المستشار الأسري

-- يقول قارئ: لا أستطيع أن أفهم زوجتي، فهي غالباً لا تزعل عندما أعود إلى البيت متأخراً، وفي يوم ما تأخرت عنها، فقابلتني بانفعال شديد وصراخ وبكاء وزعل، وإلى الآن لا أستطيع فهم مشكلتها السابقة في ذلك اليوم. أرجو منكم توضيح دوافعها، وتعليل الخطأ الذي قمت به.

- يجيب المستشار الأسري، عيسى المسكري، بأن هناك تبايناً بين النظرية الفيزيائية التي تقول: لكل قوة فعل قوة رد فعل، مساوية لها في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه، وبين النظرية السلوكية في التعامل مع الأفعال وردود فعل البشر، فليس كل فعل سلبي يقابله رد فعل مشابه، فهناك تصرفات سلبية لها ردود أفعال إيجابية، كما أن بعض الأفعال الإيجابية لها ردود أفعال سلبية، فلو قمنا بتحليل هذا التصرف سنجد أن الأمر لا يفسر بطريقة سطحية، بل هناك عمق في الفهم، وبُعد في الإدراك، ونحن بصدد تأخر الزوج عن المنزل، فهل غضب الزوجة يعود إلى هذا السبب فقط، أم هناك أسباب أخرى؟ ولا نستطيع أن نستوعب الأسباب إلا إذا رجعنا إلى سجل الحياة الزوجية، فهل الزوج الذي جاء متأخراً يستحق هذا الانفعال، قد يكون التأخير سبباً من أسباب المشكلة، لكن غالباً لا يكون هو السبب الرئيس، والتعامل مع الانفعالات يعد في بعض الأوقات أمراً معقداً، لكن تزول العقد ويختفي الغموض إذا استوعبنا أن النظرية الفيزيائية التي تم ذكرها تختلف عن النظرية السلوكية في الأفعال وردودها، ولو أوضحنا هذه القضية فالحل سيكون سهلاً، فغالباً لا تحل المشكلات على حسب دوافعها الصحيحة، وإنما على حسب فهمنا القاصر، وبطريقتنا الآنية الخاطئة.

الانفعالات تعتمد على أحداث تراكمية ماضية من خلافات ونزاعات، فالمشكلة التافهة التي حدثت ما هي إلا قطرة من أمواج متلاطمة بالخلافات والنزاعات، أدت هذه القطرة إلى أن تضغط على منطقة الألم كقوة فعل لها قوة فعل آخر سلبي، عَبّر عنه صاحبُه بالعنف والصراخ، وقد تكون الحركة في النظرية الفيزيائية سريعاً ما تتوقف أو تسكن، لكن عند البشر قد تمتد هذه الردود السلبية شهوراً وربما سنوات، والزوجة في بعض الأوقات تضع ردود أفعال سلبية جاهزة مستقبلية، على حسب توقعاتها السلبية قبل عودة الزوج إلى البيت، فلو كانت أسباب الزوج منطقية أو عقلانية فلا قيمة لها ولا وزن، لأن التوقعات السلبية جعلت الزوجة في غيبوبة من أمرها، فمشكلتنا كعملة بوجهين، وجه الزوج الذي يجب أن يوضح لزوجته قبل فترة أنه سيتأخر لأسباب توضيحية مقبولة، وهنا الزوجة ستبقى ساكنة بلا اضطرابات في التفكير ولا صراع مع النفس، والوجه الثاني، الزوجة بإعطاء زوجها أعذاراً، فإن لم تجد له عذراً تصنع له أعذاراً، ولو وصلت إلى سبعين عذراً.

المستشار الأسري

الأكثر مشاركة