تبنى مشروعاً لتأهيل أطفال التوحد غير المقتدرين مالياً مجاناً

لقاء مع طفل حوَّل مسار «بن الشيخ» من إدارة الأعمال إلى علاج التوحد

صورة

لقاء مع طفل متوحد، حول مسار فهد بن الشيخ، من إدارة الأعمال، إلى مسؤول في مؤسسة دولية لعلاج ذوي التوحد، وأخيراً تبنى مشروعاً في دبي، يقوم على إعداد مجموعة برامج غير ربحية لمساعدة غير المقتدرين مالياً من ذوي هذه الفئة.

الغذاء والتوحد

قال نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة «ثقة للتوحد» الدولية، فهد بن الشيخ، إن مؤسسته تعاونت مع مركز طبي متخصص في الفحص الغذائي لحالات التوحد عبر أحدث التقنيات الطبية عالمياً، حيث تخضع الحالة له في بداية تسجيلها، لتحديد طبيعة الغذاء الذي يحجم من تقدمها وقبولها للتأهيل، لاسيما أن الدراسات الطبية العالمية أكدت أن بعض أنواع الغذاء، مثل مشتقات الحليب والقمح، ونسب الحديد في الدم، تؤثر بشكل كبير في سلوكيات معاق التوحد واستجابته للتأهيل والتدريب.

وأضاف أنه تم أيضاً التعاون مع خبراء جامعة مانيسوتا الأميركية، لإعداد الدورات التأهيلية المناسبة لكل حالة بناء على نتائج الفحص الغذائي، والتقييم العام لها، وتم الاتفاق على أن يشارك المختصون في الجامعة في هذا النوع من الدورات بشكل دائم في المركز التابع للمؤسسة في دبي.

وتأتي فكرة المشروع في ظل معاناة ذوي بعض الأطفال معاقي التوحد من ارتفاع تكلفة تأهيل وتدريب أبنائهم في المراكز الخاصة، إذ يتجاوز متوسط قيمتها 62 ألف درهم سنوياً، ما دفع بعضهم إلى عدم الالتزام بالجلسات الأسبوعية، أو الامتناع تماماً عن إخضاع الطفل لجلسات التأهيل.

وعن بداياته، قال فهد بن الشيخ، وهو يشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة «ثقة للتوحد» الدولية، لـ«الإمارات اليوم»، إنه حصل على بكالوريوس إدارة الأعمال في إحدى الجامعات العالمية، وعاد إلى الإمارات عام 2009، وكان لقاؤه مع طفل متوحد (ابن أحد أصدقائه) نقطة فاصلة في حياته، إذ أثار هذا المرض فضوله، وبدأ في القراءة وسؤال المختصين عنه، وخلاصة هذه الأسئلة قادته إلى أنه لا سبيل سوى التأهيل والعلاج المبكر، لكن ضعف الإمكانات المالية لبعض الأسر دفعها إلى عدم علاج أبنائها، خصوصاً أن كلفة التأهيل مرتفعة في المراكز المتخصصة، ومن هذه اللحظة قرر أن يكون هذا مشروع حياته.

وأضاف: «في نهاية 2010 بدأت في اتخاذ أولى خطوات المشروع، إذ توجهت إلى وزارة تنمية المجتمع طالباً ترخيص مركز مختص في تأهيل ذوي التوحد، إلا أن تشعب الاختصاصات بين المؤسسات المعنية وقف عائقاً أمام استكمال الإجراءات، لكنني لم أسلم للأمر، واتجهت إلى المملكة المتحدة، حيث نجحت في استصدار ترخيص لمؤسسة دولية تحت اسم (الثقة للتوحد)».

وتابع: «تعاونت مع مؤسسات الأمم المتحدة، وبدأت في استقطاب مختصين عالميين في التعامل مع هذا المرض، وافتتحت مكاتب لتأهيل هذه الحالات في كندا، وفنزويلا، والأرجنتين، وبعدها عدت إلى الإمارات، وعقدت عبر مؤسسة ثقة للتوحد شراكة مع المنظمة العالمية المسؤولة عن ترخيص الاخصائيين المؤهلين للتعامل مع حالات التوحد، واستقطبت أحد أهم البروفسيرات العالميين للإشراف على التعامل مع ذوي هذه الفئة عبر مكتب إقليمي في دبي».

