ومنها ضرورة اعتبار العاملين في المنزل من خدم وسائقين في دائرة الغرباء وليس الأقرباء. وخلال ورش عمل التوعية وجدت بعض السفيرات معارضة شديدة من الأطفال لتغيير هذا المفهوم، وبمناقشتهم في هذا الأمر تبيّن أن هؤلاء الأطفال يفتقدون مشاعر الحنان من ذويهم، لذا يبحثون عنها لدى العاملين في منازلهم.
وتابعت أن «بعض الأهالي يرون أن مظاهر الحنان تجاه أبنائهم، من احتضان وتقبيل وتشجيع، تصرفات خاطئة، ويشوبها (العيب الاجتماعي)، وينتج عنها فرد ضعيف لا يُعتمد عليه، من وجهة نظرهم، لذا يحجمون تماماً عن هذه السلوكيات مع أبنائهم، وفي المقابل يعاملونهم بشيء من الخشونة، ما يدفع هؤلاء الأطفال للبحث عن الحنان لدى الخدم، الذين يستغل بعضهم الوضع في التحرش بالطفل عبر احتضانه وتقبيله، فيما يقبل الطفل هذا السلوك، معتبراً أنه تعبير عن الحنان والدفء الذي يفتقده».
وأشارت إلى أن النقاش مع الأطفال كشف أموراً سلبية أخرى لديهم، اكتسبوها من معاملة ذويهم، وهي رفض إظهار مشاعر الحب البسيطة والتلقائية للجنس الآخر أمام الآخرين، والإصرار على أن هذا النوع من المشاعر لا يظهر إلا في الخفاء، وباستيضاح الأمور من بعض الأهالي اكتشفت السفيرات أنهم يرفضون تماماً فكرة إظهار هذا النوع من المشاعر البسيطة بين الأب والأم أمام الطفل، مثل الابتسام والاحتضان عند العودة إلى المنزل.
وذكرت أن الأطفال في السن المبكرة (دون خمس سنوات) شديدو الملاحظة، ومع الحركة المفرطة لهم في المنزل يكتشفون أن هذا النوع من المشاعر العفيفة والبسيطة لا يظهرها الأهالي إلا في الخفاء، بعيداً عن أعينهم، ما يرسخ في عقولهم ارتباط هذا الأمر بالخفاء، وكونه عيباً أمام الآخرين، ومباحاً بعيداً عنهم، لذا قد لا يمانعون في تعرضهم للتحرش من قبل الآخرين في الأماكن المغلقة. وقالت الشومي إن طريقة تفكير وآلية تصرف الأهالي، وفق معتقدات ومفاهيم خاطئة، تؤثر بشكل سلبي في الأطفال، فيمكن أن تشوه سلوكياتهم المستقبلية.
وأشارت إلى أن «مشاعر الحنان والحب يصنفها البعض، وفق العادات والتقاليد، على أنها (عيب)، دون توضيح سبب هذا العيب»، مطالبة الأهالي بإظهار هذه المشاعر لأبنائهم بطريقة عفوية، حتى يغرسوها فيهم.