المرشد الأسري
■ الخلافات والمشاجرات بين أبنائي لا تنتهي، وأشعر بالعجز في التعامل مع مشكلاتهم وسلوكياتهم الذاتية.
■■ يجيب المستشار الأسري، عيسى المسكري: «كل مشكلة ولها حل، وكل حل له مهارة، وكل مهارة تحتاج إلى سعةٍ في الفهم، وصعوبة الحل تكمن في معرفة البداية التي تحتاج أولاً إلى حسن الانصات بين طرفين وقع بينهما شجار، بإعطاء كل واحد منهما فرصة كافية للتحدث عن موقفه، والتعبير عن رأيه، والدفاع عن نفسه، وأخذ معلومات وافية منهما قبل إصدار أي حكمٍ، أو التسرع في حل المشكلة، فقد تنتهي المشكلة بينهما بهذه المهارات المفقودة لدى معظم الناس.
والأبناء يأنسون برؤية أبيهم أو أمهم بهذا الأدب الرفيع، فيتعلمون منهما الرقي في التعبير عن مشاعرهم ومشكلاتهم، ويقتدون بحسن الأدب منهم في الحوار والانصات، وقد قمت بهذه التجربة فوجدتها ناجحة نافعة، وتحول الشجار إلى مدرسة لتعليم قيم التحدث ومبادئ الحوار، وقد يحتاج المخطئ إلى نظرة حادة تعبر عن عدم الرضا، لما يقوم به من سلوك خاطئ، ثم أخذ من شعر بالاعتداء بلمسة عاطفية، وضمة حانية، وما هي إلا لحظات وتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي.
ولا يتم في هذه الفترة إدخال طرف ثالث، إلا إذا احتاج المربي إلى شهادة منه أو دليل يثبت صحة الأقوال، فقد يكون الطرف الثالث ليس محايداً، إذا لم تجد فائدة من هذه المهارة، فيجب أن تنتقل إلى مهارة أخرى، وهي الانصاف في التعامل مع المخطئ بطلب الاعتذار ورد الحقوق إلى أصحابها، ولا يكون ذلك إلا بعدما يكون المربي واعياً ومدركاً ومستمعاً ناجحاً، حتى لا يشعر أحد الأبناء بالتفرقة أو الظلم، فإنه داء يتحول إلى مشكلة نفسية، وتبقى المشكلة الأولى قائمة، ويستمر النزاع والخلاف بينهما، وبدلاً من حل المشكلة تتولد منها مشكلات أخرى قد تكون نتائجها السلبية أشد ألماً من المشكلة الأولى.
وقد يلجأ بعض الآباء أو الأمهات إلى الانفعال الفوري، والانتصار للنفس، والتعامل مع المشكلة بغشاوة وضبابية، وفي هذا التصرف السلبي يأنس المخطئ، ويبكي بقهر من شعر بالظلم، ولا تجني الأسرة بهذا التصرف إلا مزيداً من المشكلات بين الأبناء، ومن أهم المهارات في حلّ هذه المشكلة أخذ الأطراف المتنازعة إلى غرفة منعزلة، وطلب معلومات منهم بكل حب وشفافية بقصد التعليم والتربية، وليس بنية الانتقام وإظهار السلطة، فما من مشكلة تحدث بين الأبناء إلا وتعد فرصة ذهبية للتعلم، ودورة متكاملة للتدرب على مهارات الحوار مع الأبناء، وحسن الإنصات إليهم، وتقوية أسلوب الاقتناع، واكتساب مهارة حل النزاع وصناعة القرار، ومعرفة شخصياتهم الضعيفة منها والقوية، ودراسة نفسياتهم الدفينة والمعلنة، والتعامل مع كل منهم بمهارات مناسبة تربوية، وسلوكيات أخلاقية راقية».
المستشار الأسري