المرشد الأسري

صورة

■■ ألوم نفسي على تسامحي مع الآخرين، إذ تبقى مواقفهم السلبية عالقة في ذهني، فكيف أتعامل مع هذه المشكلة؟

(قارئ)

■ يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري:

اكتشفت من خلال الاستشارات النفسية والأسرية نظرية بالغة الأهمية، توضح الحالة التي تندرج تحتها هذه المشكلة، وهي «نظرية التسامح، المعلن منه والخفي»، ولها مستويات متفاوتة. الأول، هو التسامح الخارجي، شكلاً أو لفظاً أو سلوكاً، إذ يصرح صاحبه بالتسامح، وهو يظهر عكس ما يبطن، ويبقى الموقف السلبي محفوظاً داخله، وهذا المستوى هو نوع من التهرب في التعامل، أو الابتعاد عن الاحتكاك، أو البحث عن مخرج سلمي، بلا خلاف أو نزاع، وبذلك يُعد نوعاً من التخدير الذاتي خلال التعامل مع الطرف الآخر، متعاملاً معه بصورة طبيعية شكلاً لا جوهراً.

المستوى الثاني هو التسامح المؤقت داخلياً، وهو يشبه ملفاً محذوفاً، لكنه محفوظ في سلة المحذوفات، يستطيع صاحبه استرجاعه متى ما حدث موقف سلبي مشابه.

المستوى الثالث يشبه المستوى الثاني، وهو يقوم بحذف مجموعة ملفات سلبية حدثت مع شخص ما، وله قدرة على كظم الغيظ، وكبت المواقف السلبية وعدم إظهارها، فيما تبقى الملفات السلبية محفوظة بصورة تراكمية لتتحول في لحظة ما إلى حالة انفجار من خلال تذكير الطرف الآخر بالمواقف السلبية كلها بصورة متسلسلة.

المستوى الرابع هو التسامح الداخلي، ويقوم صاحبه بإزالة الموقف السلبي نهائياً ومسحه كلياً، فينسى ما حدث بينه وبين الطرف الثاني من نزاع وخلاف، وهذا الصنف من أكثر الناس سلامة للصدر، وراحة للبال، ولكن هذا التسامح لا يظهر، بل هو عكس المستوى الأول، ويبقى الطرف المخطئ معتقداً أن الطرف الأول لم يسامحه بصورة تامة.

والمستوى الأخير هو التسامح الداخلي والخارجي، وهو الأفضل؛ إذ يجمع بين النوعين الأول والرابع، لكن الأفضل من هذا المستوى هو من يسامح داخلياً وخارجياً ويترجم هذا التسامح بالإحسان، وتقديم المعروف، وإظهار الحب، ومدّ يد العون.

تويتر