وقال إن تكلفة تأهيل حالات التوحد تقف عائقاً أمام تسجيل أطفال من معاقي التوحد في المراكز الخاصة المنتشرة على مستوى الدولة، أو استكمالهم الجلسات المطلوبة في حال التسجيل، إذ تصنف هذه الفئة من الإعاقة كأعلى كلفة بين فئات الإعاقة المختلفة من حيث التأهيل والتدريب.

وأوضح أن متوسط الساعة العلاجية في المراكز الخاصة يراوح بين 280 و750 درهماً، في وقت يحتاج فيه الطفل المتوحد إلى متوسط ثماني إلى 10 ساعات أسبوعياً، ووفق دراسة إحصائية أجرتها وزارة تنمية المجتمع، تراوح قيمة تأهيل الحالة سنوياً في المراكز الخاصة بين 38 و160 ألف درهم.

وأشار إلى أن المؤسسة أجرت استطلاعاً لآراء عينة من ذوي أطفال التوحد، خلص إلى أن 60% منهم غير مقتدرين مالياً على الوفاء بالتزامات تأهيل أطفالهم، خصوصاً أن هذا النوع من الإعاقة يحتاج إلى متابعة من المراكز المتخصصة فترات طويلة، قد تستمر على مدار حياة الحالة.

ولفت إلى أن مؤسسة ثقة للتوحد أطلقت برنامجاً تأهيلياً لأطفال التوحد مجاناً، وبدأت فعلياً نهاية أبريل الماضي في تلقي الطلبات، والتي تم الاشتراط أن يرفق بها تقرير طبي عن حالة الطفل، وشهادة راتب ولي الأمر، وعقد إيجار السكن، وشهادة مديونية بنكية، إن وجدت، وبناء عليه يتم تقييم الوضع المالي للأسرة، لبيان قبول الطفل من عدمه.

وأوضح أن البرنامج يشمل مجموعة من المراحل، ويستهدف إخضاع الحالات في البداية لفحوص غذائية عدة عبر مراكز طبية متخصصة، تحدد طبيعة الغذاء الذي يؤثر في تأخر قدرتهم على الاستجابة للتأهيل، وبناء على النتائج يتم إعداد دورات متخصصة بإشراف خبراء في جامعة مانيسوتا الأميركية. وتابع: «خلال مايو الماضي تم استكمال عدد الحالات المطلوبة للمرحلة الأولى، وسيبدأ الفريق المختص في المؤسسة في تجهيز إجراءات الفحص الغذائي، والتقييم الكامل للحالات مطلع الشهر المقبل، لإعداد الدورات التأهيلية المناسبة لكل حالة».وتابع أن الحالات المشمولة في المرحلة الأولى وعددها 40 حالة تخضع للتأهيل لمدة عامين، على أن يُجرى قياس لمدى تقدم الحالة كل ستة أشهر، لإعداد تقرير متكامل في نهاية فترة التأهيل عن الحالة، لبيان إمكانية استمرار التعامل مع الحالة لدورات جديدة مجاناً أم لا.

ولفت إلى أن المؤسسة شهدت إقبالاً كبيراً من أولياء الأمور، لذا يجري حالياً دراسة زيادة عدد الحالات التي سيتم قبولها، موضحاً أن المؤسسة تمتلك مركزاً خاصاً لتأهيل حالات التوحد، يعمل بنظام المناصفة في تحمل تكلفة التأهيل مع أولياء الامور، وتصل قدرته الاستيعابية إلى 70 حالة، في ما لا تتعدى نسبة الإشغال الحالية 40 حالة، لذا يمكن طرح الـ30 حالة المتبقية ضمن مبادرة التأهيل المجاني.

وحول التكلفة الإجمالية لتأهيل هذه الحالات في المؤسسة، أوضح بن الشيخ أن طبيعة عمل المؤسسة غير الربحية فرضت عليها تقليص النفقات غير الضرورية، لذا تم اعتماد التكنولوجيات الضرورية التي أثبتت فعاليتها عالمياً في التعامل مع هذا النوع من الحالات، كما تم قصر التعيين في المؤسسة على المختصين ذوي الخبرة القادرين على التعامل مع الحالات المسجلة، لذا انخفضت تكلفة ساعة تأهيل معاق التوحد إلى 50 درهماً فقط.

تويتر