المرشد الأسري
■تقول امرأة إن ابنتها تبلغ من العمر ست سنوات، ولاحظت أنها تتلفظ بألفاظ بذيئة لا تعرف مصدرها، فماذا تفعل؟
■■يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري، بأن الطفل في سنواته المبكرة من عمره مثل وعاءٍ نقيّ بالفطرة، صاف بالبراءة، ما مُلِئ فيه من خير فاض بكلمات طيبة، وظهر بسلوك حسن، باطنه صدق الإخلاص وظاهره حسن الأخلاق، وعاءٌ شفافٌ يُرى باطنه بظاهره، يُنظف إن اتسخ بالتوجيه والتربية، فإن التقطت ابنتك كلمة بذيئة ظهرت جليّة أمام الجميع كعادة مكتسبة من أحد أفراد عائلتها، أو زملاء مدرستها، أو أصدقاء جيرانها، فمعرفة مصدر التلقي سيساعدك على إبعادها عنه.
وهناك من الأمهات من تصيبها حالة من الذهول، وكأن الأرض ضاقت عليها بما رحبت، نظراً لهول الموقف وبما تسمع من ابنتها الصغيرة تتلفظ بهذه الكلمات، فقد يكون الرد من بعضهن عنيفاً بالضرب أو الصراخ، فتتحول إلى مشكلة أخرى هي العناد، فاستقبال المشكلة بالحكمة والهدوء والمعاملة بالتي هي أحسن أفضل من التسرع والانفعال، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه، لاتزال الطفلة على براءتها تقلد بلا وعي منها بما تقوم به، فإن وجدت من الوالدين الغضب والمنع من كلماتها البذيئة أدركت أنها مصدر إزعاجهم، فتستخدمها إن كانت غاضبة منهما أو من إخوانها أو أخواتها، أو تتلفظ بها من باب لفت الانتباه، أو تعبيراً عن معاناتها العاطفية أو النفسية شعوراً منها بالظلم أو الغيرة. وتحب الطفلة بعض الوقت استثارة الوالدين ولفت أنظارهما من باب الضحك والمرح، وبعضهم يعتبرها نوعاً من اللهو واللعب، وقد يكون في بعض الاوقات تجاهل الطفلة بما تتلفظ بالكلمات البذيئة نوعاً من العلاج إذا كانت لا تعقل ما تتفوه به، ولم تسبب أذى لأحد.
وهناك من الأطفال سريع الاستجابة للنصيحة فتوجيههم بالكلمات يحل المشكلة سريعاً، وحرمان بعضهم من رغباتهم أو ألعابهم رادع للكفّ عن هذا السلوك السيئ، فإن تلفظت ابنتك بكلمة بذيئة فاسأليها عن معناها، وضحي لها خطورتها، وبَيّني لها أن هناك ملكان؛ عن يمينها ملك يسجل كلماتها الطيبة فتكون سبباً لدخول الجنة، وعن شمالها ملك يسجل كلماتها البذيئة فتكون سبباً لدخول النار، كوني قدوة أمامها بكلماتك الطيبة، زودي قاموس مفرداتها بكلمات إيجابية، امدحيها إن أحسنت في القول، أكرميها إن امتنعت عن أي عادة سيئة، فالأسرة سفينة تتلاطمها الأمواج من كل مكان، والأسرة هي وحدها التي تتحكم في المسار والوجهة.