"هيئة" البيئة تشرف على تقييم التنوع الوراثي لـ "غزال الريم"

انتهت هيئة البيئة – أبوظبي من تنفيذ مشروعاً ريادياً يهدف لتقييم التنوع الوراثي لظباء الريم داخل الغابات التي تديرها الهيئة، ويعتبر هذا البرنامج الأول من نوعه عالمياً على مستوى الامتداد الطبيعي والتاريخي لهذا النوع من الظباء في الجزيرة العربية.

ويهدف المشروع إلى تقييم التنوع الوراثي وتحديد أية تهديدات حالية أو مستقبلية تتعلق بالصفات الوراثية غير المرغوبة الناتجة عن ظاهرة التوالد الداخلي والتهجين مع الأنواع الأخرى، والتي قد تؤثر على الصفات الشكلية الخارجية وتؤدي إلى حدوث التشوهات الجينية والطفرات التي قد تهدد بقاء هذا النوع الهام من أنواع الحياة البرية التي تعتبر أحد رموز الطبيعة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي هذا السياق، قالت الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي رزان خليفة المبارك: "أن الهيئة باعتبارها الجهة المكلفة بتولي مسؤوليات إدارة الغابات في إمارة أبوظبي، قد سعت إلى تطوير وتنفيذ حزمة من السياسات والمعايير لرفع معدلات الاستدامة البيئية في الغابات التي أنشئت في إمارة أبوظبي في منتصف ستينات القرن الماضي انطلاقاً من رؤية مؤسس دولة الإمارات المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله.

وأضافت رزان المبارك بأن جهود الهيئة في استدامة الغابات لا تقتصر على تنمية الغطاء النباتي من الأشجار المحلية وإدارة المصادر المائية المتاحة ضمن معايير الترشيد وحسب، بل وتشتمل على الإدارة العلمية والمعيارية للحياة البرية وقطعان الظباء التي تتخذ من غابات إمارة أبوظبي مأوى وموئلا لها نظراً لما توفره الغابات من ظروف مناسبة تساعد الحيوانات على تحمل الظروف المناخية القاسية.

وفي هذا المجال، أشارت المبارك إلى أنه قد تم تطوير 33 غابة كمواقع لإكثار وإيواء قطعان الحياة البرية، حيث تحتوي هذه الغابات اليوم على قرابة 54 ألف رأس من مختلف أنواع الظباء والمها العربي، حيث عمدت الهيئة منذ توليها لمسؤوليات إدارة موروث الغابات في إمارة أبوظبي إلى توفير الظروف المعيارية المناسبة للقطعان التي تعيش داخل الغابات، وذلك من خلال تطوير البنية التحتية المخصصة لخدمة ورعاية هذه القطعان، وتوفير الرعاية البيطرية الملائمة وظروف الأمن الحيوي.

وأشارت المبارك  إلى أنه من الضروري التركيز على دراسة وتقييم الوضع الوراثي لقطعان ظباء الريم التي تشكل النسبة الأكبر داخل الغابات ( حوالي 70% من العدد الإجمالي)، نظرا لارتباط هذا النوع من الظباء بالتراث الطبيعي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولتواجده في الغابات منذ مدة طويلة الأمر الذي يهدد بتناقص التنوع الوراثي نتيجة للتوالد الداخلي، كما يؤثر على جهود حمايته واستدامته للأجيال القادمة.

وذكرت  المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري بالهيئة الدكتورة شيخة سالم الظاهري: "أن برنامج تقييم التنوع الوراثي لغزال الريم المنفذ من قبل الهيئة وشركة براري لإدارة الغابات، يعتبر الأول من نوعه في الجزيرة العربية وبلاد الشام والتي تعتبر الامتداد الطبيعي والتاريخي لهذا النوع، وعليه فإن نتائج هذا المشروع ستتيح للهيئة أن تكون مرجعاً علمياً للكثير من المؤسسات الراغبة بتكرار هذا المشروع على المستوى الوطني والإقليمي".

