المرشد الأسري
• • تقول امرأة إن زوجها يدخن، وتخشى على أولادها من اكتساب هذه العادة السيئة من والدهم على سبيل المحاكاة والتقليد، فماذا تفعل؟
• • يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري، يعد التدخين من العادات السيئة سلوكياً وعقلياً وصحياً، وخطراً على مستوى بناء شخصية الطفل وسعادته النفسية، وله نتائج سلبية وآثار سيئة في الأسرة والبيئة والمجتمع. فهو عادة يكتسبها الابن عن طريق المحاكاة والتقليد، وسيلةً تعليميةً سلبيةً سريعة الاكتساب، صعبة العلاج، تختلط بالدم، وتتمركز حول مناطق الإدراك والتحكم والإدمان.
والطفل في مراحله المبكرة يتقمص شخصية أقرب الناس إليه بوجه الخصوص، وكل المحيطين به بشكل عام، يقلد كل ما يسمعه، أو يراه، أو يدركه، أو يلاحظه، وكلما كانت علاقة الطفل بشخص ما قوية كان تقمص شخصيته أسرع، وتقليد ما يقوم به أشد، فالمسألة متعلقة بسرعة اكتساب الطفل العادات والمعتقدات والقيم، فقد يكتسب في اليوم الواحد كَمّاً هائلاً من المعلومات المرئية والمنطوقة، ويتدرب على عدد من المهارات السلوكية والأخلاقية.
فذاكرة الطفل خالية، تلتقط المعلومات بسرعة كما يلتقط جهاز التصوير دقة المشهد بوضوح الشكل واللون والصور، يرصد بقدرة عجيبة كل ما يدور حوله أو ما يحدث أمامه أو خلفه، فمن خلال المشاهدة يحاول أن يُجرّب، ومن خلال تكرار الحدث يحاول أن يُقلد، ومن خلال احتكاكه بشخص يحبه يحاول أن يتخذه قدوة في حياته، فيجب أن ندرك المخاطر والتهديدات التي تواجه حياة الأبناء، فقد تكون نابعة من سلبية الآباء أو الأمهات.
والأم في هذه الحالة تضع الضوابط والقوانين بطرق صحيحة للتربية، تبدأ فوراً بالوقاية السلوكية والمعرفية، ثم تقوم بالتصدي لها، بإبعاد ابنها عن الاحتكاك السلبي، وتسعى دائماً إلى متابعة التطورات الطارئة، أو التحولات المفاجئة، وتحرص في كل لحظة على توضيح سلبية الممارسات الخاطئة لابنها، وإن قام بها أقرب الناس إليه، وتبين له الفروق بين السلوك الإيجابي والسلوك السلبي.
ولا نغفل عن مراقبة الطفل، وتوجيهه بأن التقليد لا يكون إلا في الخير، فلا يقلد أي سلوك سلبي حتى لو نتج من الوالدين، وتعلمه الصواب ترغيباً في الخير وترهيباً من الشر، فقد يلجأ الابن إلى التدخين وهو سلوك سلبي، بمقصد إيجابي وهو البحث عن الرجولة، فلو أردتِ علاج المشكلة تُبقي المقصد الإيجابي، وتُغيري سلوكه إلى سلوك إيجابي، فبعض الألعاب القتالية مثلاً أو التدريبات الرياضية تغذي في نفسه الشعور بالرجولة، وهو المقصد نفسه الذي كان يبحث عنه من خلال تقليد غيره على التدخين.
وأخيراً، تبقى تعويد الابن على الصلاة وتنمية الوازع الديني، وهما الدرع الواقية من كل عادة سيئة أو سلوك سلبي.