الدكتور أحمد الحداد : «يُطعم أهل الميت مدة عزائهم جبراً لهم على مصابهم، وعوناً لهم على الحياة، وهو إطعام لهم فقط».

«الحداد»: السرادقات الفخمة «مصيبة ثانية» على بعض أهالي المتوفين

ذكر كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، أن العزاء شُرع لتسلية المصابين بالموت، وجبر خاطر أهله بالدعاء للميت، وتصبيرهم على ما أصابهم من مصيبة الموت، وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه سُئل عن حق الجار، فقال: «إن مرض عدته، وإن مات شيعته، وإن استقرضك أقرضته، وإن أعوز سترته، وإن أصاب خيراً هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا ترفع بناءك فوق بنائه لتفسد عليه الريح، ولا تؤذِهِ بريح قدرك إلا أن تغرف له منها».

وقال «هكذا يريد الإسلام من أهله تماسكاً وتعاضداً في السراء والضراء، بما لا يعود بالضرر على أهل الميت، وقد شُرع لهؤلاء الأقارب والجيران عونَهم على ما نزل بهم من مصيبة، فقال عليه الصلاة والسلام: (اصنعوا لأهل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)»

وأضاف الحداد «المراد أن يُطعم أهل الميت مدة عزائهم جبراً لهم على مصابهم وعوناً لهم على الحياة، وهو إطعام لهم فقط، وأما من أتاهم زائراً فينبغي عليه ألا يثقل عليهم بشيء، فإن جرت العادة بإكرامهم بقهوة أو شاي أو ماء مما لا كلفة فيه على أهل الميت، فلا حرج؛ لأن ذلك من إكرام الضيف، وينبغي أن يكون في البيت، أو حيثما اتفق، وجود أهل الميت، أما جعل السرادقات الفخمة والأطعمة المكلفة فينبغي ألا يكون لما في ذلك من إحراج كبير وغرامة طائلة على أهل الميت، أو جيرانهم الذين قد يقومون بمعونتهم، وقد يكون ذلك من باب المقايضة عند حدوث مثلها، فيكون من باب التحامل الذي يشق أحياناً على كثيرين، والمتعيّن أن يكون العزاء خالياً من ذلك كله، تيسيراً على المعزِّين والمعزَّيْن».

وتابع «قد يكون في تلك الكلفة جناية كبيرة على ورثة الميت، لاسيما إن كانوا أيتاماً فإنه يحرم على متوليهم أن يصرف شيئاً من أموالهم لمثل هذه السرادقات أو الأطعمة، لأنه لا يعود عليهم بشيء من النفع، والواجب ألا يصرف شيئاً من تركة ميتهم إلا النفقات الخاصة التي يحتاجون إليها».

وأشار إلى أن «الأجدى لأهل المتوفي إنفاق هذه الأموال في أمور تعود عليه بصدقة جارية، خصوصاً أن الصدقة عن الميت مطلوبة شرعاً من أهل الميت أو أصدقائه أو غيرهم، فإن ذلك ما ينفع الميت بعد موته، فلو كانت هذه الكلفة صُنع بها شيء من الصدقات الجارية، لكان ذلك خيراً كبيراً لنفع الميت ونفع المجتمع أو المسلمين أينما كانت الصدقة».

وأكد الحداد أن «المجتمع على دراية تامة بهذا، إلا أن العادة الجارية قد يصعب تركها خشية الملامة»، مطالباً بمبادرات تخفف هذا العبء الذي يعد مصيبة ثانية على بعض الناس، وذلك كمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، في الديوانيات التي أقامها في الأحياء للأعراس والتعازي والمناسبات الأخرى، فخففت من قيمة السرادقات التي تكلف عشرات الآلاف، ويبقى وضع الطعام يسيراً بالنسبة للسرادقات، ويمكن أن يعالج بالتخفيف منه، على قدر ما يكفي».

وأشار إلى «إمكانية معالجة هذا الأمر بما كان عليه وضع الناس في العهد القريب من إقامته في المساجد، على ألا يصحبه شيء من اللغو، والسوالف التي قد تصحبها غيبة أو كلام سوء، ولكن بقراءة القرآن للميت والدعاء له»، لافتاً إلى «إمكانية أن يقتصر ذوو البيوت المتوسطة، فضلاً عن الواسعة، على إقامة العزاء في بيوتهم، فذلك أجدر بالأنس والتسلية».

الأكثر مشاركة