فكرة «مكاني بينهم» بدأت بنظرة شفقة لمريـض بـ «متلازمة داون»
«مكاني بينهم»، فريق كونه علي العتيقي الجنيبي، بعدما لاحظ نظرة المعارف والأقارب لشقيقه الأصغر (عبدالله)، فالكبار كانوا يرونه بعين الشفقة، والأطفال الذين في سنه أو أكبر قليلاً، كانوا يتجنبون اللعب معه، واعتبروه معاقاً ومختلفاً عنهم، ما ولّد لديه إصراراً على أن يغير نظرة المجتمع لمن يعانون «متلازمة داون»، فأنشأ صفحة توعية على موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، ونظم مبادرة «إفطار صائم» خلال شهر رمضان من عام 2014، بمساعدة شقيقه (عبدالله)، واثنين من أصدقائه، ليؤكد أن أصحاب هذه الفئة قادرون على العمل، وبعدها كوّن الفريق الذي كان يضم أربعة فقط وارتفع العدد في أقل من عامين إلى 40 متطوعاً.
اليوم العالمي لـ «متلازمة داون»
قال مؤسس فريق «مكاني بينهم»، علي العتيقي الجنيبي، إن الفريق يخطط لتنظيم فعالية خاصة، بالتزامن مع اليوم العالمي لـ«متلازمة داون»، وسيركزون من خلالها على التوعية بأهمية إشراك الأطفال المصابين بالمتلازمة في الأنشطة المجتمعية، وتوعية الأهالي بهذا المرض، والكشف عن مواهب الأطفال من هذه الفئة، إضافة إلى تنظيم ورش عمل للأطفال. وأضاف: «لا نملك تمويلاً كافياً، لكن نطمح إلى تنظيم مزيد من الفعاليات من خلال الفريق». |
والجنيبي أراد أن يدخل مفاهيم جديدة على المجتمع، وأن يغيّر النظرة التقليدية للمصابين بـ«متلازمة داون»، وقد واجه عدداً من التحديات، خصوصاً أن «مكاني بينهم» فريق تطوعي غير مرتبط بأي جهة رسمية أو جمعية متعلقة بالمصابين بهذا المرض.
وعن بداية تشكيل الفريق، قال الجنيبي لـ«الإمارات اليوم»، إنه شاهد عدداً من المواقف التي تعرض لها شقيقه الأصغر (عبدالله)، من جانب الأقارب والمعارف الذين لم يتقبلوه، واعتبروه معاقاً فقط لا يستطيع أن ينتج أو يعمل، كما كان بعض الأطفال لا يقتربون منه كونه مختلفاً عنهم، ما جعله يستاء بشدة. وأضاف: «مصابو المتلازمة، وإن ولدوا بهذا المرض، لا يعني أنهم ليسوا كغيرهم من البشر، فهم يشعرون بالفرح والألم مثلنا تماماً، ومن حقهم أن يستمتعوا بحياتهم، وأن يشاركوا في المجتمع كأعضاء فاعلين من دون أي عوائق».
وتابع أنه دشن في بادئ الأمر مبادرة عبر موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، فكرتها تخصيص يوم واحد للتوعية بخصائص مرض متلازمة داون، والتعريف بأنه ناتج عن خلل في الجينات الوراثية، وقد يحدث في مرحلة مبكرة قبل الولادة، وقد تضمنت المبادرة شرح أسباب إصابة الأطفال به، وكيف يمكن التعامل معه.
وأشار إلى أنه «في 2014 خصص صفحة للمبادرة، نشر من خلالها صوراً للتعريف بالمتلازمة، واختار يوم السبت من كل أسبوع لنشر كل ما يعرفه عن هذا المرض»، لافتاً إلى أنه لاحظ تفاعلاً مع المبادرة من عدد من الصفحات عبر (إنستغرام)، من داخل الدولة وخارجها، ما شجعه على تنظيم مبادرة «توزيع إفطار صائم» في شهر رمضان من العام نفسه، واصطحب معه شقيقه واثنين من أصدقائه، وعمد من خلال توزيع الإفطار إلى نشر اسم مبادرته لتصل إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وبالفعل حاول بعدها كثير من الأشخاص التواصل معه عبر الصفحة للمشاركة في المبادرة.