وشددت الظاهري على أهمية المشروع، الذي نفذ من قبل فريق متخصص بإدارة الحياة البرية والدراسات الوراثية على مدى عامين، نظراً لما ستمثله نتائج هذا المشروع من توفير قاعدة معلومات أساسية ترتكز عليها المعرفة الدقيقة في تحديد مواقع الانتشار التي تتضمن أغلب الصفات الوراثية المرغوبة من تلك التي تحتوي على صفات غير مرغوبة، الأمر الذي سينعكس على برامج الهيئة وخطط إدارة واستدامة قطعان الحياة البرية ضمن الغابات والمحميات التابعة لها.

وأضافت الظاهري "لقد انتهت الهيئة من تنفيذ هذا المشروع كمرحلة أولى مشيرة إلى أن الهيئة ستستهدف في المراحل القادمة أنواعاً أخرى من الحياة البرية كغزال الدوماني والمها العربي، وبذلك تحقق الهيئة المعرفة الشاملة فيما يتعلق بالتنوع الوراثي لقطعان الحياة البرية في الغابات".

ويشار إلى أنه قد تم تنفيذ هذه الدراسة الشاملة على مدار عامين، من قبل فريق عمل متخصص في مجال تحليل وتقييم التنوع الوراثي للحياة البرية في إدارة الحياة البرية في شركة براري لإدارة الغابات وهي الجهة الموكلة من قبل هيئة البيئة للقيام بمهام إدارة الغابات في إمارة أبوظبي، وأشار أحمد عبد الجليل البلوكي، المدير التنفيذي لشركة براري لإدارة الغابات إلى أهمية هذه الدراسات والتي تأتي في إطار حزمة الإجراءات والتحسينات التي تنتهجها الهيئة منذ توليها لمسؤوليات إدارة الغابات مشيراً إلى أنها جاءت لتضيف قيمة إضافية ستسهم في تعزيز جهود الهيئة في استدامة الحياة البرية في الإمارة وإدارتها بفعالية، كما ستمثل نتائجها ركيزة في مساعدة المؤسسات العاملة بهذا المجال سواء على المستويات الوطنية أو الدولية، وذلك من خلال نشر النتائج في المجلات العلمية المعتمدة، لتكون من ضمن المشاريع الوطنية النوعية.

وقد تم تنفيذ الدراسة عن طريق أخذ380  عينة عشوائية من مختلف الغابات في إمارة أبوظبي، حيث تم تحليل هذه العينات في مختبرات متخصصة بهدف تحديد وتأكيد حدوث ظاهرة التوالد الداخلي، وتقييم التنوع الوراثي للجينات مقارنة بالجينات المرجعية المعيارية بالإضافة إلى توثيق إمكانية حدوث أية تهجين أو تداخلات وراثية بين الأنواع المختلفة من الظباء، وقد خلصت الدراسة إلى أن تقييم التنوع الوراثي لظباء الريم في الغابات يعتبر جيد بشكل عام، وذلك لعدم وجود دلائل لحدوث ظاهرة التوالد الداخلي في ظباء الريم في الغابات، كما دلت الدراسة إلى وجود تفاوت في التنوع الوراثي مقارنة بالجينات القياسية وتراوح التقييم العام للتنوع الجيني من المتدني إلى المتوسط.

وأوصت الدراسة إلى ضرورة اعتماد التقييم الوراثي كأساس علمي لإدارة برامج الإكثار للحياة البرية وبشكل خاص للمجموعات الصغيرة، والتي من الممكن أن تكون أكثر عرضة للمهددات الناتجة عن التوالد الداخلي نتيجة لمحدودية مصادر المادة الوراثية فيها، وعليه فلا بد من اعتماد إدخال أفراد قادرة على التكاثر إلى هذه القطعان بشكل مستمر لضمان تنويع المادة الوراثية في قطعان الحياة البرية.
            

 

تويتر