المستشار الأسري

** تقول قارئة: يخطئ ابني فأسامحه، يكرر الخطأ فأكرر له التسامح، أبادر بالعفو فيزداد تمرداً وسوءاً في الأدب.. فماذا أفعل؟

** يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري بأنه من خلال هذه الاستشارة، وهذه التربية التي تظهر كما تبدو أنها راقية بالصفح والتسامح في حقيقتها لها عواقب مدمرة، فالأم على ما يظهر أنها تتصف بخلق عظيم وصفة رفيعة ومنحة عاطفية، كأنها بهذه الوسيلة تعالج الخلافات والنزاعات وتصحح الهفوات والزلات فهي مخطئة، لأنها وظفت التسامح بطريقة خاطئة ستنتج من خلالها نتائج سيئة، وهناك تسامح سلبي هادم للقيم مفسد للأخلاق مضيع للشخصية، فلو سرق الابن وبادرت الأم بالعفو والصفح فإنها تغرس فيه خصلة سلبية تكون في بدايتها بذرة خفية،تسقى بلا وعي منا تسامحاً وعفواً بطريقة خاطئة - تكرار الخطأ بتكرار التسامح - فتنمو وتصبح شجرة راسخة ظاهرة، وقس على ذلك كل سلوكيات الطفل السلبية المتكررة التي تُقابل بالتغافل والتسامح والصفح، وغالباً ما ينتج من خلال هذه التربية الخاطئة حسرة وندم، فإن حاول المربي تغيير التسامح السلبي الذي تم ذكره سابقاً إلى سلوك آخر سلبي مثل الضرب أو الكلام الجارح ازدادت المشكلة سوءاً وقويت الخصلة، وتماسكت جذورها، وعلت أغصانها. فعدم التسامح على تكرار خطأ الابن هو نوع من أنواع التسامح الذي يتحول في المستقبل إلى ثناء للمربي، وافتخار به، ودعاء له لأنه أبعد عنه المهلكات والموبقات، وبنى فيه تلك الشخصية الراقية التي تميز بين الصواب والخطأ، وتفرق بين الخير والشر.

يجب أن يكون التسامح بصورة تربوية، التسامح الداخلي الخفي، فالقلب لا يحمل حقداً، والصدر صافٍ من الكراهية، والنفس بعيدة عن الانتقام تجاه أخطاء الابن المتكررة، وإنما يظهر المربي عدم الرضا والارتياح والتسامح لسلوك الابن الخاطئ، وبأنه مرفوض، فيتعلم الصواب ويبتعد عن الخطأ. فالتسامح المعلن له وقته بعد تقويم السلوك، فإن تعلم الابن الصواب أظهرنا له العفو والتسامح، وهناك تسامح سلبي لا يعزز إلا السلوك السلبي ولا يربي إلا الخصال السيئة، التي قد تكون بمثابة شوكة تغرسها الأم في بناء شخصية الابن قد تجني حصادها ولو بعد حين. والتسامح السلبي له نتائج سلبية كما أن التسامح الإيجابي له نتائج إيجابية.

المستشار الأسري

الأكثر مشاركة