من جانبها، أفادت عضو فريق «مكاني بينهم»، حنان المرزوقي، بأنها تعرفت على المبادرة من خلال صفحتها على «إنستغرام»، ما دفعها إلى المشاركة بعد شهر واحد فقط من إطلاق المبادرة، موضحة أنها «تواصلت مع منظمها لتعرف ما عليها فعله».
وأضافت أن عدد المشاركين الفاعلين في المبادرة وصل في هذا الوقت إلى 10 أشخاص، كانوا يحاولون قدر استطاعتهم تقديم كل ما في وسعهم لدعم المبادرة، وتوصيلها لأكبر عدد من أفراد المجتمع. وتابعت: «شاركنا في عدد من الفعاليات في مؤسسات مثل مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الإعاقة في أبوظبي، وهي أول فعالية نظمناها، وحاولنا خلالها إضافة عدد من الأنشطة ليتمكن الأطفال المصابين بمتلازمة داون من أن يبدعوا، وعمدنا على إشراكهم في أنشطة الفعالية بشكل مباشر، خصوصاً أن الفريق كان جديداً وكنا نحتاج إلى تقليص الفجوة بينهم وبيننا». وقالت المرزوقي: «تمكنا منذ 2014 من تنظيم 40 فعالية في عدد من المؤسسات في الدولة، خصوصاً في المناسبات الرسمية مثل اليوم الوطني، وكنا نجتمع دائماً بعد تنظيم هذه الفعاليات، لنبحث كيف يمكن إضافة أنشطة جديدة يستطيع ذوو هذه الفئة أن يتقبلوها وتكون مناسبة لهم، ويتشاركوا فيها مع غيرهم من الأطفال وأعضاء الفريق». وأوضحت أنه بعد مرور أشهر فقط من إطلاق المبادرة زاد عدد أعضاء الفريق ليصبح 40 عضواً من داخل أبوظبي وخارجها، مضيفة: «لم نقيّد أعضاء الفريق بفعاليات خاصة بالمصابين بمتلازمة داون فقط، بل حاولنا الوصول إلى الأطفال الذين يعانون أمراضاً أخرى، إذ زرنا المصابين بمرض السرطان في عدد من المراكز في العين وأبوظبي». إلى ذلك، قالت عضو الفريق، مريم العسيري، إنه كي يتمكنوا من تنظيم الفعاليات والتواصل مع الأعضاء من خارج أبوظبي، قسموا الأعضاء إلى لجان مصغرة، منها الإبداع، والإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، والمالية، والتوثيق، والدراسات، لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات وتنظيم عمل الفريق بصورة ملائمة.
وأوضحت أنهم يجمعون الأموال من أعضاء الفريق، الذين تنوعوا بين موظفين وطلبة وأطفال مصابين بـ«متلازمة داون» ليتمكنوا من تمويل الفعاليات والأنشطة التي يخططون لها، مضيفة: «نطلب من الأعضاء تقديم مبالغ رمزية لنتمكن من تنظيم الفعاليات بصورة مناسبة، ونحاول أن نجد من يرعى الفريق بشكل مباشر لتسهيل أعمالنا». وأضافت العسيري: «واجهنا عدداً من التحديات عندما شكلنا الفريق، أهمها صعوبة إقناع الأهالي بأهمية الحملة، وأنه ينبغي إشراك الأطفال لتعريفهم بأقرانهم من ذوي المتلازمة، وكيفية التصرف معهم، وكون الفريق لا يجتمع في مكان واحد، خصوصاً أننا من مناطق مختلفة في الدولة، ولابد من التنسيق في ما بيننا لتنظيم هذه الأنشطة».